ريمة مطهر
02-11-2011, 01:52 AM
زيد بن حارثة رضي الله عنه
( حبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم )
نسبه
هو زيد بن حارثة بن شراحيل من بني قضاعة ، أبو أسامة ، ( حبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وقد كان زيد قد أصابه سباء في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام في سوق حباشة ، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعاً للعرب يتسوقون بها في كل سنة ، اشتراه حكيم للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، فوهبته السيدة خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة ، وهو ابن ثمان سنين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين ، وقد قيل : بعشرين سنة . وطاف به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول : " هذا ابني وارثاً وموروثاً " ، يُشهدهم على ذلك .
وقال أبوه ( حارثة بن شراحيل ) - حين فقده :
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحي يرجى أم أتى دونه الأجل
فو الله ما أدري وإن كنت سائل ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
تذكرنيه الشمس عند طلوعه ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه ويا وجل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهد ... ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي ... وكل امرئ فان وإن غره الأجل
سأوصي به عمرا وقيسا كليهم ... وأوصى يزيد ثم من بعده جبل
( يعنى : جبلة بن حارثة أخا زيد ) وكان أكبر من زيد و ( يعني : يزيد أخا زيد لأمه وهو يزيد بن كعب بن شراحيل ) ، فحج ناس من كلب فرأوا زيداً فعرفهم وعرفوه فقال لهم : أبلغوا عني أهلي هذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا عليّ فقال :
أحن إلى قومي وإن كنت نائي ... فإني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسرة ... كرام معد كابرا بعد كابر
فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه فقال : ابني ورب الكعبة . ووصفوا له موضعه وعند من هو . فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه وقدما مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل : هو في المسجد ، فدخلا عليه فقال : يا بن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير ، جئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه . قال : " ومن هو ؟ " . قالوا : زيد بن حارثة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فهلا غير ذلك " !. قالوا : وما هو ؟ . قال : " ادعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم ، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً " . قال : قد زدتنا على النصف وأحسنت ، فدعاه فقال : " هل تعرف هؤلاء ! " قال : نعم . قال : " من هذا ؟ " قال : هذا أبي ، وهذا عمي . قال : " فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما ". قال زيد : ما أنا بالذي أختار عليك أحداً ، أنت مني مكان الأب والعم . فقال : ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وعلى أهل بيتك ! قال : نعم . قد رأيت من هذا الرجل شيء ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال : " يا من حضر . اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه " . فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرف . ودُعي ( زيد بن محمد ) حتى جاء الإسلام فنزلت : " ادعوهم لآبائهم " . فدُعي يومئذ زيد بن حارثة ، ودعي الأدعياء إلى آبائهم فدُعي المقداد بن عمرو وكان يُقال له قبل ذلك المقداد بن الأسود لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه .
إسلامه
ذكر معمر في جامعه عن الزهري قال : ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة .
كان رضي الله عنه أول من أسلم من الموالي ، أسلم في العشرينات من عمره ، وكان ربيب بيت النبوة ، فلا شك أنه أخذ عن حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير .
مناقبه
نزل في حقه قرآن يتلى إلى يوم الدين : عن قتادة في قوله : " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه " وهو زيد بن حارثة أنعم الله عليه ( أي : بالإسلام ) ، وأنعمت عليه ( أي : أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، بل إنه الوحيد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء اسمه في كتاب الله : " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً " . ( سورة الأحزاب : 37 )
وعن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يقول : ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل في القرآن " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " .
قصة زواجه من زينب وتطليقه لها وزواج الرسول صلى الله عليه وسلم منها
عن عمر بن عثمان الجحشي عن أبيه قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة جميلة فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت : لا أرضاه ، وكانت أيم قريش . قال : فإني قد رضيته لك ، فتزوجها زيد الحديث . قال بن عمر فحدثني عبد الله بن عامر الأسلمي عن محمد بن يحيى بن حبان قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه وكان زيد إنما يُقال له : ( زيد بن محمد ) فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول : " أين زيد ؟ " فجاء منزله يطلبه فلم يجده فتقوم إليه زينب فتقول له : هنا يا رسول الله فولى فيولي يهمهم بشيء لا يكاد يفهم عنه إلا سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب ، فجاء زيد إلى منزله فأخبرته امرأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله فقال زيد : ألا قلت له يدخل ؟ قالت : قد عرضت ذلك عليه وأبى . قالت : فسمعته يقول شيئاً قالت : سمعته حين ولى تكلم بكلام لا أفهمه وسمعته يقول : سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب . قال : فخرج زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله بلغني إنك جئت منزلي فهلا دخلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها . فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمسك عليك زوجك " ، فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك . ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره فيقول : " أمسك عليك زوجك " . فيقول : يا رسول الله إذاً أفارقها . فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احبس عليك زوجك " . ففارقها زيد واعتزلها وحلت . قال : فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها إذ أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيمة ثم سري عنه وهو يتبسم وهو يقول : " من يذهب إلى زينب يُبشرها أن الله عز وجل زوجنيها من السماء ، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه " القصة كلها ، قالت عائشة رضي الله عنها : فأخذني ما قرب وما بعد لما كان بلغني من جمالها وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها زوجها الله عز وجل من السماء وقالت عائشة : هي تفخر علينا بهذا .
أحن إلى قومي وإن كنت نائي ... فإني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسرة ... كرام معد كابرا بعد كابر
حدثنا أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء قال : " عليكم زيد بن حارثة فإن أصيب زيد فجعفر ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ، فوثب جعفر فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما كنت أرغب أن تستعمل عليّ زيداً ! فقال : " امض ، فإنك لا تدري في أي ذلك خير " ، فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن يُنادى الصلاة جامعة فقال : " ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي ، انطلقوا فلقوا العدو فأصيب زيد شهيداً استغفروا له ، فاستغفر له الناس ، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى قُتل شهيداً استغفروا له ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فثبتت قدماه حتى قُتل شهيداً استغفروا له ، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء هو أمَّر نفسه " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صبعيه ثم قال : " اللهم هو سيف من سيوفك فأنت تنصره " فمن يومئذ سُمي خالد بن الوليد ( سيف الله ) .
الوفاة
كانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة ، وقُتل زيد يومئذ وهو ابن خمس وخمسين سنة .
المرجع
المغازي ( غزوة مؤتة )
( حبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم )
نسبه
هو زيد بن حارثة بن شراحيل من بني قضاعة ، أبو أسامة ، ( حبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وقد كان زيد قد أصابه سباء في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام في سوق حباشة ، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعاً للعرب يتسوقون بها في كل سنة ، اشتراه حكيم للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، فوهبته السيدة خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة ، وهو ابن ثمان سنين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين ، وقد قيل : بعشرين سنة . وطاف به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول : " هذا ابني وارثاً وموروثاً " ، يُشهدهم على ذلك .
وقال أبوه ( حارثة بن شراحيل ) - حين فقده :
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحي يرجى أم أتى دونه الأجل
فو الله ما أدري وإن كنت سائل ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
تذكرنيه الشمس عند طلوعه ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه ويا وجل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهد ... ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي ... وكل امرئ فان وإن غره الأجل
سأوصي به عمرا وقيسا كليهم ... وأوصى يزيد ثم من بعده جبل
( يعنى : جبلة بن حارثة أخا زيد ) وكان أكبر من زيد و ( يعني : يزيد أخا زيد لأمه وهو يزيد بن كعب بن شراحيل ) ، فحج ناس من كلب فرأوا زيداً فعرفهم وعرفوه فقال لهم : أبلغوا عني أهلي هذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا عليّ فقال :
أحن إلى قومي وإن كنت نائي ... فإني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسرة ... كرام معد كابرا بعد كابر
فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه فقال : ابني ورب الكعبة . ووصفوا له موضعه وعند من هو . فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه وقدما مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل : هو في المسجد ، فدخلا عليه فقال : يا بن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير ، جئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه . قال : " ومن هو ؟ " . قالوا : زيد بن حارثة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فهلا غير ذلك " !. قالوا : وما هو ؟ . قال : " ادعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم ، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً " . قال : قد زدتنا على النصف وأحسنت ، فدعاه فقال : " هل تعرف هؤلاء ! " قال : نعم . قال : " من هذا ؟ " قال : هذا أبي ، وهذا عمي . قال : " فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما ". قال زيد : ما أنا بالذي أختار عليك أحداً ، أنت مني مكان الأب والعم . فقال : ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وعلى أهل بيتك ! قال : نعم . قد رأيت من هذا الرجل شيء ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال : " يا من حضر . اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه " . فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرف . ودُعي ( زيد بن محمد ) حتى جاء الإسلام فنزلت : " ادعوهم لآبائهم " . فدُعي يومئذ زيد بن حارثة ، ودعي الأدعياء إلى آبائهم فدُعي المقداد بن عمرو وكان يُقال له قبل ذلك المقداد بن الأسود لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه .
إسلامه
ذكر معمر في جامعه عن الزهري قال : ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة .
كان رضي الله عنه أول من أسلم من الموالي ، أسلم في العشرينات من عمره ، وكان ربيب بيت النبوة ، فلا شك أنه أخذ عن حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير .
مناقبه
نزل في حقه قرآن يتلى إلى يوم الدين : عن قتادة في قوله : " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه " وهو زيد بن حارثة أنعم الله عليه ( أي : بالإسلام ) ، وأنعمت عليه ( أي : أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، بل إنه الوحيد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء اسمه في كتاب الله : " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً " . ( سورة الأحزاب : 37 )
وعن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يقول : ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل في القرآن " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " .
قصة زواجه من زينب وتطليقه لها وزواج الرسول صلى الله عليه وسلم منها
عن عمر بن عثمان الجحشي عن أبيه قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة جميلة فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت : لا أرضاه ، وكانت أيم قريش . قال : فإني قد رضيته لك ، فتزوجها زيد الحديث . قال بن عمر فحدثني عبد الله بن عامر الأسلمي عن محمد بن يحيى بن حبان قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه وكان زيد إنما يُقال له : ( زيد بن محمد ) فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول : " أين زيد ؟ " فجاء منزله يطلبه فلم يجده فتقوم إليه زينب فتقول له : هنا يا رسول الله فولى فيولي يهمهم بشيء لا يكاد يفهم عنه إلا سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب ، فجاء زيد إلى منزله فأخبرته امرأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله فقال زيد : ألا قلت له يدخل ؟ قالت : قد عرضت ذلك عليه وأبى . قالت : فسمعته يقول شيئاً قالت : سمعته حين ولى تكلم بكلام لا أفهمه وسمعته يقول : سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب . قال : فخرج زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله بلغني إنك جئت منزلي فهلا دخلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها . فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمسك عليك زوجك " ، فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك . ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره فيقول : " أمسك عليك زوجك " . فيقول : يا رسول الله إذاً أفارقها . فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احبس عليك زوجك " . ففارقها زيد واعتزلها وحلت . قال : فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها إذ أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيمة ثم سري عنه وهو يتبسم وهو يقول : " من يذهب إلى زينب يُبشرها أن الله عز وجل زوجنيها من السماء ، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه " القصة كلها ، قالت عائشة رضي الله عنها : فأخذني ما قرب وما بعد لما كان بلغني من جمالها وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها زوجها الله عز وجل من السماء وقالت عائشة : هي تفخر علينا بهذا .
أحن إلى قومي وإن كنت نائي ... فإني قعيد البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسرة ... كرام معد كابرا بعد كابر
حدثنا أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء قال : " عليكم زيد بن حارثة فإن أصيب زيد فجعفر ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ، فوثب جعفر فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما كنت أرغب أن تستعمل عليّ زيداً ! فقال : " امض ، فإنك لا تدري في أي ذلك خير " ، فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن يُنادى الصلاة جامعة فقال : " ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي ، انطلقوا فلقوا العدو فأصيب زيد شهيداً استغفروا له ، فاستغفر له الناس ، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى قُتل شهيداً استغفروا له ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فثبتت قدماه حتى قُتل شهيداً استغفروا له ، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء هو أمَّر نفسه " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صبعيه ثم قال : " اللهم هو سيف من سيوفك فأنت تنصره " فمن يومئذ سُمي خالد بن الوليد ( سيف الله ) .
الوفاة
كانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة ، وقُتل زيد يومئذ وهو ابن خمس وخمسين سنة .
المرجع
المغازي ( غزوة مؤتة )