شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : عبد الله بن سلام بن الحارث


ريمة مطهر
02-13-2011, 04:11 PM
عبد الله بن سلام بن الحارث
رضي الله عنه

نسبه
هو عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري ، يكنى ( أبا يوسف ) ، وهو من ولد يوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام ، كان حليفاً للأنصار .

يقال : كان حليفاً للقواقلة من بني عوف بن الخزرج ، وكان اسمه في الجاهلية ( الحصين ) ، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عبد الله ) .

وهو من ذرية النبي يوسف - عليه السلام - ، وجزم بذلك الطبري وابن سعد ، وأخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن عبد العزيز قال: كان اسم عبد الله بن سلام ( الحصين ) ، فسماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم (عبد الله ) . أسلم رضي الله عنه أول ما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة .

حاله في الجاهلية
كان عبد الله بن سلام حبراً من أحبار اليهود الكبار في المدينة المنوّرة ، وكان أهل المدينة على اختلاف مللهم ونحلهم يُجلُّونه ويعظِّمونه ، وقد اقتنع بالإسلام وأسلم ، ونزل فيه قول الله تعالى : " وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ " ، وآية : " قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " .

قصة إسلامه
يروي عبد الله بن سلام قصة إسلامه فيقول : لمّا سمعت رسـول الهن صلى الله عليه وسلم عرفت صفتَهُ واسمَهُ وزمانه وهيئته ، والذي كنّا نتوكّف - نتوقع – له ، فكنت مُسِرّاً ولذلك صامتاً عليه حتى قدم رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم المدينة ، فلمّا قَدِمَ نزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه ، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها ، وعمّتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة ، فلمّا سمعتُ الخبر بقدوم رسول الله صلى اللـه عليه وسلم كبّرت ، فقالت لي عمّتي حين سمعت تكبيري : لو كنتَ سمعت بموسى بن عمران قادماً ما زدت !؟ قُلتُ لها : أيْ عمّة ، هو والله أخـو موسـى بن عمران وعلى دينـه ، بُعِـثَ بما بُعِثَ به . فقالت لي : أيْ ابن أخ ، أهو النبي الذي كُنّا نُخبَرُ به أنه بُعث مع نَفَسِ السّاعة ؟ فقلت : نعم . قالت : فذاك إذاً . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنّي سائلك عن ثلاثٍ لا يعلمهُنَّ إلا نبي ، فما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام أهل الجنة ؟ وما يَنْزعُ الولدُ إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال صلى الله عليه وسلم " : أخبرني بهنّ جبريل آنفاً " . قال : جبريل ؟ قال : " نعم " . قال : وذاك عدو اليهود من الملائكة . قال : " فقرأ هذه الآية ، قوله تعالى : " مَنْ كانَ عدوّاً لجبريلَ فإنّهُ نزَّلَهُ على قلبكَ " [ سورة البقرة آية : 97 ] ، أمّا أول أشراط الساعة ، فنار تحشُرُ النّاس من المشرق إلى المغرب ، وأمّا أوّل طعام أهل الجنّة فزيادة كَبِد الحوتِ ، وإذا سبقَ ماءُ الرجلِ ماءَ المرأةِ نزع الولد ، وإذا سبق ماءُ المرأةِ نزعتْ " . قال : أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله .

أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته
كان الصحابي الجليل عَبْد الله بْن سلام رضي الله عنه ممّن أسلم مبكراً ، فقد بدأت قصّته مع قدوم النّبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة ، فلما سمِع بقدوم النّبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة ، وعَرَفَ أنّ الناس قد تجمّعوا لاستقباله انطلق معهم ، وهو يحمل الثمر الذي كان يقطفه في أرضه ، فلما نظر إليه عرف أنّ وجهه ليس بوجه كذّاب ، ولنَدَع عبد الله بن سلام يروي قصّة لقائه بالنّبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه الترمذي : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ ، وَقِيلَ : قد قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ، ثَلاثًا ، فجِئْتُ في النَّاسِ لأَنْظرَ ، فلمَّا تَبيَّنْتُ وجْههُ عرَفتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ، فكان أوَّلُ شيْءٍ سمعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ " ، فدنوتُ منه وشهدتُ أن لا إله إلا الله ، وأنَّ محمداً رسول الله ، فالتفتَ النبي عليه الصلاة والسلام وقال : " ما اسمك ؟ " فقلتُ : الحصين بن سلام ، فقال عليه الصلاة والسلام : " بل عبد الله بن سلام " ، قلت : نعم ، عبد الله بن سلام ، والذي بعثك بالحق ما أُحبُّ أنّ لي اسماً آخر بعد اليوم . الحديث .

