فراس كتبي
12-06-2012, 03:55 PM
بالبركة : * (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=73#_ftn1)
بسط ابن القيم – رحمه الله تعالى- في ( جلاء الأفهام ص / 178 – 179 ) القول في حقيقة (( البركة )) لغة واصطلاحاً . وأن أصل حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار ، فمنه : برك البعير ، إذا استقر على الأرض . والبركة : النماء والزيادة . والتبريك : الدعاء بذلك . ويُقال : باركه الله ، وبارك فيه ، وبارك عليه ، وبارك له . والمبارك : الذي قد باركه الله سبحانه... والرب سبحانه يقال في حقه : (( تبارك )) ولا يقال : مبارك... إلخ .
وشيخه ابن تيمية – رحمه الله تعالى- سُئِل كما في الفتاوى 27/64 عمن يقول : قضيت حاجتي ببركة الله وبركة الشيخ . فأجاب – رحمه الله تعالى- 27 /95 – 96 : بأن هذا منكر من القول ، فإنه لا يُقرنُ بالله في مثل هذا غيره كما نهى r من قال : (( ما شاء الله وشئت )) ..
ثم قال – رحمه الله تعالى- ص/ 96 : ( وقول القائل : ببركة الشيخ قد يعني بها دعاءه ، وأسرع الدعاء إجابةً : دعاء غائب لغائب . وقد يعني بها بركة ما أمره به وعلمه من الخير . وقد يعني بها بركة معاونته له على الحق وموالاته في الدين ، ونحوه ذلك . وهذه كلها معانٍ صحيحة . وقد يعني بها دعاء للميت والغائب ، إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير ، أو فعله لما هو عاجز عنه ، أو غير قادر عليه ، أو غير قاصد له ؛ متابعته أو مطاوعته على ذلك من البدع المنكرات ، ونحو هذه المعاني الباطلة .... ) .
إذاً فيكون هذا اللفظ من الألفاظ المجملة المحتملة للحق والباطل فيحسن التوقي منها . والله أعلم .
( وأما قول القائل : نحن في بركة فلان ، أو : من وقت حلوله عندنا حلت البركة ، فهذا كلام ، صحيح باعتبار ، باطل باعتبار ، فأما الصحيح : فأن يراد به أنه هدانا وعلمنا وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر ، فببركة إتباعه وطاعته حصل لنا من الخير ما حصل ، فهذا كلام صحيح . كما كان أهل المدينة لما قدم عليهم النبي r ، في بركته لما آمنوا به ، وأطاعوه ، فببركة ذلك حصل لهم سعادة الدنيا والآخرة ، بل كل مؤمن آمن بالرسول وأطاعه ؛ حصل له من بركة الرسول بسبب إيمانه وطاعته من خير الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله .
و ( أيضاً ) إذا أُريد بذلك أنه ببركة دعائه وصلاحه دفع الله الشر وحصل لنا رزق ونصر، فهذا حق ، كما قال النبي r : (( وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ،- أي – بدعائهم ، وصلاتهم ، وإخلاصهم ؟ )) وقد يدفع العذاب عن الكفار والفجار ؛ لئلا يصيب من بينهم المؤمنين ممن لا يستحق العذاب ، ومنه قوله تعالى :{ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} - إلى قوله -{ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}. فلولا الضعفاء المؤمنون الذين كانوا بمكة بين ظهراني الكفار لعذَّب الله الكفار ، وكذلك قال النبي r : (( ولولا ما في البيوت من النساء والذراري لأمرت بالصلاة فتقام ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب ، إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا ، فأحرق عليهم بيوتهم )) . وكذلك ترك رجم الحامل حتى تضع جنينها . وقد قال المسيح عليه السلام : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ } . فبركات أولياء الله الصالحين باعتبار نفعهم للخلق بدعائهم إلى طاعة الله ، وبدعائهم للخلق وبما ينزل الله من الرحمة ، ويدفع من العذاب بسببهم : حقٌ موجود ، فمن أراد بالبركة هذا ، وكان صادقاً فقوله حق .
