شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : مقدمة في المناهي اللفظية


ثروت كتبي
12-03-2012, 07:33 PM
معجم المناهي اللفظية
ويليه
فوائد في الألفاظ
فيهما نحو 1500 لفظ
بقلم
بكر بن عبد الله أبو زيد


مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم



مقدمة الطبعة الثالثة



الحمد لله ، والله أكبر ، ولا إله إلا الله ، بذكره نبدأ دائماً ، وأبداً ، وبه نستعين أولاً وآخراً ، وعليه نتوكل في جميع نِيَّاتنا ، وأقوالنا ، وأفعالنا ، وأحوالنا ، وتصرفاتنا .
والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله ، ورضي الله عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : فهذا بابٌ من التأليف جامع لجملة كبيرة من الألفاظ ، والمقولات ، والدائرة على الألسن قديماً ، وحديثاً ، المنهي عن التلفظ بها ؛ لذاتها ، أو لمتعلقاتها ، أو لمعنى من ورائها ، كالتقيد بزمان ، أو مكان ، وما جرى مجرى ذلك من مدلولاتها ، وجملة التراجم الجامعة لمنثورها على ما يأتي :
1. ألفاظ منهي عنها في جانب توحيد الله ، وأسمائه ، وصفاته – سبحانه وتعالى - .
2. ألفاظ منهي عنها في حق النبي r .
3. 4. في جانب الوحيين الشريفين : الكتاب والسنة .
5. في حق الصحابة – رضي الله عنهم – ومن قفى أثرهم ، واتبعهم بإحسان – رحمهم الله تعالى - .
6. في أحكام أفعال العبيد ، في أبواب الفقه كافة ، من الطهارة وأركان الإسلام إلى الآخر .. في البيوع ، والأنكحة ، والحدود ، والجنايات ، والأيمان ، والنذور ، والأقضية ، والشهادات ، والإقرار .
7. في الأدعية والأذكار .
8. في الرِّقاق والآداب ، والمتفرقات .
9. في السلام والتهاني ، والأزمنة ، والأمكنة .
10. فيما غيره النبي r من الأسماء والكنى والألقاب .
11. في الأسماء والكنى والألقاب .
12. في الاصطلاح .
13. في اللغات الدخيلة ، واللهجات والأساليب المولدة المعاصرة .
14. في السلوك ، والبدع .
وذلك صيانة للتوحيد ، وحمايةً له ، وحمايةً لحماه ، حفظاً للديِّن ، والعِرض ، والشرف ، وعمارة للتعايش بين العباد ، وشد آصرة التآخي بينهم ، سواء أكان النهي في ذلك للتحريم ، أم للتنزه والورع ، عدولاً إلى الأدب الحسن : إمَّا في تحسين اللازم للمباني من المعاني التي تفسدها ، وتؤثر على سلامة قصد اللافظ ، بها ، كلفظ (( راعنا )) ، إذ نهى الله عنه ؛ لما فيه من قصد الرعونة عند يهود ، فأبدله الله – سبحانه – بلفظ (( انظرنا )) قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [البقرة: من الآية104] .
وقال تعالى : {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً}[ النساء :46] .
وإمَّا إرشاداً إلى الأدب الحسن في المباني ، ورشاقتها ، وخفتها على اللسان ، وحلاوة النطق بها ، وهكذا مما يسمى بالتحسين الثانوي .
وسواء أظهرت علة النهي وبان وجهها ، أم كان غير ذلك { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء :65] .
وسواء أكان بدلالة النص : من الكتاب ، أو سنة ، أو قول صحابي ، فمن بَعْدُ من سلف الأُمة ، أو كانت الدلالة عليه بمقتضى النظر الصحيح ، وأُثر النهي عنه عن عالم بارع ؛ طرداً لقاعدة الباب في الألفاظ المنهي عن التلفظ بها ، وهي :
(( رعاية الشرع لسلامة المباني والمعاني ، أو لسلامة أحدهما على ذلك الوجه )) دائرة في ميزان : الصدق والعدل ، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [ التوبة:119] وقال تعالى : {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: من الآية152] . وإلا فإن الألفاظ ليس لها حد محدود تنتهي إليه ، وتجد أُصول التنبيه على هذه الألفاظ في الكتاب ، والسنة ، ولدى الفقهاء ، في عدة أبواب ، وبخاصة في : باب القذف ، والردة – أعاذنا الله منهما - .