أهم ملامح شخصيته
كان الحصين بن سلام رضي الله عنه معروفاً بين الناس بالتُّقَى والصلاح ، موصوفاً بالاستقامة والصدق ، وكان يحيا حياةً هادئةً وديعة ، ولكنها كانت في الوقت نفسه جادةً نافعة ، فقد قسم وقته أقساماً ثلاثة ؛ شطراً للوعظ والعبادة ، وشطراً في بستان له يتعهد نخله بالتشذيب والتأبير ، وشطراً مع التوراة للتفقه في الدين ، هكذا وصفوه ، وكان كلما قرأ التوراة وقف طويلاً عند الأخبار التي تبشر بظهور نبي في مكة ، يتمم رسالات الأنبياء السابقين ، ويختمها .

بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
ـ يروي ابن سيرين ، عن قيس بن عباد ، قال : كنت في مسجد المدينة ، فجاء رجل بوجهه أثر من خشوع ، فقال القوم : هذا من أهل الجنة ، فصلى ركعتين ، فأوجز فيهم . فلما خرج ، اتبعته حتى دخل منزله ، فدخلت معه ، فحدثته ; فلما استأنس ، قلت : إنهم قالوا لما دخلت المسجد : كذا وكذا . قال : سبحان الله ! ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم . وسأحدثك : إني رأيت رؤيا ، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت كأني في روضة خضراء ، وسطها عمود حديد ، أسفله في الأرض ، وأعلاه في السماء ، في أعلاه عروة ، فقيل لي : اصعد عليه . فصعدت حتى أخذت بالعروة ، فقيل : استمسك بالعروة . فاستيقظت وإنها لفي يدي ، فلما أصبحت ، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقصصتها عليه ، فقال: " أما الروضة ، فروضة الإسلام ، وأما العمود ، فعمود الإسلام ، وأما العروة ؛ فهي العروة الوثقي ؛ أنت على الإسلام حتى تموت " . قال : وهو عبد الله بن سلام .

ـ وعن سعد بن أبي وقّاص : أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أتِيَ بقصعةٍ فأكل منه ، فَفَضَلتْ فضلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجيء رجل مِنْ هذا الفجِّ من أهل الجنّة يأكل معي هذه الفضلة " . فجاء عبد الله بن سلام فأكله .

بعض المواقف من حياته مع الصحابة
موقفه مع علي رضي الله عنه
نهى عبد الله بن سلام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن خروجه إلى العراق ، وقال : الْزَمْ مِنْبرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تركته لا تراه أبداً . فقال عليّ : إنّه رجلٌ صالحٌ منّا .

موقفه مع سلمان الفارسي
يقول المغيرة بن عبد الرحمن : لقي سلمان الفارسي عبد الله بن سلام ، قال : إن مت قبلي فأخبرني ما تلقى ، وإن مت قبلك أخبرك ، قال : فمات سلمان فرأه عبد الله بن سلام ، فقال : كيف أنت يا أبا عبد الله ؟ قال : بخير ، قال : أي الأعمال وجدت أفضل ؟ قال : وجدت التوكل شيئاً عجيباً .

بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم
- روى محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر في يوم الجمعة : " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته " .

- وعن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده عبد الله بن سلام قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن بني فلان أسلموا ( لقوم من اليهود ) ، وإنهم قد جاعوا فأخاف أن يرتدوا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من عنده ؟ " فقال رجل من اليهود : عندي كذا وكذا ( لشيء قد سماه ) أراه قال ثلاث مائة دينار بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بسعر كذا وكذا ، إلى أجل كذا وكذا ، وليس من حائط بني فلان " .

بعض كلماته
قال عبد الله بن سلام ينهى عن قتل عثمان : يا قوم لا تسلوا سيف الله فيكم ، فو الله إن سللتموه لا تغمدوه ! ويلكم ! إن سلطانكم اليوم يقوم بالدرة ، فإن قتلتموه لا يقوم إلا بالسيف . ويلكم ! إن مدينتكم محفوفة بالملائكة فإن قتلتموه ليتركنها .

مناقبه
- عن معاذ بن جبل قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن عبد الله بن سلام عاشر عشرة في الجنة " .

- وعن يزيد بن عَميرة السّكسَكي - وكان تلميذاً لمعاذ - ، أنّ مُعاذ أمره أن يطلب العلم من أربعة : عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، وسلمان الفارسي ، وعُويمر ( أبو الدرداء ) .

ـ وأنه رضي الله عنه ممن يؤتون أجورهم مرتين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لهم أجران : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ، ورجل كانت عنده أمةٌ يطؤها فأدبـها فأحسن تأديبها وعلّمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها ، فله أجران " . أخرجه البخاري ومسلم .

- وفيه - أي : في عبد الله بن سلام -نـزل قوله تعالى : " وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " فعلى رأي بعض المفسرين : أن الذي عنده علم من الكتاب هو عبد الله بن سلام .

الوفاة
توفي رضي الله عنه بالمدينة سنة ثلاث وأربعين .

المصدر
موقع نصرة سيدنا محمد رسول لله