ريمة مطهر
02-10-2011, 08:34 PM
الزبير بن العوام رضي الله عنه
( حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم )
نسبه
هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي . ولد سنة 28 قبل الهجرة . أبو عبد الله ( حواري رسول صلي الله عليه وسلمِ ) ، فعَنْ جَابِر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ " يَوْمَ الْأَحْزَابِ قَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : " مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ " قَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْر " .
وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صفية بنت عبد المطلب ) رضي الله عنها ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى بعد مقتل عمر رضي الله عنه .
دعاه الصديق رضي الله عنه للإسلام ، فكان من أوائل من أسلموا ، أسلم بمكة قديماً وكان عمره حينئذ 12 سنة ، وتربى تربية قاسية ، وعذبه قومه حتى يرجع عن دينه ، فقد كان عم الزبير يُعلقه في حصير ، ويدحض عليه ليرجع إلى الكفر ، فيقول : لا أكفر أبداً ، وقال الزبير بن بكار في كتاب النسب : حدثني عمي مصعب ، عن جدي عبد الله بن مصعب ، أن العوام لما مات كان نوفل بن خويلد يلي ابن أخيه الزبير ، وكانت صفية تضربه وهو صغير ، وتغلظ عليه فعاتبها نوفل ، وقال : ما هكذا يُضرب الولد ، إنك لتضربينه ضرب مبغضة ، فرجزت به صفية .
أهم ملامح شخصيته
كان وقافًاً عند أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ : أَسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ . فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ " .
كان توكله على الله منطلق جوده وشجاعته وفدائيته ، وحين كان يجود بروحه أوصى ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلاً : إذا أعجزك دين ، فاستعن بمولاي . وسأله عبد الله : أي مولى تعني؟ فأجابه : الله ، نعم المولى ونعم النصير . يقول عبد الله فيما بعد : فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقضي دينه ، فيقضيه .
هجرته
كان من المهاجرين بدينهم إلى الحبشـة ، تزوج أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم . عن مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ : إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ . قَالَتْ : حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .
هاجرا إلى المدينة ، فولدت له أول مولود للمسلمين في المدينة ( عبد الله بن الزبير ) ، ثم مصعب .
قلة روايته للحديث
كان رضي الله عنه حريصاً على ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه لم يرو الكثير من الأحاديث . فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا لِي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفُلَانًا وَفُلَانًا . قَالَ : أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً : ( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) .
كما كان أول من سلّ سيفاً في سبيل الله : عن عروة وابن المسيب قالا : أول رجل سلّ سيفه في الله الزبير، وذلك أن الشيطان نفخ نفخة ، فقال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقبل الزبير يشق الناس بسيفه ، النبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة .
مما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ ( الْحَالِقَةُ ) حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .
شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في غزوة بـدر
كان الزبير أحد مغاوير الإسلام وأبطاله في يوم الفرقان ، وكان على الميمنة ، وقد قتل الزبير في هذا اليوم العظيم عبيدة بن سعيد بن العاص ، كما قتل السائب بن أبى السائب بن عابد ، ونوفل بن خويلد بن أسد ( عمه ) ، وفل فلة في سيفه وجرح جرحين غائرين ، بأبي وأمي فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه ، من نزلت بسيماه الملائكة في يوم بدر، وجمع .
عن عروة بن الزبير قال : كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء فنزل جبريل على سيماء الزبير . وفي هذا يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير :
جدي ابن عمة أحمد ووزيره عند البلاء وفارس الشقراء
وغداة بدر كان أول فارس شهد الوغى في اللامة الصفراء
نزلت بسيماه الملائك نصرة بالحوض يوم تألب الأعداء
عن الزبير قال : لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج لا يُرى إلا عيناه وكان يكنى : أبا ذات الكرش ، فحملت عليه بالعنزة ، فطعنته في عينه ، فمات . فأخبرت أن الزبير قال : لقد وضعت رجلي عليه ، فكان الجهد أن نزعتها - يعنى الحربة - ، فلقد انثنى طرفها . [ رواه البخاري ]
وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحـد : حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ " قَالَتْ لِعُرْوَةَ : يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا قَالَ : مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ، قَالَ : كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ . [ رواه البخاري ]
وفي يوم قريظـة : جمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه
عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ : جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حواريه ( في الحديث الذي تقدم ذكـره ) .
وكان رضي الله عنه حامل راية المسلمين في فتح مكة ، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل في بعض الناس من كـدى ففعل ، وكان على المجنبة اليسرى من الجيش .
الزبير يوم حنين
ولما انهزمت هوازن في حنين وقف ملكهم مالك بن عوف النصري على ثنية مع طائفة من أصحابه فقال : قفوا حتى تجوز ضعفاؤكم وتلحق أخراكم . قال ابن إسحاق : فبلغني أن خيلا ( طلعت ومالك ) وأصحابه على الثنية ، فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً واضعي رماحهم بين آذان خيلهم طويلة بوادهم . فقال : هؤلاء بنو سليم ولا بأس عليكم منهم ، فلما أقبلوا سلكوا بطن الوادي ثم طلعت خيل أخرى تتبعها فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً عارضي رماحهم إغفالاً على خيلهم . فقال : هؤلاء الأوس والخزرج ولا بأس عليكم منهم ، فلما انتهوا إلى أصل الثنية سلكوا طريق بني سليم ثم طلع فارس فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ فقالوا : نرى فارساً طويل الباد واضعاً رمحه على عاتقه عاصباً رأسه بملاءة حمراء . قال : هذا الزبير بن العوام وأقسم باللات ليخالطنكم فأثبتوا له ، فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصر القوم فصمد لهم فلم يزل يُطاعنهم حتى أزاحهم عنها . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم فجمعت من الإبل والغنم والرقيق ، وأمر أن تساق إلى الجعرانة فتحبس هناك ، قال ابن إسحاق وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغنائم مسعود بن عمرو الغفاري .
موقعة الجمل واستشهاده
بعد استشهاد عثمان بن عفان أتم المبايعة الزبير وطلحة لعلي - رضي الله عنهم جميعاً - وخرجوا إلى مكة معتمرين ، ومن هناك خرجوا إلى البصرة للأخذ بثأر عثمان رضي الله عنه ، وكانت ( وقعة الجمل ) عام 36 هجري . طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع علي رضي الله عنه عندما رأى أم المؤمنين ( عائشة رضي الله عنها ) في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة : يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟ ثم قال للزبير : يا زبير : نشدتك الله ، أتذكر يوم مرّ بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمكان كذا ، فقال لك : يا زبير، ألا تحب علياً ؟؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟ فقال لك : يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم . فقال الزبير : نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لا أقاتلك . وأقلع طلحة والزبير - رضي الله عنهما - عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعا حياتهما ثمناً لانسحابهما ، ولقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدراً وهو يُصلي ، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته .
الشهادة
لمّا كان الزبير بوادي السباع نزل يُصلي فأتاه ( ابن جرموز ) من خلفه فقتله ، وسارع قاتل الزبير إلى علي يُبشره بعدوانه على الزبير ويضع سيفه الذي استلبه بين يديه ، لكن علياً صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن وأمر بطرده قائلاً : بشر قاتل ابن صفية بالنار . وحين أدخلوا عليه سيف الزبير قَبَلَهُ الإمام وأمعن في البكاء وهو يقول : سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبعد أن انتهى علي رضي الله عنه من دفنهما ودعهما بكلمات أنهاها قائلاً : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمان من الذين قال الله فيهم : " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين ." ثم نظر إلى قبريهما وقال : سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( طلحة والزبير ، جاراي في الجنة ) .
قتل الزبير بن العوام رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وله ست أو سبع وستون سنة .
