شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : محمد بن المنكدر


فراس كتبي
03-10-2011, 12:56 PM
محمد بن المنكدر ( الطبقة الثالثة من التابعين )

ابن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ، الإمام الحافظ القدوة ، شيخ الإسلام أبو عبد الله القرشي التيمي المدني . ويقال : أبو بكر أخو أبي بكر وعمر . ولد سنة بضع وثلاثين .
وحدث عن : النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن سلمان ، وأبي رافع ، وأسماء بنت عميس ، وأبي قتادة وطائفة مرسلا . وعن عائشة ، وأبي هريرة ، وعن ابن عمه ، وجابر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وأميمة بنت رقيقة ، وربيعة بن عباد ، وأنس بن مالك ، وأبي أمامة بن سهل ، ومسعود بن الحكم ، وعبد الله بن حنين ، وحمران ، وذكوان أبي صالح ، وسعيد بن المسيب ، وعروة ، وعبد الرحمن بن يربوع ، وأبيه المنكدر ، وخلق .

وعنه : عمرو بن دينار ، والزهري ، وهشام بن عروة ، وأبو حازم الأعرج ، وموسى بن عقبة ، ومحمد بن واسع ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومحمد بن سوقة ، وعبيد الله بن عمر ، وابن جريج ، ومعمر ، ومالك ، وجعفر الصادق ، وشعبة ، والسفيانان ، وروح بن القاسم ، وشعيب بن أبي حمزة ، والأوزاعي ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وعمرو بن الحارث ، وأبو حنيفة ، وابن أبي ذئب ، والمنكدر ابنه ، وورقاء بن عمر ، وأبو عوانة ، والوليد بن أبي ثور ، ويوسف بن يعقوب بن الماجشون ، وابنه الآخر يوسف بن محمد ، ويوسف بن إسحاق السبيعي وخلق كثير .

قال علي : له نحو مائتي حديث ، وروى ابن راهويه ، عن سفيان قال : كان من معادن الصدق ، ويجتمع إليه الصالحون ، ولم يدرك أحداً أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال : قال رسول الله منه .

وقال الحميدي : هو حافظ ، وقال ابن معين وأبو حاتم : ثقة .

وقال الترمذي : سألت محمداً يعني : البخاري ، سمع من عائشة ؟ فقال : نعم . يقول في حديثه : سمعت عائشة .

قلت : إن ثبت الإسناد إلى ابن المنكدر بهذا فجيد ، وذلك ممكن ; لأنه قرابتها ، وخصيص بها ، ولحقها وهو ابن نيف وعشرين سنة .

وقال أبو حاتم البستي : كان من سادات القراء ، لا يتمالك البكاء إذا قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان يصفر لحيته ورأسه بالحناء .

وقال أبو القاسم اللالكائي : كان المنكدر خال عائشة ، فشكا إليها الحاجة ، فقالت : إن لي شيئاً يأتيني ، أبعث به إليك فجاءتها عشرة آلاف ، فبعثت بها إليه ، فاشترى جارية ، فولدت له محمداً ، وأبا بكر ، وعمر .

وقال مالك : كان ابن المنكدر سيد القراء .

وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثنا يحيى بن الفضل الأنيسي ، سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر ، أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى ، فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله ، وسألوه ، فاستعجم عليهم ، وتمادى في البكاء ، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه ، فقال : ما الذي أبكاك ؟ قال : مرت بي آية ، قال : وما هي ؟ قال " : وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " فبكى أبو حازم معه ، فاشتد بكاؤهما .

وروى عفيف بن سالم ، عن عكرمة بن إبراهيم ، عن ابن المنكدر ، أنه جزع عند الموت ، فقيل له : لم تجزع ؟ قال : أخشى آية من كتاب الله " . وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب .

قال ابن عيينة : كان لمحمد بن المنكدر جار مبتلى ، فكان يرفع صوته بالبلاء ، وكان محمد يرفع صوته بالحمد .

قال عبد العزيز الأويسي : حدثنا مالك قال : كان محمد بن المنكدر لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كان يبكي .

وعن ابن المنكدر قال : كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت . أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن سوقة ، عن ابن المنكدر قال : إن الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله ، فما يزالون في حفظ أو في عافية ما كان بين ظهرانيهم . وسمعت ابن المنكدر يقول : نعم العون على تقوى الله الغنى .

وقال أبو معشر السندي : بعث ابن المنكدر إلى صفوان بن سليم بأربعين ديناراً ، ثم قال لبنيه : يا بني ما ظنكم بمن فرغ صفوان بن سليم لعبادة ربه . أبو معاوية ، عن عثمان بن واقد قال : قيل لابن المنكدر : أي الدنيا أحب إليك ؟ قال : الإفضال على الإخوان .

قال أبو معشر : كان سيداً يطعم الطعام ، ويجتمع عنده القراء .

وروى جعفر بن سليمان ، عن محمد بن المنكدر ، أنه كان يضع خده على الأرض ، ثم يقول لأمه : قومي ضعي قدمك على خدي .

قرأت على إسحاق الأسدي ، أخبركم يوسف الحافظ ، أنبأنا أبو المكارم التيمي ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان ، حدثنا إسماعيل القاضي ، حدثنا نصر بن علي ، حدثنا الأصمعي ، حدثنا أبو مودود ، عن محمد بن المنكدر . قال : جئت إلى المسجد ، فإذا شيخ يدعو عند المنبر بالمطر ، فجاء المطر ، وجاء بصوت ، فقال : يا رب ليس هكذا أريد . فتبعته حتى دخل دار آل حرام ، أو دار آل عثمان ، فعرضت عليه شيئا فأبى ، فقلت : أتحج معي ؟ فقال : هذا شيء لك فيه أجر ، فأكره أن أنفس عليك ، وأما شيء آخذه ، فلا .

وبه إلى أبي نعيم ، حدثنا أبو محمد بن حيان ، حدثنا أبو العباس الهروي ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا ابن زيد ، قال : قال ابن المنكدر : إني لليلة مواجه هذا المنبر في جوف الليل أدعو ، إذا إنسان عند أسطوانة مقنع رأسه ، فأسمعه يقول : أي رب إن القحط قد اشتد على عبادك ، وإني مقسم عليك يا رب إلا سقيتهم ، قال : فما كان إلا ساعة إذا سحابة قد أقبلت ، ثم أرسلها الله ، وكان عزيزاً على ابن المنكدر أن يخفى عليه أحد من أهل الخير ، فقال : هذا بالمدينة ولا أعرفه !! فلما سلم الإمام ، تقنع وانصرف ، وأتبعه ، ولم يجلس للقاص حتى أتى دار أنس ، فدخل موضعا ، ففتح ودخل . قال : ورجعت ، فلما سبحت ، أتيته ، فقلت : أدخل ؟ قال : ادخل ، فإذا هو ينجز أقداحا ، فقلت : كيف أصبحت ؟ أصلحك الله ، قال : فاستشهرها وأعظمها مني ، فلما رأيت ذلك ، قلت : إني سمعت إقسامك البارحة على الله ، يا أخي هل لك في نفقة تغنيك عن هذا ، وتفرغك لما تريد من الآخرة ؟ قال : لا ولكن غير ذلك ، لا تذكرني لأحد ، ولا تذكر هذا لأحد حتى أموت ، ولا تأتني يابن المنكدر ، فإنك إن تأتني شهرتني للناس ، فقلت : إني أحب أن ألقاك ، قال : القني في المسجد ، قال : وكان فارسيا ، فما ذكر ذلك ابن المنكدر لأحد حتى مات الرجل . قال ابن وهب : بلغني أنه انتقل من تلك الدار ، فلم ير ، ولم يدر أين ذهب . فقال أهل تلك الدار : الله بيننا وبين ابن المنكدر ، أخرج عنا الرجل الصالح .

