شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : معتوق والبغبغان .. لفيت السبع اللفات أدور حكم وألغاز وحكايات


ريمة مطهر
03-31-2013, 12:04 PM
لفيت السبع اللفات أدور حكم وألغاز وحكايات
معتوق والبغبغان
وحدوا الله ..... لا إله إلا الله
وإللي عليه ذنب وخطية يقول أستغفر الله . أستغفر الله
ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه أفضل الصلاة والسلام

كان ياما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان . كان في واحد رجال اسمه معتوق طيب زي اليوم الطيب وصاحب أخلاق حميدة وإحسان . الكل يحبه ويحترمه من أهل حارته والجيران . عكس أخوه الشرير محماس اللي كان يضارب حتى دبان وجهه ، وحجر الأرض ما سلم من أذيته ، يشيله ويرميه من مكان لمكان وياويل أحد يزل ولو بنص كلمة أو يغلط عليه ، يعمي طريقه وينشف ريقه . وكم كلمه معتوق يحسن معاملته مع الناس والجيران ، لكن إدن من طين وإدن من عجين وكأنه يزيد ولا يسمع الكلام .
وفي يوم من الأيام كان معتوق راجع للبيت شاف في دربه بغبغان ( ببغاء ) يأن ويتألم وما هو قادر على الطيران . قرب معتوق من البغبغان ومسكه لقى جناحه مكسور ورجله كمان ، فك معتوق عمامته وحط البغبغان فيها واخده على البيت بحنان .
صار معتوق يطبب ( يعالج ) في البغبغان كل يوم ويحط له أكل وشرب ألين أتعافى . وصار البغبغان يردد الكلام ورى معتوق ، ويوم ورى يوم صاروا أصحاب وحبايب .
أتعلق معتوق مع الأيام بالبغبغان . وصار ما يسمع فيه كل يوم يجبله لوز وفستق وفصفص وينظف قفصه ويخرجه يتمشى في الحوش ويسيبه ( يتركه ) يتنطنط على الدربزان حق الدرجان .
دخل شهر رجب وزي عادة معتوق كل سنة يخرج مع أصحابه وجيرانه مع ركب الرجبية ، وقبل ما يسافر معتوق وصى أخوه محماس على البغبغان ، وحلفه أيمان ما يتركه جيعان أو عطشان . طمن محماس أخوه معتوق وقال له : روح يا شيخ والقلب داعيلك وخلي في بطنك بطيخة صيفي على حبيبك البغبغان .
يا دوب قلب معتوق رجله من البيت وخرج ، خرج معاه الغل والكره من هنا للبغبغان . فك محماس قفص البغبغان وصار يلطش ويضرب فيه ويقول له : والله عال هو اللي باقي عليّ وناقصني زيك حيوان ، أخدمه وأقدم له أكل كمان ، ومسكه وشاله بطول يده ورماه في زقاق آخر الحارة ، وقال له : انقلع داهية ما تردك من بغبان ودخل وصك الباب وقفل الروشان . سحب البغبغان نفس يا عيني وصار يتألم من ضرب محماس اللي مافي قلبه رحمة أو إيمان ، ألين وصل لأقرب شجرة وجلس تحتها تعبان .
مرت أيام وأيام رجع ركب الرجبية من المدينة المنورة بخير وسلام ، وكل واحد محمل بالهدايا للحبايب والخلان ، ودارت أكياس الورد والكادي والنعناع والحنة والتمر بين الحبايب والجيران ، وصار الكل مبسوط وفرحان .
لفق { كذب } محماس على معتوق حكاية ألفها من راسه قوام قوام ، وبأسلوبه يقنع الواحد من كثر ما يحلف أيمان وعلى قول مين قال : { يوديك البحر ويرجعك عطشان } حكى معتوق حكاية مالها أول من تالي وختمها بإن البغبغان مرض وصار وجعان ، من بعد ما فراقه ما صار ياكل أو ينام ومات قبل أيام . حزن معتوق على البغبغان وحط راسه على المخدة وهو يقول : { إن كترت همومك أعطي الأرض طولك } وشخر ونام .
تاني يوم فك معتوق الباب وخرج يتمشى يفكك عن نفسه والضيقة اللي مسكت صدره من هادا الكلام . ومشي من مكان لمكان ورجله توديه يمين وشمال ، ألين تعب وجلس تحت ظل شجرة مدلية { خارجة } أغصانها من بستان .. سمع صوت يناديه : يا معتوق ... يا معتوق .