المصدر
موقع نصرة سيدنا محمد رسول الله
( حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم )
نسبه
هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي . ولد سنة 28 قبل الهجرة . أبو عبد الله ( حواري رسول صلي الله عليه وسلمِ ) ، فعَنْ جَابِر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ " يَوْمَ الْأَحْزَابِ قَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : " مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ " قَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْر " .
وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صفية بنت عبد المطلب ) رضي الله عنها ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى بعد مقتل عمر رضي الله عنه .
دعاه الصديق رضي الله عنه للإسلام ، فكان من أوائل من أسلموا ، أسلم بمكة قديماً وكان عمره حينئذ 12 سنة ، وتربى تربية قاسية ، وعذبه قومه حتى يرجع عن دينه ، فقد كان عم الزبير يُعلقه في حصير ، ويدحض عليه ليرجع إلى الكفر ، فيقول : لا أكفر أبداً ، وقال الزبير بن بكار في كتاب النسب : حدثني عمي مصعب ، عن جدي عبد الله بن مصعب ، أن العوام لما مات كان نوفل بن خويلد يلي ابن أخيه الزبير ، وكانت صفية تضربه وهو صغير ، وتغلظ عليه فعاتبها نوفل ، وقال : ما هكذا يُضرب الولد ، إنك لتضربينه ضرب مبغضة ، فرجزت به صفية .
أهم ملامح شخصيته
كان وقافًاً عند أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ : أَسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ . فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ " .
كان توكله على الله منطلق جوده وشجاعته وفدائيته ، وحين كان يجود بروحه أوصى ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلاً : إذا أعجزك دين ، فاستعن بمولاي . وسأله عبد الله : أي مولى تعني؟ فأجابه : الله ، نعم المولى ونعم النصير . يقول عبد الله فيما بعد : فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقضي دينه ، فيقضيه .
هجرته
كان من المهاجرين بدينهم إلى الحبشـة ، تزوج أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم . عن مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ : إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ . قَالَتْ : حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .
هاجرا إلى المدينة ، فولدت له أول مولود للمسلمين في المدينة ( عبد الله بن الزبير ) ، ثم مصعب .
قلة روايته للحديث
كان رضي الله عنه حريصاً على ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه لم يرو الكثير من الأحاديث . فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا لِي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفُلَانًا وَفُلَانًا . قَالَ : أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً : ( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) .
كما كان أول من سلّ سيفاً في سبيل الله : عن عروة وابن المسيب قالا : أول رجل سلّ سيفه في الله الزبير، وذلك أن الشيطان نفخ نفخة ، فقال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقبل الزبير يشق الناس بسيفه ، النبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة .
مما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ ( الْحَالِقَةُ ) حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .
شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في غزوة بـدر
كان الزبير أحد مغاوير الإسلام وأبطاله في يوم الفرقان ، وكان على الميمنة ، وقد قتل الزبير في هذا اليوم العظيم عبيدة بن سعيد بن العاص ، كما قتل السائب بن أبى السائب بن عابد ، ونوفل بن خويلد بن أسد ( عمه ) ، وفل فلة في سيفه وجرح جرحين غائرين ، بأبي وأمي فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه ، من نزلت بسيماه الملائكة في يوم بدر، وجمع .
عن عروة بن الزبير قال : كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء فنزل جبريل على سيماء الزبير . وفي هذا يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير :
جدي ابن عمة أحمد ووزيره عند البلاء وفارس الشقراء
وغداة بدر كان أول فارس شهد الوغى في اللامة الصفراء
نزلت بسيماه الملائك نصرة بالحوض يوم تألب الأعداء
عن الزبير قال : لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج لا يُرى إلا عيناه وكان يكنى : أبا ذات الكرش ، فحملت عليه بالعنزة ، فطعنته في عينه ، فمات . فأخبرت أن الزبير قال : لقد وضعت رجلي عليه ، فكان الجهد أن نزعتها - يعنى الحربة - ، فلقد انثنى طرفها . [ رواه البخاري ]
وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحـد : حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ " قَالَتْ لِعُرْوَةَ : يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا قَالَ : مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ، قَالَ : كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ . [ رواه البخاري ]
وفي يوم قريظـة : جمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه
عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ : جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حواريه ( في الحديث الذي تقدم ذكـره ) .
