خالد محمود علوي
04-20-2011, 09:45 PM
التبني في الإسلام
إن التبني يقصد به تكريم الشخص وتشريفـه في عرف الجاهلية ، وحينما جاءت شريعة الإسلام لم تقره لأسباب قد تتعارض مع إقرار التبني . فمدلول التبني في الإسلام حفظ الأنساب والمواريث من الاختـلاط .. وهذا غـاية التكريـم والتشريـف للإنسان . قال تعالى { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} ( آية 5 : الأحزاب ) . فانتساب الأبناء إلى آبائهم هو العدل والتكريم عند الله عز وجل .
قصة زيد بن حارثة t أكبر دليل في الإسلام على ذلك فقد كان زيد مولى أو عبداً لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، ووهبته لسيدنا رسول الله r ، ثم علم أهله .. الذين كانوا يبحثون عنه أنه في مكة .. وكان قد خُطف صغيراً من بلده ، وبيع في مكة كعادة العرب في الجاهلية مع الرقيق – فلما علموا بذلك ذهبوا إلى رسول الله r : ليستردوا ابنهم ، فقال لهم رسول الله r« والله إني لأخيره ، فإن اختاركم فخذوه ، وإن اختارني فهو لي » فاختار زيد أن يبقى مع رسول الله r .
ولم يكن رسول الله r بعد ذلك ليفرط فيه ، فأعطاه شرف البنوة ، وأسماه زيد بن محمد .. والقصة ( إن حارثة بن شراحيل جاء هو وأخوه كعب – عم زيد – إلى رسول الله r بمكة ، وذلك – قبل الإسلام - ، فقالا له : « يا ابن عبد المطلب ، يا ابن سيد قومه ، أنتم جيران الله ، تفكون العاني ، وتطعمون الجائع ، وقد جئناك في ابننا عبدك ، فتحسن إلينا في فدائه » . فقال r« أو غير ذلك » ؟ فقالا : وما هو ؟ فقال r « ادعوه وأخبروه ، فإن اختاركما فذلك ، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً » فقال له : قد زدت على النصف . فدعاه رسول الله r فلما جاء ، قال r « من هذان ؟ » فقال : هذا أبي حارثة بن شراحيل ، وهذا عمي كعب بن شراحيل . فقال r « قد خيرتك إن شئت ذهبت معهما ، وإن شئت أقمت معي » فقال ك بل أقيم معك ، فقال له أبوه : يا زيد !! أتختار العبودية على أبيك وأمك وبلدك وقومك ؟ فقال : إني قد رأيت من هذا الرجل شيئاً ، وما أنا بالذي أفارقه أبداً . فعند ذلك أخذ رسول الله r بيده .. وقام به إلى الملأ من قريش . فقال : « اشهدوا أن هذا ابني وارثاً وموروثاً » فطابت نفس أبيه عند ذلك ، وكان يدعى زيد بن محمد ، حتى أنزل الله تعالى { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} .
وهذا كان رأي النبي r وسيلة تكريم ، ولكن الله عز وجل يريد أمراً غير هذا ، فقال سبحانه وتعالى : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُـولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُـلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ( آية 40 : الأحزاب ) .
لأن الأبوة بالتبني قد تحدث خلطاً في الأنساب ، فالابن بالتبني له حقوق .. كمثل حق الزواج من ابنة من تبناه ، فكيف نمنع عنه هذا الحق ، والابن بالتبني قد تحرم عليه زوجة من تبناه – إن رحل عنها أو طلقها - .
لذلك شاء الحق سبحانه وتعالى أن يحفظ للأنساب حقوقها ومسئولياتها ، فقال سبحانه : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} .
ومهمته r كرسول من الله .. بالنسبة لكم – أيها الناس – أفضل من الأبوة لكم .. قال الحق سبحانه في تعديـل حكـم التبني : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ } ( آية 5 : الأحزاب ) .
وهذا رد حكيم من رسول الله r وتكريم أحكم لرسول الله r ، فما صنعه النبي r عدل وقسط بعرف البشر ، لكن حكم الله سبحانه وتعالى هو الأقسط والأعدل حيث ينتهي بذلك نسب زيد من محمد ، ويعود إلى نسبه الفعلي زيد بن حارثة .
وحتى لا يؤثر هذا الأمر في نفس زيد t ، نجد الحق سبحانه يكرمه تكريماً لم يكرمه لصحابي غيره ، فهو الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه بالشخص والعلم في القرآن ، فقال الحق سبحانه : { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } ( الآية 37 : الأحزاب ) .
وصار اسم زيد كلمة في القرآن – الذي نتعبد الله تعالى به – تتلى ، ويجهر بها في الصلاة .. فإذا كان قد نفي عنه النسب إلى محمد r ، فقد أعطاه ذكراً ثانياً خالداً في القرآن المحفوظ ، ومنحه بذلك شرفاً كبيراً .
المرجع
آخر الكلام نظرات من نافذة الحياة - خالد محمود علوي
إن التبني يقصد به تكريم الشخص وتشريفـه في عرف الجاهلية ، وحينما جاءت شريعة الإسلام لم تقره لأسباب قد تتعارض مع إقرار التبني . فمدلول التبني في الإسلام حفظ الأنساب والمواريث من الاختـلاط .. وهذا غـاية التكريـم والتشريـف للإنسان . قال تعالى { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} ( آية 5 : الأحزاب ) . فانتساب الأبناء إلى آبائهم هو العدل والتكريم عند الله عز وجل .
قصة زيد بن حارثة t أكبر دليل في الإسلام على ذلك فقد كان زيد مولى أو عبداً لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، ووهبته لسيدنا رسول الله r ، ثم علم أهله .. الذين كانوا يبحثون عنه أنه في مكة .. وكان قد خُطف صغيراً من بلده ، وبيع في مكة كعادة العرب في الجاهلية مع الرقيق – فلما علموا بذلك ذهبوا إلى رسول الله r : ليستردوا ابنهم ، فقال لهم رسول الله r« والله إني لأخيره ، فإن اختاركم فخذوه ، وإن اختارني فهو لي » فاختار زيد أن يبقى مع رسول الله r .
ولم يكن رسول الله r بعد ذلك ليفرط فيه ، فأعطاه شرف البنوة ، وأسماه زيد بن محمد .. والقصة ( إن حارثة بن شراحيل جاء هو وأخوه كعب – عم زيد – إلى رسول الله r بمكة ، وذلك – قبل الإسلام - ، فقالا له : « يا ابن عبد المطلب ، يا ابن سيد قومه ، أنتم جيران الله ، تفكون العاني ، وتطعمون الجائع ، وقد جئناك في ابننا عبدك ، فتحسن إلينا في فدائه » . فقال r« أو غير ذلك » ؟ فقالا : وما هو ؟ فقال r « ادعوه وأخبروه ، فإن اختاركما فذلك ، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً » فقال له : قد زدت على النصف . فدعاه رسول الله r فلما جاء ، قال r « من هذان ؟ » فقال : هذا أبي حارثة بن شراحيل ، وهذا عمي كعب بن شراحيل . فقال r « قد خيرتك إن شئت ذهبت معهما ، وإن شئت أقمت معي » فقال ك بل أقيم معك ، فقال له أبوه : يا زيد !! أتختار العبودية على أبيك وأمك وبلدك وقومك ؟ فقال : إني قد رأيت من هذا الرجل شيئاً ، وما أنا بالذي أفارقه أبداً . فعند ذلك أخذ رسول الله r بيده .. وقام به إلى الملأ من قريش . فقال : « اشهدوا أن هذا ابني وارثاً وموروثاً » فطابت نفس أبيه عند ذلك ، وكان يدعى زيد بن محمد ، حتى أنزل الله تعالى { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} .
وهذا كان رأي النبي r وسيلة تكريم ، ولكن الله عز وجل يريد أمراً غير هذا ، فقال سبحانه وتعالى : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُـولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُـلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ( آية 40 : الأحزاب ) .
لأن الأبوة بالتبني قد تحدث خلطاً في الأنساب ، فالابن بالتبني له حقوق .. كمثل حق الزواج من ابنة من تبناه ، فكيف نمنع عنه هذا الحق ، والابن بالتبني قد تحرم عليه زوجة من تبناه – إن رحل عنها أو طلقها - .
لذلك شاء الحق سبحانه وتعالى أن يحفظ للأنساب حقوقها ومسئولياتها ، فقال سبحانه : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} .
ومهمته r كرسول من الله .. بالنسبة لكم – أيها الناس – أفضل من الأبوة لكم .. قال الحق سبحانه في تعديـل حكـم التبني : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ } ( آية 5 : الأحزاب ) .
وهذا رد حكيم من رسول الله r وتكريم أحكم لرسول الله r ، فما صنعه النبي r عدل وقسط بعرف البشر ، لكن حكم الله سبحانه وتعالى هو الأقسط والأعدل حيث ينتهي بذلك نسب زيد من محمد ، ويعود إلى نسبه الفعلي زيد بن حارثة .
وحتى لا يؤثر هذا الأمر في نفس زيد t ، نجد الحق سبحانه يكرمه تكريماً لم يكرمه لصحابي غيره ، فهو الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه بالشخص والعلم في القرآن ، فقال الحق سبحانه : { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } ( الآية 37 : الأحزاب ) .
وصار اسم زيد كلمة في القرآن – الذي نتعبد الله تعالى به – تتلى ، ويجهر بها في الصلاة .. فإذا كان قد نفي عنه النسب إلى محمد r ، فقد أعطاه ذكراً ثانياً خالداً في القرآن المحفوظ ، ومنحه بذلك شرفاً كبيراً .
المرجع
آخر الكلام نظرات من نافذة الحياة - خالد محمود علوي