ريمة مطهر
12-25-2012, 02:40 PM
تدوين الحديث الرسمي
قال الحافظ ابن حجر([1] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn1)) : « أعلم أن آثار النبي r لم تكن في عصر الصحابة وكبار التابعين مدونة في الجوامع، ولا مرتبة، لأمرين أحدهما أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك خشية أن يختلط ذلك بالقرآن، وثانيهما لسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم ولأن أكثرهم لا يعرفون الكتابة » .
وفي عصر التابعين في أواخر القرن الأول، وأوائل القرن الثاني الهجريين نشطت كتابة الحديث حتى أن مجاهد بن جبر كان يسمح لبعض أصحابه أن يصعدوا إلى غرفته، فيخرج إليهم كتبه فينسخون منها([2] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn2)). وقال سعيد بن جبير: « كنت أكتب عند ابن عباس فإذا امتلأت الصحيفة أخذت نعلي فكتبت فيها حتى تمتلئ »([3] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn3)).
وكان عطاء بن أبي رباح ينادي الغلمان فيقول: « تعالوا اكتبوا ، فمن كان منكم لا يحسن كتبنا له، ومن لم يكن معه قرطاس أعطيناه من عندنا »([4] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn4)).
وقد رأى عمر بن عبدالعزيز أن يجمع الأحاديث ويكتبها؛ وهذا بسبب ظهور الوضع في الحديث بسبب الخلافات السياسية، والمذهبية([5] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn5)). ويؤيد هذا ما قاله ابن شهاب: « لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها ولا نعرفها ما كتبنا حديثاً ولا أذنت في كتابه »([6] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn6)).
وقال سفيان الثوري: « إني أحب أن أكتب الحديث على ثلاثة أوجه، حديث أكتبه أريد أن أتخذه ديناً، وحديث رجل أكذبه فأوقفه لا أخرجه ولا أدين له، وحديث رجل ضعيف أحب أن أعرفه ولا أعبأ به »([7] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn7)).
وأمر عمر بن عبدالعزيز في منتصف القرن الأول الهجري بالكتابة رسمياً فقال: « انظروا حديث رسول الله r فاكتبوه فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله ».
وطلب من أبي بكر بن حزم أن يكتب إليه حديث عمرة بنت عبدالرحمن، وهي خالته نشأت في حجر عائشة، وكان من أثبت التابعين في أحاديث عائشة([8] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn8)).
يقول محمد بن شهاب: « فكتبناها دفتراً فبعث إلي كل أرض له عليها سلطان دفتراً([9] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn9)) هذا وقد وضع التابعون مع هذا التدوين ضوابطه، وأسسه، التي تجعل الأحاديث تنقل به نقلًا صحيحاً، فلا يعتريها تحريف أو تبديل، ومن هذه الضوابط المعارضة والمقابلة([10] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn10)) حتى يتلافى ما فيها من أخطاء أثناء النقل([11] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn11)) يقول هشام بن عروة: « قال لي أبي أكتبت؟ قلت: نعم، قال: عارضت؟ قلت: لا: قال: لم تكتب»([12] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn12)) وكانت هذه الكتب تراجع بالسماع أو بالقراءة على الشيخ حتى لا تقرأ محرفة، قيل لابن سيرين ما تقول في رجل يجد الكتاب يقرؤه أو ينظر فيه؟ قال: لا حتى يسمعه من ثقة([13] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn13)).
وفي النصف الأول من القرن الثاني في العصر العباسي ظهرت مصنفات وكتب في أوقات متقاربة وفي مناطق مختلفة من الدولة الإسلامية، فبعد أن كان أهل الحديث يجمعون الأحاديث المختلفة في الصحف والكراريس أصبحوا يدونون الأحاديث على الأبواب، فأول من صنف ابن جريج البصري بمكة، ثم تتابع التدوين والتأليف ففي المدينة المنورة سعيد بن أبي عروبة، والربيع بن صبيح، والإمام مالك، وبالبصرة حماد بن سلمة، وبالكوفة سفيان الثوري، وبالشام أبو عمرو الأوزاعي وبواسط هشيم بن بشير، وبخراسان عبدالله بن المبارك وباليمن معمر بن راشد، وبالري جرير بن عبدالحميد([14] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn14)).
