شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : جرير بن عبد الله بن جابر البجلي


ريمة مطهر
02-15-2011, 12:42 AM
جرير بن عبد الله بن جابر البجلي
رضي الله عنه

نسبه
هو جرير بن عبد الله بن جابر البجلي سيد قبيلة بجيلة ، وكنيته ( أبو عمرو ) .
إسلامه
- عن جرير بن عبد الله البجلي قال : لما دنوت من المدينة ، أنخت راحلتي ، فحللت عيبتي ولبست حلتي ، وانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب ، فسلّمت عليه وعلى المسلمين ، فقلت لجليسي : هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمري ؟ قال : نعم ذكرك بأحسن الذكر ، فبينما هو يخطب إذ عرض له في خطبته فقال : يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن ، على وجهه مسحة ملك . قال : فحمدت الله على ما أبلاني .

- وقد قدم جرير بن عبد الله رضي الله عنه سنة عشر المدينة ومعه من قومه مائة وخمسون رجلاً ، فأسلموا وبايعوا ، قال جرير : فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعني وقال : " على أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتنصح المسلم وتطيع الوالي وإن كان عبداً حبشياً " . فقال : نعم ، فبايعه .

- قال أبو عمر : رحمه الله كان إسلامه في العام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال جرير : أسلمت قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين يوماً .

أهم ملامح شخصيته
1- ثباته على عقيدته
لقد ثبت جرير رضي الله عنه على عقيدته بالرغم من ارتداد معظم قومه بجيلة ، فكان ثباته ذا أثر كبير على إعادة بجيلة للإسلام ، ومن العوامل المهمة لإنتصار المسلمين الحاسم على المرتدين من أهل اليمن .

2- جهاده وشجاعته
بعث سعد بن أبي وقاص جريراً بن عبد الله البجلي إلى حلوان فافتتحها عنوة ، وشهد مع المسلمين يوم المدائن وله فيه أخبار مأثورة ، وشهد غيره من فتوحات العراق والعجم وكان على الميمنة يوم القادسية .

3- تجرده وإخلاصه
قال ابن سعد : قال يزيد بن جرير عن أبيه : أن عمر قال له والناس يتحامون العراق وقتال الأعاجم : سر بقومك ، فما غلبت عليه فلك ربع . فلما جمعت الغنائم ( غنائم جلولاء ) أدّعى جرير أن له ربع ذلك كله ، فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك ، فكتب عمر : صدق جرير ، قد قلت ذلك له ، قال : فإن شاء أن يكون قاتل على جعل فأعطوه جعله ، وإن يكن إنما قاتل لله ولدينه وجنته ، فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم . فلما قدم الكتاب على سعد أخبر جريراً بذلك ، قال جرير : صدق أمير المؤمنين ، لا حاجة لي بذلك ، أنا رجل من المسلمين .

4- صبره عند البلاء
قاتل أهل همذان عند فتحها وأصيبت عينه بسهم ، فقال : أحتسبها عند الله الذي زين بها وجهي ، ونور لي ما شاء ، ثم سلبنيها في سبيله .

5- علمه
كان رضي الله عنه ذكياً محدثاً عالماً بأمور دينه ، روى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما عده العلماء من أهل الفتية البارزين .

6- يحسن التصرف
- عن عمر رضي الله عنه أنه صلى صلاة الصبح فسمع صوت حدث ممن خلفه ، فقال : عزمت على من أحدث أن يتوضأ ويعيد صلاته ، فلم يقم أحد ، فقال جرير بن عبد الله البجلي : يا أمير المؤمنين ، أرأيت لو توضأنا جميعاً وأعدنا الصلاة ، فاستحسن ذلك عمر رضي الله عنه وقال له : كنت سيداً في الجاهلية ، فقيهاً في الإسلام ، فقاموا وأعادوا الوضوء والصلاة .

- وروى مسلم في صحيحه : عن أنس بن مالك قال : خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي في سفر ، فكان يخدمني ، فقلت له : لا تفعل ؛ فقال : إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً آليت أن لا أصحب أحداً منهم إلا خدمته . وكان جرير أكبر من أنس . قال النووي رحمه الله : في حديث جرير بن عبد الله وخدمته لأنس؛ إكراماً للأنصار دليلٌ لإكرام المحسن والمنتسب إليه وإن كان أصغرَ سنّاً ، وفيه تواضعُ جريرٍ وفضيلته وإكرامه للنبي صلى الله عليه وسلم وإحسانه إلى من انتسب إلى من أحسن إليه صلى الله عليه وسلم !

أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته
- عن جرير بن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة ، فأمرني أن أصرف بصري .

- عن زياد بن علاقة قال : شهدت جرير بن عبد الله البجلي لما هلك المغيرة بن شعبة فسمعت جريراً يخطب فقال : اشفعوا لأميركم فإنه كان يحب العافية ، واسمعوا وأطيعوا حتى يأتيكم أميراً ما بعد ، فإني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام واشترط عليّ النصح لكل مسلم ، ورب هذا المسجد ، إني لكم ناصح .

من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم
- في البخاري بسنده عن جرير بن عبد الله قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم .

- وروى مسلم في صحيحه عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا جرير ، ألا تريحني من ذي الخلصة " - وكان بيتاً يُعبد في الجاهلية يُقال له : الكعبة اليمانية - قال : فنفرت في خمسين ومائة فارس ، وكنت لا أثبت على الخيل ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضرب يده في صدري فقال : " اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً " . قال : فانطلق فحرقها بالنار ، ثم بعث جرير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يُبشره يكنى ( أبا أرطاة ) منا ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب . فبرّك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات .

- وعن جرير بن عبد الله : ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك .

- عن جرير بن عبد الله البجلي أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت مدحوس من الناس ، فقام بالباب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يميناً وشمالاً فلم ير موضعاً ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم رداءه فلفه ثم رمى به إليه ، فقال : " اجلس عليه " ، فأخذه جرير فضمه وقبله ثم رده على النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " .

- في البخاري : عن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع : " استنصت الناس " ، فقال : " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " .

من مواقفه مع الصحابة
مع ذي الكلاع وذي عمرو
- في البخاري بسنده عن جرير قال : كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن : ذا كلاع وذا عمرو ، فجعلت أحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له ذو عمرو : لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك ، لقد مر على أجله منذ ثلاث ، وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق ، رفع لنا ركب من قبل المدينة فسألناهم ، فقالوا : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، والناس صالحون . فقالا : أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله ، ورجعا إلى اليمن ، فأخبرت أبا بكر بحديثهم ، قال : أفلا جئت بهم ، فلما كان بعد قال لي ذو عمرو : يا جرير ، إن بك عليّ كرامة ، وإني مخبرك خبراً : إنكم ، معشر العرب ، لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر ، فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكاً ، يغضبون غضب الملوك ، ويرضون رضا الملوك .

مع عمر بن الخطاب
- قدم جرير بن عبد الله على عمر بن الخطاب من عند سعد بن أبي وقاص فقال له : كيف تركت سعداً في ولايته ؟ فقال : تركته أكرم الناس مقدرة ، وأحسنهم معذرة ، هو لهم كالأم البرة ، يجمع لهم كما تجمع الذرة مع أنه ميمون الأثر ، مرزوق الظفر ، أشد الناس عند البأس ، وأحب قريش إلى الناس . قال : فأخبرني عن حال الناس ؟ قال : هم كسهام الجعبة ، منها القائم الرائش ومنها العضل الطائش ، وابن أبي وقاص ثقافها ، يغمز عضلها ويقيم ميلها ، والله أعلم بالسرائر يا عمر . قال : أخبرني عن إسلامهم ؟ قال : يقيمون الصلاة لأوقاتها ، ويؤتون الطاعة لولاتها . فقال عمر : الحمد الله ، إذا كانت الصلاة أوتيت الزكاة ، وإذا كانت الطاعة كانت الجماعة .

مع سلمان الفارسي
- أخرج الطبراني عن أبي البختري قال : جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي إلى سلمان فقالا : جئناك من عند أخيك أبي الدرداء ، قال : فأين هديته التي أرسلها معكما ؟ قالا : ما أرسل معنا بهدية ! قال : اتقيا الله وأديا الأمانة ، ما جاءني أحد من عنده إلا جاء معه بهدية ! قالا : والله ما بعث معنا شيئاً إلا أنه قال : أقرؤوه مني السلام . قال : فأي هدية كنت أريد منكما غير هذه ، وأي هدية أفضل من السلام ، تحية من عند الله مباركة طيبة .

مع أبو بكر الصديق
- قدم جرير بن عبد الله البجلي على خالد بن الوليد وهو بالحيرة بعد الوقعات المتعددة والغنائم الكثيرة ولم يحضر شيئاً منها ، وذلك لأنه كان قد بعثه الصديق مع خالد بن سعيد بن العاص إلى الشام ، فاستأذن خالد بن سعيد في الرجوع إلى الصديق ليجمع له قومه من بجيلة فيكونوا معه ، فلما قدم على الصديق فسأله ذلك غضب الصديق وقال : أتيتني لتشغلني عما هو أرضى لله من الذي تدعوني إليه ، ثم سيره الصديق إلى خالد بن الوليد بالعراق .

مع الأشعث
شهد الأشعث جنازة وفيها جرير بن عبد الله البجلي ، فقّدم الأشعث جريراً وقال : إن هذا لم يرتد عن الإسلام ، وإني ارتددت .

أثره في الآخرين
بعث جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع الحميري وذي عمرو يدعوهما إلى الإسلام فأسلما ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرير عندهم .

بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم
- روى البخاري بسنده عن جرير بن عبد الله قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة ( يعني : البدر ) فقال : " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " ، ثم قرأ : " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " . قال إسماعيل : افعلوا لا تفوتنكم .

- وروى البخاري أيضاً بسنده عن زيد بن وهب قال : سمعت جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من لا يرحم لا يرحم " .

- وفي سنن أبي داود عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يحرم الرفق ، يحرم الخير كله " .

من كلماته
الخرس خير من الخلابة ، والبكم خير من البذاء .

ما قيل عنه
- قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل وافداً عليه : " يطلع عليكم خير ذي يمن ، كان على وجهه مسحة ملك " .

- وفيه قال الشاعر :

لولا جرير هلكت بجيلة ... نعم الفتى وبئست القبيلة

فقال عمر بن الخطاب : ما مدحه من هجى قومه ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : جرير بن عبد الله بن يوسف هذه الأمة ( يعني : في حسنه ) .

الوفاة
مات رضي الله عنه وأرضاه بقرقيسيا بين الحيرة والشام سنة إحدى وخمسين من الهجرة .

المراجع
الاستيعاب - الطبقات الكبرى - أسد الغابة - البداية والنهاية - الثقات - الوافي في الوفيات - صفة الصفوة - الدر المنثور - فرسان النهار من الصحابة الأخيار