شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : صيد السمك في جدة


م.أديب الحبشي
01-26-2011, 03:27 PM
صيد الأسماك

تتداخل علاقة أهالي جدة ببحرهم تداخلاً عميقاً فهو متنفسهم الذي ‏يخرجون إليه في المناسبات والأعياد للنزهة والاستمتاع بمزاولة هواية الصيد الغوص. .

‏كذلك ينظر الأهالي إلى بحرهم كمصدر للرزق حيث تمارس نسبة عالية منهم حرفة الصيد البحري. .

‏وقبل معرفة المراكب كان الصيادون يخرجون إلى البحر على ثلاث أو أربع قطع خشبية لا تزيد عن (6‏) أقدام يتم ربطها وشدها بإحكام لبعضها كما يستخدمون عامود كالمجداف.

‏أما صيادي المراكب فكانت عدتهم تتمثل في "السنارة" و "الشوار" وهو نوع من "الشباك" و "الضحاوي" وهو يشبه القفص ويوضع بداخله "اللعف" أي الطعم وله فتحة علوية فإنا دخلته السمكة صعب عليها الخروج منه.

‏وكان الصيادون يخرجون عادة إلى البحر بعد صلاة الفجر وعادة ما يعودون قبل الظهر لعرض صيدهم في السوق وما تبقى منه يتم تنشيفه وبيعه لمحلات محددة.

‏ويذكر أنه في حالة تأخر عودة الصياد أو عدم بيعه لصيده إلى ما بعد العصر فإن السعر ينخفض . وينادى الباعة : "بيع الكحيلة بعشوة ليلة" أو " مادام سلم الله بيع بما قسم الله".

‏أيضاً قبل معرفة الثلج كان بعض الباعة يقسم السمك مثل الناجل إلى قسمين ويبيع كل نصف بقرشين أو ثلاث. .

‏وبعد معرفة الثلج كان الصيادون يخرجون إلى البحر لعدة أيام قد تمثل إلى أسبوعين وكانوا يأخذون مؤونتهم معهم وهي عبارة عن ماء الشرب والشاي والحليب والفطائر والتمر والحلاوة الطحينية والجبنة والرز والبصل. .

‏وبالرغم من أن صناعة الثلج لم تعرف في جدة إلا حوالي منتصف القرن الرابع عشر الهجري. غير أن الحجاز كان قد عرف الثلج قبل ذلك التاريخ بأكثر من ألف عام. .

‏فقد حج هارون الرشيد تسع حجج . . وفي عام 179هـ سار من مكة إلى منى وعرفات ماشياً. وكان أول خليفة حمل إليه الثلج إلى مكة المكرمة حيث كان هذا الثلج طبيعي يحمل من الأقاليم الباردة إلى الخلفاء في بغداد ثم استطاعوا المحافظة عليه حتى أوصلوه إلى مكة المكرمة للرشيد).

‏ويقول الجدادوه أن الصيد ليس مجرد مركب وسنارة أو شبكة . . بل على الصياد أن يعرف "المطارح" أي المواقع وكذلك الأعماق بحسب ارتفاعها ووجهة لرياح وقد يكون هذا قد أصبح ميسراً في وقتنا الحالي لتوفر الآلات الإرشادية البحرية كما يعرف الصيادون الكهوف والشعب المرجانية . ولكل حالة من هذه ،نوع من السمك وحجمه وقطيعه.

‏أما الزمن فكان يتم حسابه حسب ظهور النجوم واختفائها مثل طلوع الثريا و طلوع سهيل. وبالتالي فلكل نوع من الأسماك وقته ومواعيده من بحر إلى بحر - أي من عمق إلى عمق -.

‏ومن تقاليد الصيد عدم اصطياد السمك الصغير جدا أو خلال فترة تناسله ‏الموسمية وهم يعرفون أماكنها ومساراتها وأزمنتها. .

‏ولما كانت جدة قد تعاقبت عليها في الماضي العديد من أنظمة الحكم المختلفة قد عانى الصيادون بجدة خلال فترة من تاريخهم من عبء "المكوس" إلى أن سقطها عنهم السلطان الأشرف "قايتباي" عندما حج إلى الحجاز.

‏ومن نافلة القول أن بيوت جدة ذات شهرة واسعة بالتفنن في تطبيب الأسماك التي يتسم كل نوع منها بطعم مميز . . فهناك الفرن والمقلي والكوزي والمشوي المقلي والمشرمل. .

‏ومن أشهر الأسماك: السيجان: وموسمه الغزير مع طلوع الثريا ، والناجل وهو أغلى الأنواع ،والشعور والفارس والنجار والصرع والطرباني والبهار العصمودي وهذه الأنواع تتواجد على عمق حوالي ثلاثين قامة وأشهر أنواع سمك الفرن :العربي والسلماني والبياض . كما توجد أنواع أخرى مثل الديراك ‏والهامور والسلطان إبراهيم والقاص والقز والحراضي وغيرها من عشرات الأسماك والأنواع والتي يصل عددها إلى (260‏) نوع.

‏وهناك أنواع أخرى من الصيد البحري مثل "الربيان" أي الجمبري الذي توجد أكثر أنواعه وأجودها في جنوب جدة . و "الإستاكوزا" ويتم اصطيادها من الشعب المرجانية المقابلة للساحل . كذلك "أبو مقص" أي الكابوريا . ويكثر بقرب الشاطئ وبالذات في الجنوب وبحر أيضاً فإن بحر جدة غني بـ "الزرنباك" الذي يتميز بمذاق شهي ويجيد الأهالي تطبيبه. .

‏هذا ومن أشهر مشايخ الحواته في القرن الماضي (14هـ) كان الشيخ / حسن بنده ، ثم تولى المشيخة حسن حمدان ومن بعدهما محمد صدقة عوفي. .

‏علما بأن موقع "البنقلة" أي سوق السمك فقد كان في مدخل شارع قابل من جهة الخاسكية أمام مؤسسة النقد حالياً ثم أنتقل إلى جوار مؤسسة النقد . ثم قرب البنك العربي بجانب البريد. ثم بقرب شوكة النقل الجماعي . ثم في بابا شريف . ثم عاد إلى موقع قريب من النقل الجماعي . وكانت توجد في الموقع (منازك) للسنابيك تابعة لأبو صفية . . والمنازك هي التي يتم توقيف السنابيك عليها لصيانتها ودهانها .




المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة– لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي–الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)