وأفرد بعض الفقهاء رسائل في ألفاظ معينة ترى تسمية طرف منها في : (( المبحث الخامس )) الآتي – إن شاء الله تعالى - .
وهي لدى المحدِّثين في أبواب الآداب والرقاق ، بل أفردوا كتباً في الصمت وآداب اللسان ، لابن أبي الدنيا ، وابن أبي عاصم ، والسيوطي ، وغيرهم ، وأما في واحدة من آداب اللسان ترغيباً أو ترهيباً ، فكثير ؛ كالتأليف في : الشكر ، والحمد ، والذكر ، والصلاة على النبي r ، وفي المنهيات مثل : الغيبة ، والنميمة ، والكذب ، وهكذا . ورأيت لبعض المعاصرين كتاباً باسم (( فقه الكلمة ومسؤوليتها في الكتاب والسنة )) أجاد فيه بذكر الأُسس الشرعية للكلام وآدابه في أحوال : التكلم والاستماع والهجر .
ولبعض أئمة أهل العلم فضل الإفادة الظاهرة بجملة كبيرة منها على وجه التحقيق ، والتدقيق ، ومن أكثر من رأيته ضرب بسهم وافر في ذلك : الأئمة الحفاظ : النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وابن حجر – رحمهم الله تعالى - . فَلَمْ أرَ مثلهم في ذلك على مَسْرَح العالم .
وقد تم التقييد لما ذكرته هنا من مَطَاوِي المطالعة ، لِمَا وَقَفْتُ عليه من الشَّوارد في متفرقات الكتب في : التفسير ، والحديث ، والفقه ، والتاريخ ، والسير ، والمحاضرات ، المؤلفة على اختلاف الأزمان ، وتطاول القرون ، فلا يقُوْلَنَّ أحَدٌ في بعضها : هذه (( لغة ميتة )) أو (( هذه ألفاظ محلية إقليمية )) فلا تشاع ؛ فإن في ذكرها تجلية لمواقف العلماء ، ودقيق اهتماماتهم ، وكثيراً ما ترى الارتباط بين القديم والجديد ، فيقيم الناظر سوق التدليل والتنظير ، كما أنك سترى ألفاظاً هي قمة في الألفاظ الإسلامية لكن لا تشرع في مواضع ؛ فصار إدخالها في هذه المناهي لهذا السبب وحسبما نبه عليه العلماء – رحمهم الله تعالي - .
وجُلُّ العمل هنا هو في : الجمع والترتيب ، لا في الوضع والتصنيف ، والمقصود : الدلالة على الألفاظ وعزوها حسبما يقع ، وعليه : فليغض الناظر الطرف عن النزول في العزو ، وعدم استقطاب المراجع وترتيبها حسب السبق الزمني ، وما هناك من إخلال في ترتيب اللفظ في ذاته ، وقد ترددت بين جعل كل لفظ في حرفه حسب أصله أو حسب وضعه ، فجمعت أحياناً بين الموضعين أذكره في أحدهما ، وأُشير إليه في المكان الآخر ، وقد وقعت بعض أخطاء في الترتيب لم يمكن تداركها ، والمنهي عنه – ولو على سبيل الأولى والتوقي – مذكور بحرف أحمر بارز .
وأما الكلام على ذات اللفظ ، فإن كان يدل على النهي عنه نص فما زاد ؛ فقد أكتفي بسياق نص واحد ، ثم أُتبع ذلك المراجع ، ليرجع إليها منشد التحقيق ، ومبتغي التدقيق ، وإن كان بدلالة مقتضى النظر والتعليل ؛ نص أحد العلماء في اللفظ ، أو صغت من مجموع كلامهم ما يدل على المراد ، وأردفته بذكر المراجع ، وكم من لفظ يحتاج إلى مزيد من البيان ، والتحرير ، ومرتبة المروي ، فحسبي أن مصادره – ما أمكن – مرصودة أمام طالب العلم لينظر في تحقيق مقصوده .
