شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الصاغة في جدة


م.أديب الحبشي
03-30-2011, 01:08 PM
‏مؤجري المجوهرات في جدة
الصاغة في جدة
برع أهل جدة منذ زمن طويل في صياغة الحلي والمجوهرات وكان الحجاج الذين يفدون عن طريق جدة من أسيا وأفريقيا ‏يحرصون على زيارة منطقة " القبوه " حيث سوق ‏الصاغة بهدف التسوق بما يناسب أذواقهم . كما كان أبناء بادية الحجاز يجدون في هذه السوق ما يتفق مع مناسباتهم . .

‏وكان الصاغة يجمعون الملابس القديمة من الحراج التي تكون أكمامها مشغوله بالفضة فيحرقوها ويستخلصون منها الفضة التي يعيدون صهرها وصياغتها . وهي عملية تحتاج إلى براعة وحرفية عالية . وهو ما يتم أيضاً في ‏التعامل مع " الترتر " المشغول الذي يعاد صهره وصياغته . . وكان الصاغة كذلك يشترون من الحجاج بعض الحلي خاصة " البناجر " الفضة من الحجاج الجاوا . .

‏وكان ( زقاق الصاغة ) يتصل بالقبوة من جهة الشرق . وقد عرفت من أصحاب دكاكين الصاغة آنذاك كل من :دكان حسن فتيحي ، محمد فتيحى ، هاشم عزوز ، عبد الكريم رشيدي ، عبد الكريم جاوا ، صالح عزب ، عبد الرحمن عزب . .

‏وفي مرحلة لاحقة : عليان الحاشدى ، على باقبص . .

‏هذا ولم يكن الصاغة بجدة منعزلين في مهنتهم عن تطور التصاميم والطرازات التي تستحدث في الخارج . فقد كانوا يحصلون على الكتالوجات المتخصصة من الهند وتركيا ومصر ويقومون بتصنيع تلك التصاميم . . كذلك كان الوافدين الأندونيسيين على وجه الخصوص ، وكذا الهنود الذين بقوا في جدة قد دمجوا أفكارهم ونقلوا فنونهم في هذه الحرفة إلى أسواق جدة .

‏غير أن المجوهرات التي كان ينتشر تصنيعها بجدة هي : الأحزمه والخلاخل والتيجان والأسطفان والثعبان والقلائد والبناجر والحلقان والخواتم . . كما كانت ‏هذه الحرفة كغيرها من الحرف مهنة عائلية يتم توارثها ، وكانت من أكثر المهن تنظيماً وانضباطاً منذ زمن بعيد . . كما كان يتم انتخاب شيخ الصاغة من أهل الصنعة ، ومن ضمن واجباته مراقبة واردات الذهب والحلي وتحليله والتأكد من عياراته . . كما كانت له منصة لحل المشاكل بين الصاغة ويعتبر مرجعهم في كل الخلافات المهنية وكان من أشهر المشايخ في الصنعة : الشيخ / عبد الوهاب ناغى ، ثم خلفه الشيخ / سليمان عبد الرحيم . كذلك الشيخ / علي باخريبة . . ‏ثم الشيخ / هاشم عزوز الذي قدم من مكة المكرمة وتولي المشيخة لسنوات طويلة . ثم تولاها بعده ابنه الشيخ / على هاشم عزوز منذ أوائل الثمانينات منذ القرن الرابع عشر الهجري . .

‏كذلك أشتهر من أهل الصنعة عبد الكريم رشيدي ومحمد أشرم وغيرهما .
‏ومادام الشيء بالشيء يذكر فقد يكون من ‏المناسب أن أشير إلى واحدة من أشهر العوائل التي اقترن اسمها بهذه الحرفة وهى عائلة ( آل فتيحي) . .فقد عمل في هذه المهنة :حسن فتيحي ، ومحمد فتيحي . ومن بعدهم أبنائهم أحمد وغازي ونعيم وحسين . .

‏وكان دكان حسن فتيحي يحتل موقعاً متميزاً في القبوة . .وكان الصديق الخلوق أحمد فتيحي في سن مبكرة قد عشق المهنة وأصبح الساعد الأيمن ‏لوالده في إدارة المحل . .فبجانب رقي الصنعة وإتقانها كان لحلاوة اللسان وسماحة البيع أثرهما الواضح في جذب الزبائن والمشترين وبناء السمعة . وكان يساعد أحمد فتيحي في عمله بالدكان خلال فترة العصر وحتى المساء زميله في الدراسة وصديق عمره " عمر منشي " يرحمه الله . .

‏هذا وكان العم حمزة فتيحي قد روى لي أن حمزة ومحمد فتيحي بدءا عملهما في الصياغة
‏يافعين بدكان متواضع فيما يسمى حالياً ( شارع الليات ) بحارة اليمن ، وقد عملا في البداية بصياغة الفضة . . ثم طورا تجارتهما سريعا وانتقلا إلى سوق الذهب حيث برز من بين أشهر التجار وأصحاب الصنعة . .

‏ولا غرو بأن ما يتمتع به الشيخ / أحمد حسن فتيحي من حس تجاري وأمانة وخبرة مبكرة ونشاط دءوب ، وقبل ذلك توفيق من الله عز وجل . كل ذلك قد مكنه من إقامة صرح ( الفتيحي ) التجاري الذي يعتبر من أرقى المراكز التجارية المتميزة في المنطقة .

‏وهناك مهنة الجوهرجية وهى تختلف تماماً عن مهنة الصياغة ولها شيخها المستقل ومن أشهرهم : الشيخ محمد صالح محمود و عبد الغنى سليماني وابنه صالح عبد الغني . . أما أشهر تجار المجوهرات في جده على الإطلاق فكان الحاج / محمد علي زينل . . ‏علماً بأن الألماس كان يأتي مع الحجاج والتجار الهنود والجاوا . . بينما يجلب الفيروز من إيران ومصر والعقيق من اليمن . . واللؤلؤ من الخليج . . وذكرت دائرة معارف القرن العشرين أنه توجد في جدة مغاص اللؤلؤ والمرجان . .






المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة– لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي–الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)