وكان رضي الله عنه حامل راية المسلمين في فتح مكة ، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل في بعض الناس من كـدى ففعل ، وكان على المجنبة اليسرى من الجيش .
الزبير يوم حنين
ولما انهزمت هوازن في حنين وقف ملكهم مالك بن عوف النصري على ثنية مع طائفة من أصحابه فقال : قفوا حتى تجوز ضعفاؤكم وتلحق أخراكم . قال ابن إسحاق : فبلغني أن خيلا ( طلعت ومالك ) وأصحابه على الثنية ، فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً واضعي رماحهم بين آذان خيلهم طويلة بوادهم . فقال : هؤلاء بنو سليم ولا بأس عليكم منهم ، فلما أقبلوا سلكوا بطن الوادي ثم طلعت خيل أخرى تتبعها فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً عارضي رماحهم إغفالاً على خيلهم . فقال : هؤلاء الأوس والخزرج ولا بأس عليكم منهم ، فلما انتهوا إلى أصل الثنية سلكوا طريق بني سليم ثم طلع فارس فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ فقالوا : نرى فارساً طويل الباد واضعاً رمحه على عاتقه عاصباً رأسه بملاءة حمراء . قال : هذا الزبير بن العوام وأقسم باللات ليخالطنكم فأثبتوا له ، فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصر القوم فصمد لهم فلم يزل يُطاعنهم حتى أزاحهم عنها . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم فجمعت من الإبل والغنم والرقيق ، وأمر أن تساق إلى الجعرانة فتحبس هناك ، قال ابن إسحاق وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغنائم مسعود بن عمرو الغفاري .
موقعة الجمل واستشهاده
بعد استشهاد عثمان بن عفان أتم المبايعة الزبير وطلحة لعلي - رضي الله عنهم جميعاً - وخرجوا إلى مكة معتمرين ، ومن هناك خرجوا إلى البصرة للأخذ بثأر عثمان رضي الله عنه ، وكانت ( وقعة الجمل ) عام 36 هجري . طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع علي رضي الله عنه عندما رأى أم المؤمنين ( عائشة رضي الله عنها ) في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة : يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟ ثم قال للزبير : يا زبير : نشدتك الله ، أتذكر يوم مرّ بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمكان كذا ، فقال لك : يا زبير، ألا تحب علياً ؟؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟ فقال لك : يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم . فقال الزبير : نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لا أقاتلك . وأقلع طلحة والزبير - رضي الله عنهما - عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعا حياتهما ثمناً لانسحابهما ، ولقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدراً وهو يُصلي ، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته .
الشهادة
لمّا كان الزبير بوادي السباع نزل يُصلي فأتاه ( ابن جرموز ) من خلفه فقتله ، وسارع قاتل الزبير إلى علي يُبشره بعدوانه على الزبير ويضع سيفه الذي استلبه بين يديه ، لكن علياً صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن وأمر بطرده قائلاً : بشر قاتل ابن صفية بالنار . وحين أدخلوا عليه سيف الزبير قَبَلَهُ الإمام وأمعن في البكاء وهو يقول : سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبعد أن انتهى علي رضي الله عنه من دفنهما ودعهما بكلمات أنهاها قائلاً : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمان من الذين قال الله فيهم : " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين ." ثم نظر إلى قبريهما وقال : سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( طلحة والزبير ، جاراي في الجنة ) .
قتل الزبير بن العوام رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وله ست أو سبع وستون سنة .
المصدر
موقع نصرة سيدنا محمد رسول الله