ريمة مطهر
02-11-2011, 07:49 PM
أسيد بن حضير رضي الله عنه
( بطل يوم السقيفة )
نسبه
هو أسيد بن الحضير بن سماك الأنصاري الأشهلي يكنى ( أبا يحيى ) و ( أبا عتيك ) ، وكان أبوه حضير فارس الأوس ورئيسهم يوم بُعاث .
حاله في الجاهلية
كان يكتب بالعربية ويُحسن السباحة والرمي ، وكانوا في الجاهلية يسمون من كانت فيه هذه الخصال بـ ( الكامل ) .
إسلامه
كان أسيد رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام وهو أحد النقباء ليلة العقبة ، وكان إسلامه على يد مصعب بن عمير قبل سعد بن معاذ رضي الله عنهم أجمعين .
قصة إسلامه
لما انصرف القوم بعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير ، وأمره أن يُقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين ، وكان مصعب يسمى بالمدينة ( المقرئ ) ، وكان منزله على أسعد بن زرارة ، ثم إن أسعد بن زرارة خرج بمصعب فدخل به حائطاً من حوائط بني ظفر فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم ، فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير : انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي ولولا ذاك لكفيتكه ، وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدي قومهما من بني عبد الأشهل وهما مشركان ، فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد وهما جالسان في الحائط ، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب : هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه . قال مصعب : إن يجلس أكلمه . قال : فوقف عليهما متشتماً فقال : ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة . فقال له مصعب : أو تجلس فتسمع ؟ فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره ؟ قال : أنصفت ، ثم ركز حربته وجلس إليهما ، فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا : والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله . ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين ؟ قالا له: تغتسل وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين ، فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم قام وركع ركعتين .
واختلف في شهوده بدراً قال ابن سعد : كان شريفاً كاملاً ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة ، وكان ممن ثبت يوم أحد ، وجُرح حينئذ سبع جراحات ، وقال ابن السكن : شهد بدراً والعقبة وكان من النقباء .
من ملامح شخصيته
1- ولعه بالقرآن الكريم
عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال : بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ـ وفرسه مربوطة عنده ،إذ جالت الفرس فسكت فسكنت ، فقرأ فجالت الفرس ، فسكت فسكنت ، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف ، وكان ابنه يحيى قريباً منها فأشفق أن تصيبه ، فلما أخّره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها ، فلما أصبح حدّث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اقرأ يا ابن حضير " . قال : قد أشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريباً ، وانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح ، فخرجت حتى لا أراها . قال : " وتدري ما ذاك ؟ " قال : لا . قال : " تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم " .
عن أبي سعيد الخدري وابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " اقرأ يا أسيد فقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود عليه السلام " .
2- شعوره بالمسلمين وعطفه وحرصه عليهم
عن أنس قال : جاء أسيد بن حضير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان قسّم طعاماً فذكر له أهل بيت من الأنصار من بني ظفر فيهم حاجة وجل أهل ذلك البيت نسوة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " تركتنا يا أسيد حتى ذهب ما في أيدينا !، فإذا سمعت بشيء قد جاءنا فاذكر لي أهل ذلك البيت " ، فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر شعير أو تمر ، فقسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وقسّم في الأنصار فأجزل ، وقسّم في أهل البيت فأجزل ، فقال أسيد بن حضير متشكراً : جزاك الله أي نبي الله أطيب الجزاء - أو قال : خيراً - . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وأنتم معشر الأنصار فجزاكم الله أطيب الجزاء - أو قال : خيراً - فإنكم ما علمت أعفة صبر وسترون بعدي أثرة في الأمر والقسم فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " .
مواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
1- موقفه في غزوة بدر
عن عبد الله بن أبي سفيان قال : ولقيه أسيد بن حضير فقال : يا رسول الله الحمد لله الذي ظفرك وأقرّ عينك ، والله يا رسول الله ما كان تخلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدواً ، ولكني ظننت أنها العير ولو ظننت أنه عدو ما تخلفت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدقت " .
2- مزاحه مع النبي صلى الله عليه وسلم
عن أسيد بن حضير قال : بينما هو يحدث القوم وكان فيه مزاح بينا يضحكهم فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود فقال : أصبرني . فقال : " اصطبر" . قال : إن عليك قميصاً وليس عليّ قميص . فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه وجعل يُقبل كشحه . ( الكشح : وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي ) قال : إنما أردت هذا يا رسول الله .
3- موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم من مقالة اليهود
روى الإمام مسلم بسنده عن أنس : أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوهنّ ولم يجامعوهنّ في البيوت ، فسأل أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " . فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه . فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا : يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا نجامعهنّ ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما فخرجا ، فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما .
4- موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم من الرجل الغادر
كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة : ما أحد يغتال محمداً فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا ، فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله وقال له : إن أنت وفيتني خرجت إليه حتى أغتاله فإني هاد بالطريق ، خريت معي خنجر مثل خافية النسر قال : أنت صاحبنا وأعطاه بعيراً ونفقة وقال : اطو أمرك فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينميه إلى محمد ، قال : قال الأعرابي : لا يعلمه أحد . فخرج ليلاً على راحلته فسار خمساً وصبح ظهر الحي يوم سادسه ، ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المصلى فقال له قائل : قد توجه إلى بني عبد الأشهل ، فخرج الأعرابي يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل فعقل راحلته ثم أقبل يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده في جماعة في أصحابه يُحدّث في مسجده ، فلما دخل ورآه رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه : إن هذا الرجل يريد غدراً والله حائل بينه وبين ما يريده فوقف وقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا ابن عبد المطلب " . فذهب ينحني على رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يساره فجبذه أسيد بن حضير وقال : تنح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجذب بداخل إزاره فإذا الخنجر فقال : يا رسول الله هذا غادر ، فأسقط في يد الأعرابي . وقال : دمي دمي يا محمد ، وأخذه أسيد بن حضير يلببه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " اصدقني ما أنت ؟ وما أقدمك ؟ فإن صدقتني نفعك الصدق وإن كذبتني فقد اطلعت على ما هممت به " قال العربي : فأنا آمن ؟ قال : " وأنت آمن " . فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له ، فأمر به فحبس عند أسيد بن حضير ثم دعا به من الغد فقال : " قد أمنتك فاذهب حيث شئت أو خير لك من ذلك ؟ " قال : وما هو؟ فقال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله " ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك أنت رسول الله والله يا محمد ما كنت أفرق من الرجال فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي وضعفت ، ثم اطلعت على ما هممت به فما سبقت به الركبان ولم يطلع عليه أحد ، فعرفت أنك ممنوع وأنك على حق وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم وأقام أياماً ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فخرج من عنده ولم يُسمع له بذكر .
5- موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه مقالة عبد الله بن أبي حين إقفاله من غزوة بني المصطلق
قال ابن إسحاق : فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش وسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ثم قال : يا نبي الله والله لقد رحت في ساعة منكرة ( وقت الظهيرة ) ما كنت تروح في مثلها . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو ما بلغك ما قال صاحبكم ؟ " قال : وأي صاحب يا رسول الله ؟ قال : " عبد الله بن أبي " . قال : وما قال ؟ قال : " زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل " . قال : فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت وهو والله الذليل وأنت العزيز . ثم قال : يا رسول الله ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك ، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكاً .
مواقف من حياته مع الصحابة
موقفه مع سعد بن عبادة في حادث الإفك
قالت السيدة عائشة في حديثها الطويل : فقام رسول الله من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول فقال رسول الله : " من يعذرني من رجل بلغ أذاه في أهلي فو الله فو الله فو الله - ثلاث مرات - ما علمت على أهلي إلا خيراً ، وقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً وما كان يدخل على أهلي إلا معي " . فقام سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك .
موقفه مع قومه لما اشتكى من مرضه
عن عبد الله بن هبيرة أن أسيد بن حضير كان يؤم بني عبد الأشهل وأنه اشتكى فخرج إليهم بعد شكواه فقالوا له : تقدم . قال : لا أستطيع أن أُصلي . قالوا : لا يؤمنا أحد غيرك ما دمت . فقال : اجلسوا ، فصلى بهم جلوساً .
موقفه مع عمر رضي الله عنه
عن أسيد بن حضير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنكم ستلقون بعدي أثرة " ، فلما كان زمان عمر قسم حللاً فبعث إليّ منها بحلة فاستصغرتها فأعطيتها ابني ، فبينا أنا أُصلي إذ مر بي شاب من قريش عليه حلة من تلك الحلل يجرها ، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنكم ستلقون أثرة بعدي " ، فقلت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق رجل إلى عمر فأخبره فجاء وأنا أصلي فقال: صل يا أسيد . فلما قضيت صلاتي قال : كيف قلت ؟ فأخبرته قال : تلك حلة بعثت بها إلى فلان وهو بدري أحدي عقبي ، فأتاه هذا الفتى فابتاعها منه فلبسها فظننت أن ذلك يكون في زماني . قلت : قد والله يا أمير المؤمنين ظننت أن ذلك لا يكون في زمانك .
موقفه مع آل أبي بكر رضي الله عنهم
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون إلى المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجري راقد أقبل أبي فلكزني لكزة ثم قال : حبست الناس ! ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد ونزلت : " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة " الآية . قال أسيد بن حضير : لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر ! ما أنتم إلا بركة .
موقفه عند وفاة امرأته
عن عائشة قالت : قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة وكان غلمان من الأنصار تلقوا أهليهم فلقوا أسيد بن حضير فنعوا له امرأته فتقنع وجعل يبكي ، قالت فقلت له : غفر الله لك أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك من السابقة والقدم ما لك تبكي على امرأة ؟ فكشف عن رأسه وقال : صدقت لعمري حقي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال . قالت قلت له : ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ . قالت : وهو يسير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أثره في الآخرين
في لحظات إسلامه الأولى رضي الله عنه أصبح داعياً إلى الله تعالى ، وكان هو وسعد بن معاذ سيدا قومهما وبمجرد أن أسلم أسيد رضي الله عنه قال لمصعب : إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ، ثم أخذ حربته فانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلاً قال : أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب من عندكم . فلما وقف على النادي قال له سعد : ما فعلت ؟ قال : كلمت الرجلين فو الله ما رأيت بهما بأساً وقد نهيتهما . فقالا : فافعل ما أحببت ، وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك ، فقام سعد مغضباً مبادراً للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة ثم قال : والله ما أراك أغنيت شيئاً . فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيداً إنما أراد أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتماً ، ثم قال لأسعد بن زرارة : لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني ، تغشانا في دارنا بما نكره . وقد قال أسعد لمصعب : جاءك والله سيد قومه إن يتبعك لم يخالفك منهم أحد . فقال له مصعب : أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمراً ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره . قال سعد : أنصفت ، ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن . قالا : فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله ، ثم تشهد شهادة الحق ثم صلي ركعتين فقام واغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق وركع ركعتين .
وممن روى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أسيد رضي الله عنه : أم المؤمنين السيدة عائشة ، وأنس بن مالك ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعكرمة بن خالد بن العاص .
بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم
روى البخاري بسنده عن أسيد بن حضير رضي الله عنهم أن رجلاً من الأنصار قال : يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلاناً . قال : " ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " .
مناقبه وما قيل فيه
في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم الرجل أبو بكر ، نعم الرجل عمر ، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح ، نعم الرجل أسيد بن حضير ، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس ، نعم الرجل معاذ بن جبل ، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح " .
وعن عائشة قالت : ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل كلهم من بني عبد الأشهل : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر .
وقال عنه أنس بن مالك رضي الله عنه : كان أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس ( شديدة الظلمة ) فتحدثا عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا أحدهما ، فمشيا في ضوئها فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد منهما عصاه فمشى في ضوئها . انفرد بإخراجه البخاري .
روى الإمام أحمد بسنده عن عائشة أنها كانت تقول : كان أسيد بن حضير من أفاضل الناس وكان يقول : لو أني أكون كما أكون على أحوال ثلاث من أحوالي لكنت حين أقرأ القرآن وحين أسمعه يقرأ ، وإذا سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا شهدت جنازة وما شهدت جنازة قط فحدثت نفسي بسوى ما هو مفعول بها وما هي صائرة إليه .
الوفاة
عن عروة أن أسيد بن حضير مات وعليه دين أربعة آلاف درهم فبيعت أرضه ، فقال عمر : لا أترك بني أخي عالة ، فردّ الأرض وباع ثمرها من الغرماء أربع سنين بأربعة آلاف كل سنة ألف درهم . وقد توفي رضي الله عنه سنة 20 من الهجرة ودفن بالبقيع .
المراجع
سيرة ابن هشام - ابن هشام
الإصابة - ابن حجر العسقلاني
صفة الصفوة - ابن الجوزي
( بطل يوم السقيفة )
نسبه
هو أسيد بن الحضير بن سماك الأنصاري الأشهلي يكنى ( أبا يحيى ) و ( أبا عتيك ) ، وكان أبوه حضير فارس الأوس ورئيسهم يوم بُعاث .
حاله في الجاهلية
كان يكتب بالعربية ويُحسن السباحة والرمي ، وكانوا في الجاهلية يسمون من كانت فيه هذه الخصال بـ ( الكامل ) .
إسلامه
كان أسيد رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام وهو أحد النقباء ليلة العقبة ، وكان إسلامه على يد مصعب بن عمير قبل سعد بن معاذ رضي الله عنهم أجمعين .
قصة إسلامه
لما انصرف القوم بعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير ، وأمره أن يُقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين ، وكان مصعب يسمى بالمدينة ( المقرئ ) ، وكان منزله على أسعد بن زرارة ، ثم إن أسعد بن زرارة خرج بمصعب فدخل به حائطاً من حوائط بني ظفر فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم ، فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير : انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي ولولا ذاك لكفيتكه ، وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدي قومهما من بني عبد الأشهل وهما مشركان ، فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد وهما جالسان في الحائط ، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب : هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه . قال مصعب : إن يجلس أكلمه . قال : فوقف عليهما متشتماً فقال : ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة . فقال له مصعب : أو تجلس فتسمع ؟ فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره ؟ قال : أنصفت ، ثم ركز حربته وجلس إليهما ، فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا : والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله . ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين ؟ قالا له: تغتسل وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين ، فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم قام وركع ركعتين .
واختلف في شهوده بدراً قال ابن سعد : كان شريفاً كاملاً ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة ، وكان ممن ثبت يوم أحد ، وجُرح حينئذ سبع جراحات ، وقال ابن السكن : شهد بدراً والعقبة وكان من النقباء .
من ملامح شخصيته
1- ولعه بالقرآن الكريم
عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال : بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ـ وفرسه مربوطة عنده ،إذ جالت الفرس فسكت فسكنت ، فقرأ فجالت الفرس ، فسكت فسكنت ، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف ، وكان ابنه يحيى قريباً منها فأشفق أن تصيبه ، فلما أخّره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها ، فلما أصبح حدّث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اقرأ يا ابن حضير " . قال : قد أشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريباً ، وانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح ، فخرجت حتى لا أراها . قال : " وتدري ما ذاك ؟ " قال : لا . قال : " تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم " .
عن أبي سعيد الخدري وابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " اقرأ يا أسيد فقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود عليه السلام " .
2- شعوره بالمسلمين وعطفه وحرصه عليهم
عن أنس قال : جاء أسيد بن حضير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان قسّم طعاماً فذكر له أهل بيت من الأنصار من بني ظفر فيهم حاجة وجل أهل ذلك البيت نسوة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " تركتنا يا أسيد حتى ذهب ما في أيدينا !، فإذا سمعت بشيء قد جاءنا فاذكر لي أهل ذلك البيت " ، فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر شعير أو تمر ، فقسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وقسّم في الأنصار فأجزل ، وقسّم في أهل البيت فأجزل ، فقال أسيد بن حضير متشكراً : جزاك الله أي نبي الله أطيب الجزاء - أو قال : خيراً - . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وأنتم معشر الأنصار فجزاكم الله أطيب الجزاء - أو قال : خيراً - فإنكم ما علمت أعفة صبر وسترون بعدي أثرة في الأمر والقسم فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " .
مواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
1- موقفه في غزوة بدر
عن عبد الله بن أبي سفيان قال : ولقيه أسيد بن حضير فقال : يا رسول الله الحمد لله الذي ظفرك وأقرّ عينك ، والله يا رسول الله ما كان تخلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدواً ، ولكني ظننت أنها العير ولو ظننت أنه عدو ما تخلفت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدقت " .
2- مزاحه مع النبي صلى الله عليه وسلم
عن أسيد بن حضير قال : بينما هو يحدث القوم وكان فيه مزاح بينا يضحكهم فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود فقال : أصبرني . فقال : " اصطبر" . قال : إن عليك قميصاً وليس عليّ قميص . فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه وجعل يُقبل كشحه . ( الكشح : وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي ) قال : إنما أردت هذا يا رسول الله .
3- موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم من مقالة اليهود
روى الإمام مسلم بسنده عن أنس : أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوهنّ ولم يجامعوهنّ في البيوت ، فسأل أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " . فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه . فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا : يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا نجامعهنّ ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما فخرجا ، فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما .
4- موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم من الرجل الغادر
كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة : ما أحد يغتال محمداً فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا ، فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله وقال له : إن أنت وفيتني خرجت إليه حتى أغتاله فإني هاد بالطريق ، خريت معي خنجر مثل خافية النسر قال : أنت صاحبنا وأعطاه بعيراً ونفقة وقال : اطو أمرك فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينميه إلى محمد ، قال : قال الأعرابي : لا يعلمه أحد . فخرج ليلاً على راحلته فسار خمساً وصبح ظهر الحي يوم سادسه ، ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المصلى فقال له قائل : قد توجه إلى بني عبد الأشهل ، فخرج الأعرابي يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل فعقل راحلته ثم أقبل يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده في جماعة في أصحابه يُحدّث في مسجده ، فلما دخل ورآه رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه : إن هذا الرجل يريد غدراً والله حائل بينه وبين ما يريده فوقف وقال : أيكم ابن عبد المطلب ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا ابن عبد المطلب " . فذهب ينحني على رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يساره فجبذه أسيد بن حضير وقال : تنح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجذب بداخل إزاره فإذا الخنجر فقال : يا رسول الله هذا غادر ، فأسقط في يد الأعرابي . وقال : دمي دمي يا محمد ، وأخذه أسيد بن حضير يلببه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " اصدقني ما أنت ؟ وما أقدمك ؟ فإن صدقتني نفعك الصدق وإن كذبتني فقد اطلعت على ما هممت به " قال العربي : فأنا آمن ؟ قال : " وأنت آمن " . فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له ، فأمر به فحبس عند أسيد بن حضير ثم دعا به من الغد فقال : " قد أمنتك فاذهب حيث شئت أو خير لك من ذلك ؟ " قال : وما هو؟ فقال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله " ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك أنت رسول الله والله يا محمد ما كنت أفرق من الرجال فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي وضعفت ، ثم اطلعت على ما هممت به فما سبقت به الركبان ولم يطلع عليه أحد ، فعرفت أنك ممنوع وأنك على حق وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم وأقام أياماً ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فخرج من عنده ولم يُسمع له بذكر .
5- موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه مقالة عبد الله بن أبي حين إقفاله من غزوة بني المصطلق
قال ابن إسحاق : فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش وسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ثم قال : يا نبي الله والله لقد رحت في ساعة منكرة ( وقت الظهيرة ) ما كنت تروح في مثلها . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو ما بلغك ما قال صاحبكم ؟ " قال : وأي صاحب يا رسول الله ؟ قال : " عبد الله بن أبي " . قال : وما قال ؟ قال : " زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل " . قال : فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت وهو والله الذليل وأنت العزيز . ثم قال : يا رسول الله ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك ، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكاً .
مواقف من حياته مع الصحابة
موقفه مع سعد بن عبادة في حادث الإفك
قالت السيدة عائشة في حديثها الطويل : فقام رسول الله من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول فقال رسول الله : " من يعذرني من رجل بلغ أذاه في أهلي فو الله فو الله فو الله - ثلاث مرات - ما علمت على أهلي إلا خيراً ، وقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً وما كان يدخل على أهلي إلا معي " . فقام سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك .
موقفه مع قومه لما اشتكى من مرضه
عن عبد الله بن هبيرة أن أسيد بن حضير كان يؤم بني عبد الأشهل وأنه اشتكى فخرج إليهم بعد شكواه فقالوا له : تقدم . قال : لا أستطيع أن أُصلي . قالوا : لا يؤمنا أحد غيرك ما دمت . فقال : اجلسوا ، فصلى بهم جلوساً .
موقفه مع عمر رضي الله عنه
عن أسيد بن حضير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنكم ستلقون بعدي أثرة " ، فلما كان زمان عمر قسم حللاً فبعث إليّ منها بحلة فاستصغرتها فأعطيتها ابني ، فبينا أنا أُصلي إذ مر بي شاب من قريش عليه حلة من تلك الحلل يجرها ، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنكم ستلقون أثرة بعدي " ، فقلت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق رجل إلى عمر فأخبره فجاء وأنا أصلي فقال: صل يا أسيد . فلما قضيت صلاتي قال : كيف قلت ؟ فأخبرته قال : تلك حلة بعثت بها إلى فلان وهو بدري أحدي عقبي ، فأتاه هذا الفتى فابتاعها منه فلبسها فظننت أن ذلك يكون في زماني . قلت : قد والله يا أمير المؤمنين ظننت أن ذلك لا يكون في زمانك .
موقفه مع آل أبي بكر رضي الله عنهم
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون إلى المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجري راقد أقبل أبي فلكزني لكزة ثم قال : حبست الناس ! ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد ونزلت : " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة " الآية . قال أسيد بن حضير : لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر ! ما أنتم إلا بركة .
موقفه عند وفاة امرأته
عن عائشة قالت : قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة وكان غلمان من الأنصار تلقوا أهليهم فلقوا أسيد بن حضير فنعوا له امرأته فتقنع وجعل يبكي ، قالت فقلت له : غفر الله لك أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك من السابقة والقدم ما لك تبكي على امرأة ؟ فكشف عن رأسه وقال : صدقت لعمري حقي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال . قالت قلت له : ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ . قالت : وهو يسير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أثره في الآخرين
في لحظات إسلامه الأولى رضي الله عنه أصبح داعياً إلى الله تعالى ، وكان هو وسعد بن معاذ سيدا قومهما وبمجرد أن أسلم أسيد رضي الله عنه قال لمصعب : إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ، ثم أخذ حربته فانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلاً قال : أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب من عندكم . فلما وقف على النادي قال له سعد : ما فعلت ؟ قال : كلمت الرجلين فو الله ما رأيت بهما بأساً وقد نهيتهما . فقالا : فافعل ما أحببت ، وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك ، فقام سعد مغضباً مبادراً للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة ثم قال : والله ما أراك أغنيت شيئاً . فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيداً إنما أراد أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتماً ، ثم قال لأسعد بن زرارة : لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني ، تغشانا في دارنا بما نكره . وقد قال أسعد لمصعب : جاءك والله سيد قومه إن يتبعك لم يخالفك منهم أحد . فقال له مصعب : أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمراً ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره . قال سعد : أنصفت ، ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن . قالا : فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله ، ثم تشهد شهادة الحق ثم صلي ركعتين فقام واغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق وركع ركعتين .
وممن روى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أسيد رضي الله عنه : أم المؤمنين السيدة عائشة ، وأنس بن مالك ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعكرمة بن خالد بن العاص .
بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم
روى البخاري بسنده عن أسيد بن حضير رضي الله عنهم أن رجلاً من الأنصار قال : يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلاناً . قال : " ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " .
مناقبه وما قيل فيه
في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم الرجل أبو بكر ، نعم الرجل عمر ، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح ، نعم الرجل أسيد بن حضير ، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس ، نعم الرجل معاذ بن جبل ، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح " .
وعن عائشة قالت : ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل كلهم من بني عبد الأشهل : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر .
وقال عنه أنس بن مالك رضي الله عنه : كان أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس ( شديدة الظلمة ) فتحدثا عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا أحدهما ، فمشيا في ضوئها فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد منهما عصاه فمشى في ضوئها . انفرد بإخراجه البخاري .
روى الإمام أحمد بسنده عن عائشة أنها كانت تقول : كان أسيد بن حضير من أفاضل الناس وكان يقول : لو أني أكون كما أكون على أحوال ثلاث من أحوالي لكنت حين أقرأ القرآن وحين أسمعه يقرأ ، وإذا سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا شهدت جنازة وما شهدت جنازة قط فحدثت نفسي بسوى ما هو مفعول بها وما هي صائرة إليه .
الوفاة
عن عروة أن أسيد بن حضير مات وعليه دين أربعة آلاف درهم فبيعت أرضه ، فقال عمر : لا أترك بني أخي عالة ، فردّ الأرض وباع ثمرها من الغرماء أربع سنين بأربعة آلاف كل سنة ألف درهم . وقد توفي رضي الله عنه سنة 20 من الهجرة ودفن بالبقيع .
المراجع
سيرة ابن هشام - ابن هشام
الإصابة - ابن حجر العسقلاني
صفة الصفوة - ابن الجوزي