هذا وقد ترى اللفظ القريب يفوت ذكره ، أو البعيد بعكسه ؛ لأن التأليف في هذا لم يكن في الأصل من مقصدي لكنه التقييد من وجه ، وقد بذلت جهدي ما استطعت إلى جمع ما ورد في السنة المشرفة ، وعن الصحابة – رضي الله عنهم – ثم التابعين لهم بإحسان .
ومن وجه آخر فهناك أبواب كثرت فيها الألفاظ واتسعت فيها العبارات ، وتعددت اللهجات ، فذكرت في كل باب منها جملة صالحة يستدل بها على غيرها ، وصرفت النظر عن الاستكثار منها بَلْهَ الاستيعاب ؛ إذ لو فعلت لبلغ هذا المعجم مجلدات وقُطع المستفيد منه عن المراد ، وفي التنبيه على بعض ما في الباب دلالةٌ على ما فيه إلى آخر ذلك الباب .
وهذه الأبواب هي فيما يتعلق بالآتي :
1- في القرآن الكريم جملة وافرة من الآيات الكريمة ، التي تضمنت الرد على كلمات المعارضين لدعوة الرسل ، وما أُنْزِلَ عليهم ، وما جاؤا به من الحق ، وهي كثيرة ظاهرة ، كما في صدْرِ سُورة البقرة عن المنافقين ، هكذا ، وهي كثيرة في السور المكية ، وأكتفي بلفت النظر هنا عن ذكر مجموعها في هذا المعجم ؛ لظهورها .
2- ألفاظ لأخلافهم من الصائبة ، والمتفلسفة ، والمتكلمين ، هي كلمات سُوء ، وألفاظ كُفْرٍ كُثْر ، لم أُعرِّج إلا على ذِكْرِ اليسير منها . ولشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – مقام صِدْقٍ بنقضها وإبطالها ، والكشف عن غوامضها ، وباطل مقاصدها ، وبخاصة في مجلدات العقائد من (( الفتاوى )) وفي : (( العقل والنقل )) و (( الرد على المنطقيين )) .
3- خوض الكلاميين في أسماء الله - تعالى – وصفاته ، وضربهم في كل وجه ؛ لَمَّا ضلوا عن الحق ، فحصل من الإطلاقات في حق الله – تعالى – ما يأباه الله ورسوله والمؤمنون .
4- غُلُوُّ من شاء الله من العباد في حق رسول الله r بما دفع بهم إلى الإطراء بأسماء وأوصاف لم يشهد لها الشرع بإثارة من علم ، حتى بلغ بها بعضهم ألف اسم ، ومن نظر في كتاب السيوطي ، المتوفى سنة (911هـ) – رحمه الله تعالى - : (( الرياض الأنيقة في أسماء خير الخليقة )) علِم ما حصل من التوغل في الغلو والإطراء . وتعظيم رسول الله r وتوقيره ، هو بكمال محبته ، والتأسي به r .
وفي : أسماء الله تعالى ، وأسماء رسوله r ، وأسماء القرآن الكريم ، وقع تجاوز كثير في ذكر أسماء لا تثبت في كتاب ولا سنة ، كما وقع الخلط بين الاسم والصفة ، واشْتُق من كل صِفةٍ اسمٌ ، وكل هذا غلط ؛ فباب الأسماء لله – تعالى – ولرسوله r وللقرآن العظيم ، توقيفية لا تكون إلا بنص ، وقد جاء في القرآن نحو مائة اسم لله- تعالى- وفيه أربعة أسماء للقرآن الكريم هي : (( القرآن )) (( الكتاب )) . (( الذكر )) . (( الفرقان )) . واسم خامس هو : (( المصحف )) ثبت في السنة ، وهو منتشر في لسان الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – فمن بعدهم . لكن من العجب أنه لم يحصل إسناد القول إلى اسم من أسماء الله تعالى إلا إلى اسمين فقط هما : (( الله )) و (( الرحمن )) .