قال بسم الله الرحمن الرحيم إنت إنس ولا جان . مين اللي يعرف إسمي في هادا المكان ؟! قال البغبغان : يا معتوق { مسير الحي يتلاقى } ارفع راسك انا فوق الأغصان . طالع معتوق لقى حبيبه البغبغان : عايش مامات قال : الحمد لله إنك بخير وسلام ، ومد يده حتى ينزل ويوقف عليها زي عادته زمان .
نزل البغبغان وحكى معتوق بكل ما جرى من أخوه محماس وكان . أتعدر { اعتذر } معتوق للبغبغان وطلب منه يرجع معاه للبيت وينسى اللي حصل وكان . قله البغبغان : لا والله يا عم معتوق .. ماعاد تنطاق عيشة محماس بعد الآن ، وإلا قرصه الحنش يخاف من الحبل ، بغي يقتلني ولا حتى سمَّ علي ، وتوبة ما عاد يجمعني معاه مكان ، لكن قوم أتبعني على مغارة في أول الغابة .
مشي معتوق ورى البغبغان أرض تشيله وأرض تحطه ألين وصل عند مغارة كبيرة . قال له البغبغان : يا معتوق عندك كيسين واحد كبير وواحد صغير ، أختار واحد منهم وخده مني لك هدية ، وإن لنا لقمة نرجع ناكلها سوى في يوم من الأيام . وطار البغبغان بعيد عن الأعيان .
جا معتوق يشيل الكيس الكبير لقاه ثقيل زي الرصاص ، سابه وشال الكيس الصغير لقاه خفيف وقدر يشيله من الأرض ، ورجع بيته على أدان الظهر .
دخل معتوق على البيت وهو شايل الكيس الصغير في يده . شافه محماس
وقال له : من فين لك هادا الكيس يا معتوق ومين أعطاك هو وإيش فيه ؟ ونزل أسئلة وإستجواب مالها أول من تالي . في الأخير بعد ما أترج معتوق
قال له : يرحم قتلاتك ... رجيتنا يا شيخ ... روقنا{ ريحنا } هادا الكيس هدية من البغبغان اللي كدبت عليّ وقلت إن مات وإنت كسرته وطردته من البيت وراح زعلان ، وخيرني بين كيسين واحد كبير وثقيل وهادا الكيس الصغير خفيف قدرت أشيله وأجيبه زي منتة شايف ، وهادي كل الحكاية من طقطق لسلام عليكم .
قال : محماس لا يكتر كلامك أنا ما صدقت إن انقلع ونظف من البيت . فك الكيس على قول المثل : { فك الكيس وأخزي إبليس } خلينا نشوف هدية البغبغان ، ولا على قول المثل : { هدية القرد فولة } الجيعان .
فك معتوق الكيس ونكته { سكبه } على الأرض ، خرجت منه أوصال من الألئ والألماس والذهب والمرجان .
قال محماس : وَّلللل عليك ... شفت كسلك اللي ماخلاك تشيل الكيس الكبير ، كان لقيته زي هدا الكنز أضعاف مضاعفة نصير بيه أغنية ، ونكسر أخشام الناس عندنا ، ونعدس عليهم برجلنا .
قال معتوق : ليه يا حبيبي ... أنوي خير تلقاه وليه أذية الناس . ويكفينا هادا الموجود وعلى قول من قال : { لا تفكر في المفقود فتقد الموجود }
قال له : قوم يا شيخ بلا حكم وأشعار دلني على مكان الغار ، أنا أروح وأجيب الكيس الكبير المليان عسى ماهو من جيب أبو عبد الجبار . قول لي فين المكان ؟!!
قال معتوق : أسمع يا محماس أجلس نقسم دا الرزق بيننا ولا تكون طماع ترى الطمع ضر ما نفع . راح كلام معتوق سدى ومارضي محماس ياخد شي من دا الكيس ، وما سكت حتى وصف له معتوق المكان .
أخذ محماس عربية كرو وراح على المكان إلا وصفه معتوق وجلس تحت الشجرة وصار ينادي : يا بغبغان النحس يا بغبغان النكد رد عليّ قوام ، أعطيني زي ما أعطيت معتوق أبغي زيه كمان .
شاف البغبغان محماس وسابه ملطوع تحت الشجرة ألين حس إنه زهق وطلعت روحه من وطول الانتظار في الأخير
قال له البغبغان : أهلين بالطيب الغالي ، الشيخ الحنون محماس على أمثالي ، إلا كسر رجلي وأضلاعي .
قال محماس : يا بغبغان لا يكون قلبك قاسي وأسود وضلالي .
قال البغبغان : هو أنا برضه الضلالي ... صدق مين قال : { الداهية تدهيك واللي يها تجيبه فيك } طلباتك يا عم محماس ؟ .
