أماكن وجود الشقادف والدواب في مكة المكرمة

توجد الشقادف عند أهلها الذين يصنعونها ويؤجرونها على المحتاجين إليها ، وللذين ينقلون الناس إلى الأماكن البعيدة من مكة إلى المدينة المنورة ، أو إلى جدة ، أماكن تجمع وانطلاق مع دوابهم ، منها ( قهوة الحمّارة بالشبيكة ) ولهم فيها أيضاً شيخ يلجؤون إليه عند الحاجة ، كما لهم محطات يقفون عندها أثناء السفر ، وكانوا يفرقون بين الدواب المسافرة إلى جدة والمسافرة إلى المدينة ، أيضاً يختارون الدواب الجيدة المتمرنة على السفر ومعرفة الطريق ، وربما أطلق صاحب الدابة لدابته العنان فتسير في الطريق وحدها ، لأنها قد عرفت الطريق بالمرور المتكرر ، وهذا معروف في بعض الدابة أنها لا تضل الطريق الذي مشته مرة واحدة ، بل إذا جاءت مكان مورد الماء خفضت السير قليلاً ، حتى تقف ، ويفهم من ذلك أنها وصلت إلى مورد ماء ، وبهذا يستدل أصحابها زيادة على الطريق ، وكم قطعوا من المسافة ؟ إنها حوائج تقضى بالإشارة بين الدابة وأصحابها ، والكل يفهم صاحبه ، فسبحان الذي فهم سليمان منطق الطير .

ويرجع تاريخ استئجار الدواب وكسب الأجر عن طريق النقل عليها بمكة إلى صدر الإسلام ، والعهد الأموي حيث : ( أن بعض أهل مكة يكسبون أجراً عن طريق المسافرين والبضائع وإكراء دوابهم ، فمن هؤلاء الجمالين وأصحاب الإبل ومن عرف بذلك في مكة عند ظهور الإسلام عمر بن الخطاب فكان يكري الناس الإبل والحمير ويأخذ الأجر .. وفي العهد الأموي كان أبو العرجا الجمال يكري جماله ، وكان بعض المكرين يشترطون الأجر عند الإكراء على قدر المسافة التي تقطعها الدابة وقد يطلب المستأجر ليلاً فيشترط عليه نفقته وطعامه علاوة على أجره .

أما الحمارون فكانوا ينقلون البضائع بسرعة تفوق سرعة الجمالة ، وقد ورد ذكر الحمارين وأصحاب الحمر عند ردم آل أسيد - وذكر الأصبهاني أن الركبان كانوا يحملون الفاكهة من الطائف إلى مكة ، وردم آل عبد الله ابن أسيد قرب أذاخر - حي الجعفرية اليوم ) ولعل هذا مكان حراج الحمير المعروف بالخريق ؛ لأن الوصف قريب منه ، وإذا صح هذا يكون حراج الحمير موجوداً في هذا المكان منذ صدر الإسلام والعهد الأموي ، إلى أن انتقل في القرن الرابع عشر الهجري إلى محله الأخير بجرول ، ولا يوجد الآن له أي أثر .

المرجع
صور من تراث مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري ، الجزء الأول ، عبد الله محمد أبكر . بتصرف .