قال محمد بن الفيض الغساني : حدثنا عبد الله بن يزيد الدمشقي ، حدثنا صدقة بن عبد الله ، قال : جئت محمد بن المنكدر ، وأنا مغضب ، فقلت له : أحللت للوليد أم سلمة ؟ قال : أنا ! ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال " : لا طلاق لما لا تملك ، ولا عتق لما لا تملك " ورواه أحمد بن خليد الكندي عن عبد الله بن يزيد .

وقد كان الوليد بن يزيد استقدم محمد بن المنكدر في عدة من الفقهاء أفتوه في طلاق زوجته أم سلمة .

محمد بن سعد : حدثنا أحمد بن أبي إسحاق العبدي ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن أبي معشر ، أن المنكدر جاء إلى أم المؤمنين عائشة ، فشكى إليها الحاجة ، فقالت : أول شيء يأتيني أبعث به إليك . فجاءتها عشرة آلاف درهم ، فقالت : ما أسرع ما امتحنت يا عائشة ، وبعثت بها إليه فاتخذ منها جارية ، فولدت له محمدا وأبا بكر وعمر . كنى أبو خيثمة ، وابن سعد وجماعة محمداً : أبا عبد الله ، وكناه البخاري ومسلم والنسائي : أبا بكر .

قال يعقوب الفسوي : هو غاية في الإتقان والحفظ والزهد ، حجة .

وقال الحميدي : حدثنا سفيان ، قال : كان ابن المنكدر يقول : كم من عين ساهرة في رزقي في ظلمات البر والبحر . وكان إذا بكى ، مسح وجهه ولحيته من دموعه ، ويقول : بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع . وروي أنه كان يقترض ويحج ، فكلم في ذلك ، فقال : أرجو وفاءها .

وقال سهل بن محمود : حدثنا سفيان ، قال : تعبد ابن المنكدر وهو غلام ، وكانوا أهل بيت عبادة . قال يحيى بن بكير : محمد ، وأبو بكر ، وعمر لا يدرى أيهم أفضل ؟ .

قال سعيد بن عامر : قال ابن المنكدر: إني لأدخل في الليل فيهولني ، فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي .

وقال إبراهيم بن سعد : رأيت ابن المنكدر يصلي في مقدم المسجد ، فإذا انصرف ، مشى قليلاً ، ثم استقبل القبلة ومد يديه ودعا ، ثم ينحرف عن القبلة ويشهر يديه ويدعو ، يفعل ذلك حين يخرج فعل المودع .

وقال مصعب بن عبد الله : حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال : كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه ، فكان يصيبه صمات ، فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع . فعوتب في ذلك ، فقال : إنه يصيبني خطر ، فإذا وجدت ذلك ، استعنت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم .

وكان يأتي موضعاً من المسجد يتمرغ فيه ويضطجع ، فقيل له في ذلك ، فقال : إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع .

ويروى أنه حج ، فوهب كل ما معه حتى بقي في إزار ، فلما نزل بالروحاء ، قال وكيله : ما بقي معنا درهم ، فرفع صوته بالتلبية ، فلبى أصحابه ، ولبى الناس ، وبالماء محمد بن هشام ، فقال : إني أظن محمد بن المنكدر بالماء ، فنظروا ، فقالوا : نعم . قال : ما أظن معه شيئاً ، احملوا إليه أربعة آلاف ، فأتي محمد بها .

قال المنكدر بن محمد : كان أبي يحج بولده ، فقيل له : لم تحج بهؤلاء ؟

قال : أعرضهم لله .

قال سعيد بن عامر : قال ابن المنكدر . بات أخي عمر يصلي ، وبت أغمز قدم أمي ، وما أحب أن ليلتي بليلته .

