شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : تطور الكتابة العربية


ريمة مطهر
04-03-2011, 07:59 PM
تطور الكتابة العربية

عرفت العرب الكتابة في جاهليتها ، وعدَّتها شرطًا في كمال الرجل العربي ، مثل معرفة السباحة والرماية وركوب الخيل ، وتعود معرفتهم بالكتابة إلى اتصالهم بالأمم المتحضرة في بلاد اليمن وتخوم الشام ، فأنشؤوا ممالكهم على أطراف تلك البلاد ، وكانت مملكة النَّبَط إحدى هذه الممالك التي قامت على أطراف بلاد الشام في الناحية الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية (169ق م - 106م) واتخذت البتراء (( سلع )) عاصمة لها ، وكانت لهم صِلات بالآراميين ؛ فتأثروا بهم ، وتحدَّثوا لغتهم ، واستنبطوا لأنفسهم خطًا خاصًا بهم عُرف بالخط النبطي ، اشتق منه عرب الشمال خطهم الأول ، فعرف الخط الأنباري ، والخط الحيري ، أو الخط المدوّر ، والخط المثلث .

وفي الحجاز ، حيث كان يحتكر أهل الذِّمة معرفة الكتابة عُرف خط التـئم ، أو الجَزْم . وعندما ظهر الإسلام أصبحت الكتابة وسيلة هامة من وسائل نشر الدين ، وضرورة من ضرورات الحكم .

وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمة أمّيَة ، لا تكاد تعرف القراءة والكتابة إلا نـزرًا يسيرًا . قال تعالى : " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ " . فشجع صلى الله عليه وسلم أصحابه على تعلم الكتابة ، وسلك في ذلك وسائل مختلفة ، حتى إنه اشترط لفكاك الأسير من قريش في بدر تعليم عشرة من صبيان المدينة الكتابة ؛ فراجت الكتابةُ في عصره صلى الله عليه وسلم ، حتى بلغ عدد كتّاب الوحي أكثر من أربعين كاتبًا ، ومن هؤلاء : عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب . فإذا غابا كتب أُبَيّ بن كعب ، وزيد بن ثابت ، فإن لم يحضر أحدهما كتب غيرهما .

هذا عدا من كان يكتب بين يديه صلى الله عليه وسلم فيما يعرض له من أمور دينه وحوائجه ، ومن هؤلاء : خالد بن سعيد بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان .

أو يكتب للناس مدايناتهم وعقودهم ومعاملاتهم ، ومن هؤلاء : المغيرة بن شعبة ، والحصين بن نُمير ، وكانا ينوبان عن خالد ومعاوية إذا لم يحضرا .

أو يكتب أموال الصدقات ، وقبائل الناس ومياههم ، ومن هؤلاء : عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث ، والعلاء بن عقبة .
أو يكتب خَرْص ثمار الحجاز ، ومن هؤلاء : حذيفة بن اليمان ، أو مغانم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن هؤلاء : مُعَيْقيب بن أبي فاطمة ، حليف بني أسد ، أو يكتب إلى الملوك ، ويجيب عن رسائلهم ، ويترجم إلى الفارسية والرومية والقبطية والحبشية ، ومن هؤلاء : زيد بن ثابت .

وتعد الحجاز أول بلاد العرب معرفة للكتابة ، وكانت قريش في مكة ، وثقيف في الطائف أكثر القبائل شهرة بها ، ومن أبنائهما اختير كتَّاب صحف أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ، كما روى جابر بن سمرة : " لا يُمْلِيَن في مصاحفنا هذه إلا غلمان ثقيف " . وعندما جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه مصاحفه قال : اجعلوا الـمُمْلِي من هذيل ، والكاتب من ثقيف .

المصدر
موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف