ريمة مطهر
02-01-2011, 02:41 PM
السوبية .. مكة المكرمة
السوبية : جاء في النهاية في غريب الأثر لابن الأثير السوبية وضبطها بضم الشين وكسر الباء الموحدة وبعدها ياء تحتها نقطتان – وهي نبيذ معروف يتخذ من الحنطة وكثيراً ما يشربه أهل مصر .
والسوبية ليست من المشروبات المكية الشعبية الحديثة ، بل لها قدم تاريخي وطبي وتراثي واجتماعي في آن واحد .
وليست أيضاً من المظاهر والعادات الخاصة برمضان ، أو بزمن دون غيره ، نعم يزداد سوقها في رمضان لكونها من الأشربة التي يتعطش إليها الصائمون بشكل عام .
ولإثبات قدم السوبية وفوائدها لا بد من الرجوع إلى الأصول والمصادر التي ذكرت السوبية قديماً مع ذكر طريقة تحضيرها وفوائدها ، وما لها في جسم الإنسان من أثر .
يقول الطبيب الضرير المشهور داود بن عمر الأنطاكي المتوفى بمكة سنة 1008 هـ ، وقد أنفق عمره في تحصيل الطب ، السوبية : شراب مخصوص .
وصنعته : أن يطبخ الأرز وينخل ويطبخ على نار حتى يصير مثل العصية فينزل ويمرق بعصير الزبيب مفوهاً بالقرنفل ، وقليل من الماء القراح ، ويجعل في نحو الجرار ويستعمل بعد يومين ، وقد تعمل من الحنطة والشعير والخبز اليابس وأجودها المعمول من الأرز ، وأن يكون بالعسل ، وأن تجود طبختها وعجنها وتحريكها وأن لا تترك فوق خمسة أيام . انتهى .
ويقول في موضع آخر عن فوائدها مع ذكر بعض الأضرار التي تصاحب بعض الأطعمة والأشربة : تقطع البلغم الخام من الصدر والرئة وتفتح سَدد الكبد والطحال وعسر البول ، وتُجوِّد الهضم عن تجربة وتُهيج الباه ، وهي إذا مكثت تولِّد البخار ، والمعمولة من الذرة تحرق الأخلاط وتهزل وتولّد الحكة ، ومن الشعير تسكّن الحمّى والعطش وحرقة المعدة . انتهى . من ( تذكرة أولي لألباب والجامع للعجب العجاب ) .
وإذا أخذنا مثلاً اللبن العادي وتركناه مدة حتى تغير و( خمّج ) كما يقول المكيون ثم شربناه بعد ذلك فإنه يؤثر في صحتنا ، وكذلك كل خليط من المأكولات والمشروبات الطازجة وغيرها إذا فسد تركيبها بسبب سوء حفظها وتناولها .
وحينما سُئل صلى الله عليه وسلم عن بعض الأشربة من النبيذ لم يقل إنها حرام ، بل قال : " كل شراب أسكر فهو حرام " .
وجاء ذلك في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتعِ وهو نبيذ العسل وكان أهل اليمن يشربونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل شراب أسكر فهو حرام " . رواه البخاري في الأشربة ( 5158 ) ومسلم في الأشربة ( 3727 ) .
وقد اشتهر أهل مكة منذ زمن بعيد بعمل السوبية وبيعها خاصة في شهر رمضان ، للأسباب المذكورة ، وقد كان لها أهلها في إتقان صنعتها وتحضيرها وبيعها في أسواق مكة المكرمة قبل نصف قرن تقريباً أو أكثر ، فمنهم على سبيل المثال :
• حمزة المِجنّ ، وكان في حارة القرارة .
• باجرادة ، وكان في سوق الصغير .
• علي ياقوت ، في حارة الشبيكة .
• اللحظة ، وكان في أول المسعى .
• زكريا بن صديق ، وكان في باب الصفا .
• عم سعيد الخضري ، والبسيوني ، في حارتي الباب وجرول في السنين الأخيرة .
المرجع
صور من تراث مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري ، الجزء الأول ، عبد الله محمد أبكر . بتصرف .
السوبية : جاء في النهاية في غريب الأثر لابن الأثير السوبية وضبطها بضم الشين وكسر الباء الموحدة وبعدها ياء تحتها نقطتان – وهي نبيذ معروف يتخذ من الحنطة وكثيراً ما يشربه أهل مصر .
والسوبية ليست من المشروبات المكية الشعبية الحديثة ، بل لها قدم تاريخي وطبي وتراثي واجتماعي في آن واحد .
وليست أيضاً من المظاهر والعادات الخاصة برمضان ، أو بزمن دون غيره ، نعم يزداد سوقها في رمضان لكونها من الأشربة التي يتعطش إليها الصائمون بشكل عام .
ولإثبات قدم السوبية وفوائدها لا بد من الرجوع إلى الأصول والمصادر التي ذكرت السوبية قديماً مع ذكر طريقة تحضيرها وفوائدها ، وما لها في جسم الإنسان من أثر .
يقول الطبيب الضرير المشهور داود بن عمر الأنطاكي المتوفى بمكة سنة 1008 هـ ، وقد أنفق عمره في تحصيل الطب ، السوبية : شراب مخصوص .
وصنعته : أن يطبخ الأرز وينخل ويطبخ على نار حتى يصير مثل العصية فينزل ويمرق بعصير الزبيب مفوهاً بالقرنفل ، وقليل من الماء القراح ، ويجعل في نحو الجرار ويستعمل بعد يومين ، وقد تعمل من الحنطة والشعير والخبز اليابس وأجودها المعمول من الأرز ، وأن يكون بالعسل ، وأن تجود طبختها وعجنها وتحريكها وأن لا تترك فوق خمسة أيام . انتهى .
ويقول في موضع آخر عن فوائدها مع ذكر بعض الأضرار التي تصاحب بعض الأطعمة والأشربة : تقطع البلغم الخام من الصدر والرئة وتفتح سَدد الكبد والطحال وعسر البول ، وتُجوِّد الهضم عن تجربة وتُهيج الباه ، وهي إذا مكثت تولِّد البخار ، والمعمولة من الذرة تحرق الأخلاط وتهزل وتولّد الحكة ، ومن الشعير تسكّن الحمّى والعطش وحرقة المعدة . انتهى . من ( تذكرة أولي لألباب والجامع للعجب العجاب ) .
وإذا أخذنا مثلاً اللبن العادي وتركناه مدة حتى تغير و( خمّج ) كما يقول المكيون ثم شربناه بعد ذلك فإنه يؤثر في صحتنا ، وكذلك كل خليط من المأكولات والمشروبات الطازجة وغيرها إذا فسد تركيبها بسبب سوء حفظها وتناولها .
وحينما سُئل صلى الله عليه وسلم عن بعض الأشربة من النبيذ لم يقل إنها حرام ، بل قال : " كل شراب أسكر فهو حرام " .
وجاء ذلك في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتعِ وهو نبيذ العسل وكان أهل اليمن يشربونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل شراب أسكر فهو حرام " . رواه البخاري في الأشربة ( 5158 ) ومسلم في الأشربة ( 3727 ) .
وقد اشتهر أهل مكة منذ زمن بعيد بعمل السوبية وبيعها خاصة في شهر رمضان ، للأسباب المذكورة ، وقد كان لها أهلها في إتقان صنعتها وتحضيرها وبيعها في أسواق مكة المكرمة قبل نصف قرن تقريباً أو أكثر ، فمنهم على سبيل المثال :
• حمزة المِجنّ ، وكان في حارة القرارة .
• باجرادة ، وكان في سوق الصغير .
• علي ياقوت ، في حارة الشبيكة .
• اللحظة ، وكان في أول المسعى .
• زكريا بن صديق ، وكان في باب الصفا .
• عم سعيد الخضري ، والبسيوني ، في حارتي الباب وجرول في السنين الأخيرة .
المرجع
صور من تراث مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري ، الجزء الأول ، عبد الله محمد أبكر . بتصرف .