وأما (( المعنى الباطل )) فمثل أن يريد الإشراك بالخلق : مثل أن يكون رجل مقبوراً بمكان فيظن أن الله يتولاهم لأجله ، وإن لم يقوموا بطاعة الله ورسوله ، فهذا جهل . فقد كان الرسول r سيد ولد آدم مدفوناً بالمدينة عام الحرة ، وقد أصاب أهل المدينة من القتل والنهب والخوف ما لا يعلمه إلا الله ؛ وكان ذلك لأنهم بعد الخلفاء الراشدين أحدثوا أعمالاً أوجبت ذلك ، وكان على عهد الخلفاء يدفع الله عنهم بإيمانهم وتقواهم ؛ لأن الخلفاء الراشدين كانوا يدعونهم إلى ذلك ، وكان ببركة طاعتهم للخلفاء الراشدين ، وبركة عمل الخلفاء معهم ، ينصرهم الله ويؤيدهم . وكذلك الخليل r مدفون بالشام وقد استولى النصارى على تلك البلاد قريباً من مائة سنة ، وكان أهلها في شر . فمن ظن أن الميت يدفع عن الحي مع كون الحي عاملاً بمعصية الله ؛ فهو غالط .
وكذلك إذا ظن أن بركة الشخص تعود على من أشرك به وخرج عن طاعة الله ورسوله ، مثل أن يظن أن بركة السجود لغيره ، وتقبيل الأرض عنده ، ونحو ذلك يحصل له به السعادة ، وإن لم يعمل بطاعة ورسوله . وكذلك إذا اعتقد أن ذلك الشخص يشفع له ، ويدخله الجنة بمجرد محبته ، وانتسابه إليه ، فهذه الأُمور ونحوها مما فيه مخالفة الكتاب والسنة ، فهو من أحوال المشركين وأهل البدع ، باطل لا يجوز اعتقاده ولا اعتماده ، والله سبحانه وتعالى أعلم ) انتهى .
المرجع
معجم المناهي اللفظية
بقلم : بكر بن عبد الله أبو زيد
* (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=73#_ftnref1) بالبركة : جلاء الأفهام ص / 178 – 179 . فتاوى ابن تيمية : 11 / 113 – 115 ، 27 /95 – 96 ، فهرسها : 37 / 13 ، وانظر : في حرف التاء : لفظ : تباركت علينا يا فلان .
بسط ابن القيم – رحمه الله تعالى- في ( جلاء الأفهام ص / 178 – 179 ) القول في حقيقة (( البركة )) لغة واصطلاحاً . وأن أصل حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار ، فمنه : برك البعير ، إذا استقر على الأرض . والبركة : النماء والزيادة . والتبريك : الدعاء بذلك . ويُقال : باركه الله ، وبارك فيه ، وبارك عليه ، وبارك له . والمبارك : الذي قد باركه الله سبحانه... والرب سبحانه يقال في حقه : (( تبارك )) ولا يقال : مبارك... إلخ .
وشيخه ابن تيمية – رحمه الله تعالى- سُئِل كما في الفتاوى 27/64 عمن يقول : قضيت حاجتي ببركة الله وبركة الشيخ . فأجاب – رحمه الله تعالى- 27 /95 – 96 : بأن هذا منكر من القول ، فإنه لا يُقرنُ بالله في مثل هذا غيره كما نهى r من قال : (( ما شاء الله وشئت )) ..
ثم قال – رحمه الله تعالى- ص/ 96 : ( وقول القائل : ببركة الشيخ قد يعني بها دعاءه ، وأسرع الدعاء إجابةً : دعاء غائب لغائب . وقد يعني بها بركة ما أمره به وعلمه من الخير . وقد يعني بها بركة معاونته له على الحق وموالاته في الدين ، ونحوه ذلك . وهذه كلها معانٍ صحيحة . وقد يعني بها دعاء للميت والغائب ، إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير ، أو فعله لما هو عاجز عنه ، أو غير قادر عليه ، أو غير قاصد له ؛ متابعته أو مطاوعته على ذلك من البدع المنكرات ، ونحو هذه المعاني الباطلة .... ) .
إذاً فيكون هذا اللفظ من الألفاظ المجملة المحتملة للحق والباطل فيحسن التوقي منها . والله أعلم .