وأسماء رسول الله r حددها بالحديث الصحيح في خمسة أسماء ، وقال : (( لا تزيدوا عليَّ )) جاء منها في القرآن الكريم اسمان : (( محمد )) و (( أحمد )) . وما سوى ذلك أوصاف له r .
أقول : لم أذكر في هذا الباب مما لا يثبت من الأسماء ، إلا القليل للدلالة على غيرها .
5- إحداث حملة البدع والأهواء مجموعة من المصطلحات والألفاظ في: ((الفقهيات)) وبخاصة في أبواب العبادة ، والأدعية ، والأذكار ، والصلاة على النبي r .
وقصب السبق بالإثم في هذا لمُنتحلي الرفض والتشيع .
6- مصطلحات الصوفية ، وما لهم من العبارات ، والإشارات ، وبخاصة غلاتهم فلهم : مخاريق ، وأباطيل ، وشطح ، ومشهد ، بألفاظ كُفرية ، وأخرى بدعية ، وقفتُ على ما يتجاوز ألفي لفظ في الكتب المفردة قديماً وحديثاً عن مصطلحاتهم ، وفي غيرها .
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن قيم الجوزية ، وغيرهما من محققي علماء الإسلام ، لِما لَهُمْ مِنْ صولات ، وجولات ، وغارات ، وصوائف ، تكشف عن مرامي كلامهم ، ومواطن الإثم من ألفاظهم ، وتلبيساتهم .
7- نّعْتُ المُتَرْجمِيْن في كتب التراجم ، لاسيما مؤلفات المتأخرين منهم ، مثل : (( الكواكب السائرة )) للغزي ، و (( حلية البشر )) للبيطار ، وأما في كتب طبقات الصوفية ، وتراجمهم ، فحدِّث ما شئت ، ففيها من الغلو ، والإطراء ، وبذل الألقاب ، ما لا يخطر على بال .
ومنها :
إمام الأئمة . قدوة الأنام . قدوة المتقين . قطب الوجود . خاتمة علماء الطريقة إلى يوم التلاق . كعبة طواف حُجاج بيت المعاني والأُصول . زيارته ترياق مُجرَّب . يزار قبره ويتبرك به .
8- أشعار فيها قوادح عقدية ، وطعون إسلامية ، وهي بالغة من الكثرة مبلغاً ، وفي بعضها من الإلحاد والزندقة ، مالا يقبل التأويل قطعاً .
وقد بلغ الحال قتل بعضٍ منهم على بيت قاله ، أو قصيدة أنشأها . لكن الشاعر ، لو اعترف في شعره بما يستوجب حدّاً ، فإنَّه لا يُقام عليه الحدُّ ؛ لأن كذب الشاعر في شعره ، أمر معروف ، معتاد واقع ، لا نزاع فيه ؛ لقول الله تعالى : {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} [ الشعراء:226] . لكن يُعزَّر ، وهذا اختيار شيخنا الأمين – رحمه الله تعالى – في : (( أضواء البيان : 6 / 390 – 391 )) .
وقد ذكر الماوردي – رحمه الله تعالى – نماذج من أبيات مُنْتقدةٍ عقدِيّاً في كتابه : (( أدب الدنيا والدين )) .
بل الأمر أوسع من ذلك ، فقد حدث في عصرنا : (( الشعر الحر )) الذي خالف العرب في نظام شعرها الموزون المقفى . وهذا منكر ، يفسد اللسان ، والبيان ، والذوق السليم ، ثم هو تغيير لشعائر العرب المحمودة ، وقد أفاض شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - في إنكار الإخلال بالشعر العربي وتغيير شعائر العرب المحمودة ، كأنه شاهد عيان لما حدث في عصرنا ، وكلامه في : (( الفتاوى : 32 / 252 – 255 )) :
قال – رحمه الله تعالى - :
( (( الوجه الثالث )) : أن هذا الكلام الموزون كلام فاسد مفرداً أو مركباً ؛ لأنهم غيروا فيه كلام العرب ، وبدلوه ؛ بقولهم : ماعوا وبدوا وعدوا . وأمثال ذلك مما تمجه القلوب والأسماع ، وتنفر عنه العقول والطباع .