وقال ابن عيينة : تبع ابن المنكدر جنازة سفيه ، فعوتب ، فقال : والله إني لأستحيي من الله أن أرى رحمته عجزت عن أحد . الفسوي : حدثنا زيد بن بشر ، حدثنا ابن وهب ، حدثني ابن زيد ، قال : خرج ناس غزاة في الصائفة ، فيهم محمد بن المنكدر ، فبيناهم يسيرون في الساقة ، قال رجل منهم : أشتهي جبناً رطباً ، قال محمد : فاستطعمه الله ، فإنه قادر ، فدعا القوم ، فلم يسيروا إلا شيئاً حتى وجدوا مكتلاً ، فإذا هو جبن رطب ، فقال بعضهم : لو كان لهذا عسل ، فقال : الذي أطعمكموه قادر على ذلك . فدعوا ، فساروا قليلاً ، فوجدوا فاقرة عسل على الطريق ، فنزلوا فأكلوا الجبن والعسل . سويد بن سعيد : حدثنا خالد بن عبد الله اليمامي ، قال : استودع محمد بن المنكدر وديعة فاحتاج فأنفقها . فجاء صاحبها فطلبها ، فتوضأ وصلى ودعا ، فقال : يا ساد الهواء بالسماء ، ويا كابس الأرض على الماء ، ويا واحد قبل كل أحد وبعد كل أحد ، أد عني أمانتي ، فسمع قائلاً يقول : خذ هذه فأد بها عن أمانتك ، واقصر في الخطبة ، فإنك لن تراني . رواها ابن أبي الدنيا عن سويد ، وقيل : كانت مائة دينار .

قال : فإذا بصرة في نعله ، فأداها إلى صاحبها .

قال الواقدي : فأصحابنا يتحدثون أن الذي وضعها عامر بن عبد الله بن الزبير ، كان كثيراً ما يفعل مثل هذا .

وقال ابن الماجشون : إن رؤية محمد بن المنكدر لتنفعني في ديني .

قال الواقدي وابن المديني وخليفة وجماعة : مات ابن المنكدر سنة ثلاثين ومائة . وقال الفسوي : سنة إحدى وثلاثين . قيل : بلغت أحاديث ابن المنكدر المسندة أزيد من مائتي حديث .

أخبرنا محمد بن عبد العزيز المقرئ في سنة اثنتين وتسعين وستمائة وأحمد بن أبي الفتح ، وأحمد بن سليمان ، والحسن بن علي ، وإبراهيم بن غالب ، ومحمد بن يوسف ، وأبو المحاسن محمد بن أبي الحزم ، وإبراهيم بن عبد الرحمن الفارسي ، ومحمد بن أحمد العقيلي سماعا منهم في أوقات ، قالوا : أنبأنا علي بن محمد السخاوي ، وقرأت على علي بن محمد الحافظ ، ولؤلؤ المحسني ، وعلي بن أحمد القناديلي ، وسليمان بن قدامة ، قالوا : أنبأنا علي بن هبة الله الخطيب ، وقرأت على عبد المعطي بن الباشق ، وعبد الحسن بن هبة الله الفوي ، أخبركما عبد الرحمن بن مكي ، قالوا : أنبأنا أبو طاهر السلفي ، أنبأنا مكي بن علان الكرجي ، وأخبرتنا عاثشة بنت عيسى سنة اثنتين وتسعين . أنبأنا الإمام أبو محمد بن قدامة حضورا في سنة أربع عشرة وستمائة أنبأنا أبو زرعة المقدسي ، أنبأنا محمد بن أحمد الساوي قالا : حدثنا زكريا بن يحيى بن أسد المروزي ببغداد ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، سمع ابن الزبير ، يقول : إذا رميت الجمرة يوم النحر ، فقد حل لك ما وراء النساء أخرجاه من حديث سفيان . وبه حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، أنه سمع جابرا يقول : ولد لرجل منا غلام ، فسماه القاسم فقلنا : لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعم لك عيناً . فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له . فقال " : سم ابنك عبد الرحمن " . وأخرجاه عن جماعة ، عن سفيان بن عيينة .

أخوه عمر بن المنكدر المدني العابد من كبار الصالحين . وله ترجمة في طبقات ابن سعد قلما روى .المرجع
سير أعلام النبلاء - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي