ريمة مطهر
04-27-2011, 07:28 PM
صالح
رغت الناقة وصاح جبريل
قال تعالى : { إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبّئهم أن الماء قسمة بينهم , كلّ شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * انّا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتضر } القمر 27-31.
1. المعجزة
إن الله سبحانه وتعالى عندما يؤيد رسله وأنبياءه بالمعجزات فإنه لا يتحدى بها فرداً واحداً , ولكنه يتحدى أمة بأكملها , إنه يطلب منهم أن يستعين بعضهم ببعض إن استطاعوا , ولن يستطيعوا .
وحتى لا يقول الكفار : لقد جاء نبي يدعو الرسالة بشيء لم نتقنه وننبغ فيه , ولو تعلمناه لجئنا بمثل هذه المهجزة , جاءهم بشيء تعلموه بل ونبغوا فيه واشتهروا بفعله , ثم بعد ذلك تحداهم به , لكنهم يعجزون !!
ومعنى التحدي هو إثارة حماس القوى المعارضة لتفعل والقوى المعارضة هي الكفار , أو غير المؤمنين .
لقد تحدّاهم علناً , لتهيج نفوسهم أمام الناس , ويحاولوا قدر طاقاتهم أن يأتوا بمثل المعجزة ويحشدوا لها طاقاتهم , بل ويجنّدوا لها للرد عليها , ولكنهم مع كل ذلك , ورغم كل ذلك يعجزون .
وإذا كان صالح عليه السلام قد احتاج من الله عز وجلّ معجزة , كي يعزز دعوته ورسالته بالحجة التي لا ترد فإننا يجب أن نعرف معنى المعجزة وما هي المعجزة ؟
( ومعنى المعجزة أن يأتي الله سبحانه وتعالى على يد رسول من البشر بأمر خارق ليثبت بها صدق بلاغ هذا الرسول عن الله عز وجل , فكان الرسول يقول : أنا لم أعرف بينكم بما نبغتم فيه , ولكني أتيت بشيء لا تقدرون عليه . وأنا أتحداكم أن تجتمعوا جميعاً وتستعينوا بعضكم ببعض .. ولن تقدروا على الاتيان بهذ المعجزة . وهذ دليل صدقي في التبليغ عن الله .. إن أعوزكم الدليل , وكنتم في شك مما أقول ) . معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ محمد متولي الشعراوي .
نعود إلى صالح عليه السلام الذي أرسله الله تعالى إلى قوم ثمود , وثمود قبيلة كبيرة كانت تعبد الأصنام , فأرسل الله سيدنا صالحاً إليهم , وقال صالح لقومه : { يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} .هود61.
قال لهم صالح نفس الكلمة التي يقولها كل نبي لقومه , هي هي لا تتغيّر ولا تتبدّل { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } , وكانت دعوة صالح عليه السلام مفاجأة لهم , لأنه يتهم آلهتهم ويقول أنها بلا قيمة , وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده , وأحدثت دعوته هزة كبيرة في مجتمعهم وكان صالح معروفاً بينهم بالحكمة والنقاء والخير , فكان يحظى باحترامهم جميعاً قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم . ولذلك فإنهم توجهوا إليه بالحديث فقالوا : { قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوّا قبل هذا , أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب } . هود 62.
لقد استنكروا على صالح أن يقول هذا , وقالوا : هذا الرجل الذي كان لنا رجاء حسناً فيه لعلمه وعقله وصدقه وحسن تدبيره , يصدر منه مثل هذا الكلام , أيعقل هذا ؟ لقد خاب رجاؤنا فيك يا صالح .. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ؟ وظلوا يستنكرون ما هو حق وواجب , ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده .
لم تكن لديهم حجج ولا براهين في الرد على صالح , سوى هذا التفكير وهذه الكلمات , فقط هم غاضبون ومندهشون لأن الآلهة التي يريد أن يبعدهم عنها صالح كان آباؤهم وأجدادهم يعبدونها !!
