شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الشورى


خالد محمود علوي
04-20-2011, 09:41 PM
الشورى


لقد احتضن الإسلام مبدأ الشورى في صدر دعوته ومع إشراق رسالته .. فتألفت دار الأرقم بن أبي الأرقم في مكة المكرمة بالتعاون والتشاور ، والتقت فيها الآراء التي تنشد الخير والانتشار لدعوة الإسلام .. فكانت هذه الدار أول مجلس للشورى بين جماعة المسلمين ، يشد كل فرد فيه أزر أخيه ويتخذ كل مسلم من صاحبه قوة ، بها يعتز وفي ظلها ومنها ينطلق بالفكر الأرشد والرأي الأصوب .
وفي إطار دعوة الإسلام إلى الأخذ بمبدأ الشورى دعوة لمكارم الصفات التي تحقق للإنسان أمنه في دنياه وفوزه برضوان الله تعالى يوم أن يلقاه .
فكان هذا التوجيه الرباني الذي جمع بين شعيرة المشورة وفريضتي الصلاة والزكاة حتى لا يعتبرها البعض نافلة من نوافل التشريع – من شـاء حـرص عليها ومن شـاء أعـرض – قال تعالى {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} ( الشورى : آية 38 ) .
وتشريعاً لهذه الشعيرة الاجتماعية الإسلامية جاء هذا الأمر الكريم الموجه من رب العالمين إلى صفوة المرسلين أشرف خلق الله أجمعين r الكامل المكمل علماً وعملاً ونظراً وفكراً ، فقال عز من قائل لنبيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } .
وما أحكم قول الحسن البصري t في هذه الآية الكريمة : أمره سبحانه بمشورتهم ليستن به المسلمون ويتبعه المؤمنون .. وإن كان عن مشورتهم غنياً .
ولو لم يكن في المشورة سوى الامتثال لأمر الله تعالى والتأسي برسوله r وبركة الاستجابة لما دعا إليه كتاب الله تعالى لكان في ذلك البني والكفاية .. ولكنها مع هذا الفضل الغامر فيها أنس الحائر وراحة الضمائر وأمن الخائف ومساندة الرأي بما يزكيه أو ينقيه ويقويه . فإذا بالحياة سخية وإذا بالأفكار سوية وإذا بالفرد قوي بإخوانه عزيز بأفكارهم وآرائهم وثمار تجاربهم في معترك هذه الحياة . فإذا التقت شمعة عقلك وفكرك مع أفكار الآخرين امتد الضوء واتسع النور واعتصم كل رأي بآراء الآخرين فتتناصح الآراء وتتعاون على البر والتقوى .. فالرأي مع الرأي قوة والفكر مع الفكر عزيمة والمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه . ولقد أثنى الله عز وجل على المؤمنين وامتدح فيهم ما التزموا به من حميد الخصال التي تنمي فيهم حصاد الفكر ونتائج الخبرات التي يكتسبها الإنسان في سيرته لتكون أصلاً في حياة مهتمة بالتطبيق والتعميم ، ونبراساً لمن يرغب في الانتفاع بأفكار الآخرين بالمشورة المتأنية التي تلتقي عندها الأفكار وتتفجر الحكم وينقد الذهن فتأمن الحياة ويستقر أمر المجتمع ..
وفي الأثر : ما تشاور قوم إلا هُدوا لأرشد منهم .
وتقديراً من الرسول r لأمر الشورى وحثاً على الأخذ بها والانتفاع بثمارها روى أحمد بسنده عن النبي r أنه قال لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما : « لو اجتمعنا في مشورة ما خالفتكما » .


المرجع
آخر الكلام نظرات من نافذة الحياة - خالد محمود علوي