قال محماس : أبغاك تعطيني زي ما أعطيت أخويا معتوق كيس مليان ولا هو له رب وأنا مالي رب يا بغبغان ؟
قال البغبغان : المعطي الله ، قوم أمشي أوريك المكان .
مشي محماس بعربية الكرو من أرض لأرض ورى البغبغان ألين وصل المغارة الكبيرة .
قله البغبغان : قدامك كيسين واحد كبير والتاني صغير أختار واحد منهم وخده معاك . من غير تردد ومن غير تفكير عافر { حاول } محماس في الكيس الكبير ، ألين أتفزرت كتوفه ونتعه { رفعه } من مكانه وحمله على عربية الكرو . أتحركت العربية بالكيس الكبير ، ومحماس راكب على مكان الحمار ، يحلم أحلام ويتخيل تخيلات بأنه راح يلقى الذهب والألماس واللؤلؤ والمرجان . وحيشتري قصر كبير ويمليه خدم وعبيد ويشتري مزرعة كبيرة وبستان ترمح فيه الخيالة وحيتزوج أربعة حريم ويملي البيت بزورة وعيال ، وما حيطعي أحد من هادا المال .
وصل محماس البيت وزهم { نادى } على معتوق يساعده في جر الكيس حقه . جا معتوق وساعد أخوه وجروا الكيس ألين دخلوه لغرفة محماس . وقف محماس على الباب وقال لمعتوق : هيا يا بونا ... مجمل أتوكل على الله هوينا { أبتعد عننا } ورينا عرض أكتافك ... هادا الكيس حقي لحالي ، أنا جايبه على أكتافي وماحطيك منه شي لا إنت ولا أمثالك .. وطرده برة ورفز الباب برجله في وجه أخوه أعز الناس ، وصكه بالترباس .
راح معتوق على المقعد وساب أخوه في حال وهو يدعي له إن الله يصلحه ويصلح حاله إلا زاد بعد ما جاب الكيس الكبير وزاد طمعه وشلمته وزاده جنان على جنانه .
دخل محماس المخوان وهو متلهف على عدّ الجنيهات ورصها أكوام أكوام ، وبالسكين بعج { شق } الكيس وصلتين قوام . وكان يحسب { يظن } حيخرج عليه عقود اللؤلؤ والألماس خرجت عليه عقارب وحيات ، وصارت تقرص وتلسعه في جتته { جسمه } وفي كل مكان ، وبسرعة البرق مشي السم في عروقه وفارق الحياة البعيد ومات .
جلس معتوق وقت طويل آخد على خاطره زعلان ، من أخوه الغلطان ، لكن فكر وقال : الله يخزيك يا شيطان ويهديك يا محماس ، الدم عمره ما يصير موية وقام دق الباب على أخوه محماس وجلس ينتظر يرد عليه أو حتى يطرده من عند الباب زي عادته ، لكن لاحس ولا خبر ولا حياة لمن تنادي .
راح معتوق وجاب السطور وكسر الباب وقلبه أكله على أخوه وخايف عليه لا يكون حصله مكروه . دخل معتوق الغرفة لقى أخوه طايح على الأرض ميت وحولينه العقارب والحيات .
صاح معتوق على أخوه وناح وبكي وصاح وصار يقتل في العقارب والحنشان ألين خلص عليها كلها .
مر كم شهر على زعل معتوق على أخوه ، وبعد ما فاق وراق وانتبه لنفسه وعرف إنه الحي أبقى من الميت . أخد من المال إلا عنده وبنى صحيّة { مستشفى } وكم كُتَّاب { مدرسة } وسوى رُّبَّاط { بيت للعجزة } صدقة جارية على روح أمه وأبوه وجميع أهله وأخوه . واشتراله قصر كبير وأتزوج وحدة من بنات الجيران وقامت الأفراح والليالي الملاح وعاش في سعادة وهناء ورزقه ربه ببنات وأولاد .

وتوتة توتة فرغت الحدوتة
لو كان بيتي قريب كان جبتلكم شوية لوز وزبيب
ولوما كانت طاقية أنس مخروقة كان جبتلكم شوية مسلوقة ..

ريمة مطهر
03-31-2013, 12:05 PM
قال لحكيم :
الحلم أرفع من العقل لأن الله تسمى به .
حكمة ..
الكتب سعادة الحضارة بدونها يصمت التاريخ ويضيع الأدب ..
المرجع
لفيت السبع اللفات أدور حكم وألغاز وحكايات
جمع وتأليف
الأستاذة عزيزة عبد الله محمد الصيرفي
الطبعة الأولى
1433 هـ - 2009 م