حطم صالح عليه السلام جدار الجهل الذي يستظلون به وحطم العادات المهلكة والتقاليد البالية التي سيطرت على عقولهم عن التفكير نهائياً فما أن أثار صالح عليه السلام حركة هذه العقول لتفكر , وتتدبر أمراً بّيناً واضحاً , ما أن فعل هذا حتى استشاط غضبهم , واختلطت الحيرة بالغضب واليأس والطيش , فصاروا لا يدركون ما يقولون , لأنهم أمام خيارين إما تتفتح عقولهم وتقبل ما يقوله صالح عليه السلام أو يتركوا هذه العقول تتحجر وتقف عند أفكار السابقين وخرافاتهم , وأوهام العادات والتقاليد المستقرّة في رؤوسهم حتى أنه تمكّنت لدرجة الجهل المطبق .
وكانت دعوة صالح لهم واضحة وضوح الشمس , فهي دعوة التوحيد في صميمها , وهي إعلان مباشر بحرية العقل وحرية التفكير وحرية الاختيار فهذه الحجج بين أيديهم الله واحد , خالق كل شيء , لا شريك له وهو النافع وهو الرازق وهو الرحيم - أمام حجر لا ينفع ولا يضر من صنع من يعبدونه , وهو من خلق الله سبحانه عز وجلّ .
وقد ساق صالح عليه السلام حججاً يعيشونها فقال لهم : { اعبدوا الله ما لكم من اله غيره } .
ثم ذكرهم بالنعم فقال : { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوّأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً } .
وذكّرهم بنعم الله فقال : { فاذكروا ءالاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين } .
أي إنما جعلكم الله خلفاء من بعد قوم عاد لتعتبروا بما كان من أمرهم , وتعملوا بخلاف ما عملوا , وأباح لكم الأرض تبنون من سهولها قصوراً , وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين أي متميّزين وحاذقين في صنعها واتقانها واحكامها , فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح , والعبادة له وحده لا شريك له , وايّاكم ومخالفته والعدول عن طاعته , فإن عاقبة ذلك وخيمة . قصص الأنبياء لابن كثير 100-102.
ولهذا وعظهم صالح بقوله : { أتتركون في ما ههنا آمنين* في جنّات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم } .
أي متراكم كثير حسن بهيّ ناضج .
ولما عارضوه وقالوا : إنك كنت فيناً عاقلاً وحكيماً إلى آخر هذه الحجج الضعيفة التي يردون هم عليها دون أن يشعرون , لما قالوا ذلك تلطف صالح في رده عليهم وألان لهم الجانب , فقال لهم : { يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدوني غير تخسير } .
قال لهم : فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم اليه ؟ ماذا يكون عذركم عند الله ؟ وماذا يخلصكم بين يديه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعاءكم إلى طاعته ؟ وأنا لا يمكنني هذا لأنه واجب عليّ لو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني منه ولا ينصرني , فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له , حتى يحكم الله بيني وبينكم . المصدر السابق .
ولكنهم بعد ذلك اتهموا صالح بأن له سحراً , أو أنه مسحور لا يدري ما يقول في دعائه لهم إلى إفراد العبادة لله وحده , وترك ما سواه من الأصنام والأنداد .
ظلوا يقولون له هكذا ويعارضونه يميناً ويساراً وصالح عليه السلام يدعو ليل نهار , ويأتي بالحجج من هنا والأخرى من هناك , لعلهم يرجعون عما هم فيه .
طلب منهم أن يستغفروا الله عسى الله أن يغفر لهم ذنوبهم , وطلب منهم أن يتوبوا إليه , ويقلعوا عما هم فيه ويقبلوا على عبادته , فإن فعلوا ذلك , فإنه عز وجل يقبل منهم ويتجاوز عنهم وقال لهم : { انّ ربّي قريب مجيب } .
ولكن كل هذا دون جدوى , وأحس صالح عليه السلام أن الأمر قد صعب تماماً , وأن الأمور تسير إلى الاتجاه الأسوأ فكلما دعا هؤلاء تمرّدوا وتملّصوا وجادلوا في أمر من أمور جاهليّتهم في جدال لا ينقطع ولا تنفع معه الحجة والوضوح لأن الطرف الآخر الذي هو شريك في هذا الحوار طمس الله على عقولهم , ولم يعودوا يتفكّرون في أمر أو يتدبّرون شيئاً أبداً كان لا بد لهم من معجزة تعجزهم وتخرس ألسنتهم , تكون خارقة فلا تتحرّك ألسنتهم بجدل أبداً , وجاء الحل على لسانهم فقالوا لصالح عليه السلام : { فأت بآية إن كنت من الصادقين } .
طلبوا منه أن يأتيهم بخارق يدلّ على صدق ما جاءهم به .
رغت الناقة وصاح جبريل
قال تعالى : { إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبّئهم أن الماء قسمة بينهم , كلّ شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * انّا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتضر } القمر 27-31.
1. المعجزة
إن الله سبحانه وتعالى عندما يؤيد رسله وأنبياءه بالمعجزات فإنه لا يتحدى بها فرداً واحداً , ولكنه يتحدى أمة بأكملها , إنه يطلب منهم أن يستعين بعضهم ببعض إن استطاعوا , ولن يستطيعوا .
وحتى لا يقول الكفار : لقد جاء نبي يدعو الرسالة بشيء لم نتقنه وننبغ فيه , ولو تعلمناه لجئنا بمثل هذه المهجزة , جاءهم بشيء تعلموه بل ونبغوا فيه واشتهروا بفعله , ثم بعد ذلك تحداهم به , لكنهم يعجزون !!
ومعنى التحدي هو إثارة حماس القوى المعارضة لتفعل والقوى المعارضة هي الكفار , أو غير المؤمنين .
لقد تحدّاهم علناً , لتهيج نفوسهم أمام الناس , ويحاولوا قدر طاقاتهم أن يأتوا بمثل المعجزة ويحشدوا لها طاقاتهم , بل ويجنّدوا لها للرد عليها , ولكنهم مع كل ذلك , ورغم كل ذلك يعجزون .
وإذا كان صالح عليه السلام قد احتاج من الله عز وجلّ معجزة , كي يعزز دعوته ورسالته بالحجة التي لا ترد فإننا يجب أن نعرف معنى المعجزة وما هي المعجزة ؟
( ومعنى المعجزة أن يأتي الله سبحانه وتعالى على يد رسول من البشر بأمر خارق ليثبت بها صدق بلاغ هذا الرسول عن الله عز وجل , فكان الرسول يقول : أنا لم أعرف بينكم بما نبغتم فيه , ولكني أتيت بشيء لا تقدرون عليه . وأنا أتحداكم أن تجتمعوا جميعاً وتستعينوا بعضكم ببعض .. ولن تقدروا على الاتيان بهذ المعجزة . وهذ دليل صدقي في التبليغ عن الله .. إن أعوزكم الدليل , وكنتم في شك مما أقول ) . معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ محمد متولي الشعراوي .
نعود إلى صالح عليه السلام الذي أرسله الله تعالى إلى قوم ثمود , وثمود قبيلة كبيرة كانت تعبد الأصنام , فأرسل الله سيدنا صالحاً إليهم , وقال صالح لقومه : { يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} .هود61.
قال لهم صالح نفس الكلمة التي يقولها كل نبي لقومه , هي هي لا تتغيّر ولا تتبدّل { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } , وكانت دعوة صالح عليه السلام مفاجأة لهم , لأنه يتهم آلهتهم ويقول أنها بلا قيمة , وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده , وأحدثت دعوته هزة كبيرة في مجتمعهم وكان صالح معروفاً بينهم بالحكمة والنقاء والخير , فكان يحظى باحترامهم جميعاً قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم . ولذلك فإنهم توجهوا إليه بالحديث فقالوا : { قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوّا قبل هذا , أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب } . هود 62.
لقد استنكروا على صالح أن يقول هذا , وقالوا : هذا الرجل الذي كان لنا رجاء حسناً فيه لعلمه وعقله وصدقه وحسن تدبيره , يصدر منه مثل هذا الكلام , أيعقل هذا ؟ لقد خاب رجاؤنا فيك يا صالح .. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ؟ وظلوا يستنكرون ما هو حق وواجب , ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده .
لم تكن لديهم حجج ولا براهين في الرد على صالح , سوى هذا التفكير وهذه الكلمات , فقط هم غاضبون ومندهشون لأن الآلهة التي يريد أن يبعدهم عنها صالح كان آباؤهم وأجدادهم يعبدونها !!
حطم صالح عليه السلام جدار الجهل الذي يستظلون به وحطم العادات المهلكة والتقاليد البالية التي سيطرت على عقولهم عن التفكير نهائياً فما أن أثار صالح عليه السلام حركة هذه العقول لتفكر , وتتدبر أمراً بّيناً واضحاً , ما أن فعل هذا حتى استشاط غضبهم , واختلطت الحيرة بالغضب واليأس والطيش , فصاروا لا يدركون ما يقولون , لأنهم أمام خيارين إما تتفتح عقولهم وتقبل ما يقوله صالح عليه السلام أو يتركوا هذه العقول تتحجر وتقف عند أفكار السابقين وخرافاتهم , وأوهام العادات والتقاليد المستقرّة في رؤوسهم حتى أنه تمكّنت لدرجة الجهل المطبق .
وكانت دعوة صالح لهم واضحة وضوح الشمس , فهي دعوة التوحيد في صميمها , وهي إعلان مباشر بحرية العقل وحرية التفكير وحرية الاختيار فهذه الحجج بين أيديهم الله واحد , خالق كل شيء , لا شريك له وهو النافع وهو الرازق وهو الرحيم - أمام حجر لا ينفع ولا يضر من صنع من يعبدونه , وهو من خلق الله سبحانه عز وجلّ .
وقد ساق صالح عليه السلام حججاً يعيشونها فقال لهم : { اعبدوا الله ما لكم من اله غيره } .
ثم ذكرهم بالنعم فقال : { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوّأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً } .
وذكّرهم بنعم الله فقال : { فاذكروا ءالاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين } .
أي إنما جعلكم الله خلفاء من بعد قوم عاد لتعتبروا بما كان من أمرهم , وتعملوا بخلاف ما عملوا , وأباح لكم الأرض تبنون من سهولها قصوراً , وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين أي متميّزين وحاذقين في صنعها واتقانها واحكامها , فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح , والعبادة له وحده لا شريك له , وايّاكم ومخالفته والعدول عن طاعته , فإن عاقبة ذلك وخيمة . قصص الأنبياء لابن كثير 100-102.
ولهذا وعظهم صالح بقوله : { أتتركون في ما ههنا آمنين* في جنّات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم } .
أي متراكم كثير حسن بهيّ ناضج .
ولما عارضوه وقالوا : إنك كنت فيناً عاقلاً وحكيماً إلى آخر هذه الحجج الضعيفة التي يردون هم عليها دون أن يشعرون , لما قالوا ذلك تلطف صالح في رده عليهم وألان لهم الجانب , فقال لهم : { يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدوني غير تخسير } .
قال لهم : فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم اليه ؟ ماذا يكون عذركم عند الله ؟ وماذا يخلصكم بين يديه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعاءكم إلى طاعته ؟ وأنا لا يمكنني هذا لأنه واجب عليّ لو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني منه ولا ينصرني , فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له , حتى يحكم الله بيني وبينكم . المصدر السابق .
ولكنهم بعد ذلك اتهموا صالح بأن له سحراً , أو أنه مسحور لا يدري ما يقول في دعائه لهم إلى إفراد العبادة لله وحده , وترك ما سواه من الأصنام والأنداد .
ظلوا يقولون له هكذا ويعارضونه يميناً ويساراً وصالح عليه السلام يدعو ليل نهار , ويأتي بالحجج من هنا والأخرى من هناك , لعلهم يرجعون عما هم فيه .
طلب منهم أن يستغفروا الله عسى الله أن يغفر لهم ذنوبهم , وطلب منهم أن يتوبوا إليه , ويقلعوا عما هم فيه ويقبلوا على عبادته , فإن فعلوا ذلك , فإنه عز وجل يقبل منهم ويتجاوز عنهم وقال لهم : { انّ ربّي قريب مجيب } .
ولكن كل هذا دون جدوى , وأحس صالح عليه السلام أن الأمر قد صعب تماماً , وأن الأمور تسير إلى الاتجاه الأسوأ فكلما دعا هؤلاء تمرّدوا وتملّصوا وجادلوا في أمر من أمور جاهليّتهم في جدال لا ينقطع ولا تنفع معه الحجة والوضوح لأن الطرف الآخر الذي هو شريك في هذا الحوار طمس الله على عقولهم , ولم يعودوا يتفكّرون في أمر أو يتدبّرون شيئاً أبداً كان لا بد لهم من معجزة تعجزهم وتخرس ألسنتهم , تكون خارقة فلا تتحرّك ألسنتهم بجدل أبداً , وجاء الحل على لسانهم فقالوا لصالح عليه السلام : { فأت بآية إن كنت من الصادقين } .
طلبوا منه أن يأتيهم بخارق يدلّ على صدق ما جاءهم به .