([1]) هدي الساري، ص(6)، وانظر: الرسالة المستطرقة، ص(6).
([2]) تقييد العلم، البغدادي ص(105) وانظر: تدوين السنة النبوية، محمد مطر الزهراني، ص(77-84).
([3]) مي (1/128)، المحدث الفاصل، ص(371).
([4]) المحدث الفاصل، ص(373).
([5]) لمحات في أصول الحديث، محمد أديب صالح، ص(65) وما بعدها.
([6]) تقييد العلم، ص(108).
([7]) جامع بيان العلم، (1/330).
([8]) مي (1/126)، تقييد العلم، ص(105)، التهذيب، (12/466).
([9]) المدخل إلى توثيق السنة، رفعت فوزي، ص(54).
([10]) المعارضة والمقابلة: وهي مقابلة النسخة بأصل السماع ومعارضتها به وتكون مقابلته لذلك مع الثقة المأمون أو بنفسه. انظر: الإلماع، ص(159).
([11]) جامع بيان العلم، (1/231).
([12]) المحدث الفاصل، (544).
([13]) الكفاية، الخطيب ص(353).
([14]) هدي الساري، ص(6)، وانظر: أيضاً: الرسالة المستطرقة، الكتاني، ص(6-7) السنة قبل التدوين، ص(337)، السنة ومكانتها، ص(105)، دفاع عن السنة أبو زهرة، (222-223)، السنة المفترى عليها، البهنساوي، ص(66).
المرجع
تراجم طبقة المحدثات من التابعيات ومروياتهن في الكتب الستة
الطبعة الأولى 1427هـ - 2006م
تأليف: د . عالية بنت عبد الله بالطو
قال الحافظ ابن حجر([1] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn1)) : « أعلم أن آثار النبي r لم تكن في عصر الصحابة وكبار التابعين مدونة في الجوامع، ولا مرتبة، لأمرين أحدهما أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك خشية أن يختلط ذلك بالقرآن، وثانيهما لسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم ولأن أكثرهم لا يعرفون الكتابة » .
وفي عصر التابعين في أواخر القرن الأول، وأوائل القرن الثاني الهجريين نشطت كتابة الحديث حتى أن مجاهد بن جبر كان يسمح لبعض أصحابه أن يصعدوا إلى غرفته، فيخرج إليهم كتبه فينسخون منها([2] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn2)). وقال سعيد بن جبير: « كنت أكتب عند ابن عباس فإذا امتلأت الصحيفة أخذت نعلي فكتبت فيها حتى تمتلئ »([3] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn3)).
وكان عطاء بن أبي رباح ينادي الغلمان فيقول: « تعالوا اكتبوا ، فمن كان منكم لا يحسن كتبنا له، ومن لم يكن معه قرطاس أعطيناه من عندنا »([4] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn4)).
وقد رأى عمر بن عبدالعزيز أن يجمع الأحاديث ويكتبها؛ وهذا بسبب ظهور الوضع في الحديث بسبب الخلافات السياسية، والمذهبية([5] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn5)). ويؤيد هذا ما قاله ابن شهاب: « لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها ولا نعرفها ما كتبنا حديثاً ولا أذنت في كتابه »([6] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn6)).
وقال سفيان الثوري: « إني أحب أن أكتب الحديث على ثلاثة أوجه، حديث أكتبه أريد أن أتخذه ديناً، وحديث رجل أكذبه فأوقفه لا أخرجه ولا أدين له، وحديث رجل ضعيف أحب أن أعرفه ولا أعبأ به »([7] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn7)).
وأمر عمر بن عبدالعزيز في منتصف القرن الأول الهجري بالكتابة رسمياً فقال: « انظروا حديث رسول الله r فاكتبوه فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله ».
وطلب من أبي بكر بن حزم أن يكتب إليه حديث عمرة بنت عبدالرحمن، وهي خالته نشأت في حجر عائشة، وكان من أثبت التابعين في أحاديث عائشة([8] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn8)).
يقول محمد بن شهاب: « فكتبناها دفتراً فبعث إلي كل أرض له عليها سلطان دفتراً([9] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn9)) هذا وقد وضع التابعون مع هذا التدوين ضوابطه، وأسسه، التي تجعل الأحاديث تنقل به نقلًا صحيحاً، فلا يعتريها تحريف أو تبديل، ومن هذه الضوابط المعارضة والمقابلة([10] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn10)) حتى يتلافى ما فيها من أخطاء أثناء النقل([11] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn11)) يقول هشام بن عروة: « قال لي أبي أكتبت؟ قلت: نعم، قال: عارضت؟ قلت: لا: قال: لم تكتب»([12] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn12)) وكانت هذه الكتب تراجع بالسماع أو بالقراءة على الشيخ حتى لا تقرأ محرفة، قيل لابن سيرين ما تقول في رجل يجد الكتاب يقرؤه أو ينظر فيه؟ قال: لا حتى يسمعه من ثقة([13] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn13)).
وفي النصف الأول من القرن الثاني في العصر العباسي ظهرت مصنفات وكتب في أوقات متقاربة وفي مناطق مختلفة من الدولة الإسلامية، فبعد أن كان أهل الحديث يجمعون الأحاديث المختلفة في الصحف والكراريس أصبحوا يدونون الأحاديث على الأبواب، فأول من صنف ابن جريج البصري بمكة، ثم تتابع التدوين والتأليف ففي المدينة المنورة سعيد بن أبي عروبة، والربيع بن صبيح، والإمام مالك، وبالبصرة حماد بن سلمة، وبالكوفة سفيان الثوري، وبالشام أبو عمرو الأوزاعي وبواسط هشيم بن بشير، وبخراسان عبدالله بن المبارك وباليمن معمر بن راشد، وبالري جرير بن عبدالحميد([14] (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn14)).
([1]) هدي الساري، ص(6)، وانظر: الرسالة المستطرقة، ص(6).
([2]) تقييد العلم، البغدادي ص(105) وانظر: تدوين السنة النبوية، محمد مطر الزهراني، ص(77-84).
([3]) مي (1/128)، المحدث الفاصل، ص(371).
([4]) المحدث الفاصل، ص(373).
([5]) لمحات في أصول الحديث، محمد أديب صالح، ص(65) وما بعدها.
([6]) تقييد العلم، ص(108).
([7]) جامع بيان العلم، (1/330).
([8]) مي (1/126)، تقييد العلم، ص(105)، التهذيب، (12/466).
([9]) المدخل إلى توثيق السنة، رفعت فوزي، ص(54).
([10]) المعارضة والمقابلة: وهي مقابلة النسخة بأصل السماع ومعارضتها به وتكون مقابلته لذلك مع الثقة المأمون أو بنفسه. انظر: الإلماع، ص(159).
([11]) جامع بيان العلم، (1/231).
([12]) المحدث الفاصل، (544).
([13]) الكفاية، الخطيب ص(353).
([14]) هدي الساري، ص(6)، وانظر: أيضاً: الرسالة المستطرقة، الكتاني، ص(6-7) السنة قبل التدوين، ص(337)، السنة ومكانتها، ص(105)، دفاع عن السنة أبو زهرة، (222-223)، السنة المفترى عليها، البهنساوي، ص(66).
المرجع
تراجم طبقة المحدثات من التابعيات ومروياتهن في الكتب الستة
الطبعة الأولى 1427هـ - 2006م
تأليف: د . عالية بنت عبد الله بالطو