( وأما قول القائل : نحن في بركة فلان ، أو : من وقت حلوله عندنا حلت البركة ، فهذا كلام ، صحيح باعتبار ، باطل باعتبار ، فأما الصحيح : فأن يراد به أنه هدانا وعلمنا وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر ، فببركة إتباعه وطاعته حصل لنا من الخير ما حصل ، فهذا كلام صحيح . كما كان أهل المدينة لما قدم عليهم النبي r ، في بركته لما آمنوا به ، وأطاعوه ، فببركة ذلك حصل لهم سعادة الدنيا والآخرة ، بل كل مؤمن آمن بالرسول وأطاعه ؛ حصل له من بركة الرسول بسبب إيمانه وطاعته من خير الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله .
و ( أيضاً ) إذا أُريد بذلك أنه ببركة دعائه وصلاحه دفع الله الشر وحصل لنا رزق ونصر، فهذا حق ، كما قال النبي r : (( وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ،- أي – بدعائهم ، وصلاتهم ، وإخلاصهم ؟ )) وقد يدفع العذاب عن الكفار والفجار ؛ لئلا يصيب من بينهم المؤمنين ممن لا يستحق العذاب ، ومنه قوله تعالى :{ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} - إلى قوله -{ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}. فلولا الضعفاء المؤمنون الذين كانوا بمكة بين ظهراني الكفار لعذَّب الله الكفار ، وكذلك قال النبي r : (( ولولا ما في البيوت من النساء والذراري لأمرت بالصلاة فتقام ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب ، إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا ، فأحرق عليهم بيوتهم )) . وكذلك ترك رجم الحامل حتى تضع جنينها . وقد قال المسيح عليه السلام : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ } . فبركات أولياء الله الصالحين باعتبار نفعهم للخلق بدعائهم إلى طاعة الله ، وبدعائهم للخلق وبما ينزل الله من الرحمة ، ويدفع من العذاب بسببهم : حقٌ موجود ، فمن أراد بالبركة هذا ، وكان صادقاً فقوله حق .
وأما (( المعنى الباطل )) فمثل أن يريد الإشراك بالخلق : مثل أن يكون رجل مقبوراً بمكان فيظن أن الله يتولاهم لأجله ، وإن لم يقوموا بطاعة الله ورسوله ، فهذا جهل . فقد كان الرسول r سيد ولد آدم مدفوناً بالمدينة عام الحرة ، وقد أصاب أهل المدينة من القتل والنهب والخوف ما لا يعلمه إلا الله ؛ وكان ذلك لأنهم بعد الخلفاء الراشدين أحدثوا أعمالاً أوجبت ذلك ، وكان على عهد الخلفاء يدفع الله عنهم بإيمانهم وتقواهم ؛ لأن الخلفاء الراشدين كانوا يدعونهم إلى ذلك ، وكان ببركة طاعتهم للخلفاء الراشدين ، وبركة عمل الخلفاء معهم ، ينصرهم الله ويؤيدهم . وكذلك الخليل r مدفون بالشام وقد استولى النصارى على تلك البلاد قريباً من مائة سنة ، وكان أهلها في شر . فمن ظن أن الميت يدفع عن الحي مع كون الحي عاملاً بمعصية الله ؛ فهو غالط .
وكذلك إذا ظن أن بركة الشخص تعود على من أشرك به وخرج عن طاعة الله ورسوله ، مثل أن يظن أن بركة السجود لغيره ، وتقبيل الأرض عنده ، ونحو ذلك يحصل له به السعادة ، وإن لم يعمل بطاعة ورسوله . وكذلك إذا اعتقد أن ذلك الشخص يشفع له ، ويدخله الجنة بمجرد محبته ، وانتسابه إليه ، فهذه الأُمور ونحوها مما فيه مخالفة الكتاب والسنة ، فهو من أحوال المشركين وأهل البدع ، باطل لا يجوز اعتقاده ولا اعتماده ، والله سبحانه وتعالى أعلم ) انتهى .
المرجع
معجم المناهي اللفظية
بقلم : بكر بن عبد الله أبو زيد
* (http://www.toratheyat.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=73#_ftnref1) بالبركة : جلاء الأفهام ص / 178 – 179 . فتاوى ابن تيمية : 11 / 113 – 115 ، 27 /95 – 96 ، فهرسها : 37 / 13 ، وانظر : في حرف التاء : لفظ : تباركت علينا يا فلان .