وأما (( مركباته )) فإنه ليس من أوزان العرب ؛ ولا هو من جنس الشعر ولا من أبحره الستة عشر ، ولا من جنس الأسجاع والرسائل والخطب .
ومعلوم أن (( تعلم العربية ؛ وتعليم العربية )) فرض على الكفاية ؛ وكان السلف يؤدبون أولادهم على اللحن . فنحن مأمورون أمر إيجاب أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي ؛ ونصلح الألسن المائلة عنه ، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة ، والاقتداء بالعرب في خطابها . فلو ترك الناس على لحنهم كان نقصاً وعيباً ؛ فكيف إذا جاء قوم إلى الألسنة العربية المستقيمة ، والأوزان القويمة : فأفسدوها بمثل هذه المفردات والأوزان المفسدة للسان الناقلة عن العربية العرباء إلى أنواع الهذيان؛ الذي لا يهذي به إلا قوم من الأعاجم الطماطم الصميان؟!!)اهـ
ثم قال – رحمه الله تعالى - :
( وهؤلاء قوم تركوا المقامرة بالأيدي ، وعجزوا عنها : ففتحوا القمار بالألسنة ، والقمار بالألسنة أفسد للعقل والدِّين من القمار بالأيدي . والواجب على المسلمين المبالغة في عقوبة هؤلاء ، هجرهم ، واستتابتهم ؛ بل لو فرض أن الرجل نظم هذه الأزجال العربية من غير مبالغة لنهي عن ذلك ؛ بل لو نظمها في غير الغزل ، فإنَّهم تارة ينظمونها بالكفر بالله وبكتابه ورسوله ، كما نظمها (( أبو الحسن التستري )) في (( وحدة الوجود )) وأن الخالق هو المخلوق ، وتارة ينظمونها في الفسق : كنظم هؤلاء الغواة ، والسفهاء الفساق . ولو قدر أن ناظماً نظم هذه الأزجال في مكان حانوت : نهي ؛ فإنَّها تفسد اللسان العربي ، وتنقله إلى العجلة المنكرة .
وما زال السلف يكرهون تغيير شعائر العرب حتى في المعاملات ، وهو (( التكلم بغير العربية )) إلا لحاجة ، كما نص على ذلك مالك والشافعي وأحمد ؛ بل قال مالك : من تكلم في مسجدنا بغير العربية أُخرج منه ، مع أن سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها ؛ ولكن سوغوها للحاجة ، وكرهوها لغير الحاجة ، ولحفظ شعائر الإسلام ؛ فإن الله أنزل كتاب باللسان العربي ، وبعث به نبيه العربي ، وجعل الأُمة العربية خير الأُمم ، فصار حفظ شعارهم من تمام حفظ الإسلام . فكيف بمن تقدم على الكلام العربي – مفرده ومنظومه – فيغيره ويبدله ، ويخرجه عن قانونه ويكلف الانتقال عنه ؟!! إنما هذا نظير ما يفعله بعض أهل الضلال من الشيوخ الجهّال حيث يصمدون إلى الرجل العاقل فيولهونه ، ويخنثونه ؛ فإنهم ضادوا الرسول إذ بعث بإصلاح العقول والأديان ، وتكميل نوع الإنسان ، وحرَّم ما يغير العقل من جميع الألوان . فإذا جاء هؤلاء إلى صحيح العقل فأفسدوا عقله وفهمه ، فقد ضادوا الله وراغموا حكمه ، والذين يبدلون اللسان العربي ويفسدونه ، لهم من هذا الذم والعقاب بقدر ما يفتحونه ، فإن صلاح العقل واللسان ، مما يؤمر به الإنسان ، ويعين ذلك على تمام الإيمان ، وضد ذلك يوجب الشقاق والضلال والخسران . والله أعلم ) اهـ .
9- ألفاظ عامية ، ولهجات محلية ، دائرة بين أهل كل قطر ، وربما كان اللفظ الواحد شائعاً في عامة الأقطار ، مع اختلاف في بعض الحروف والألفاظ .
وكثير منها مُحْتَمِلٌ لِحقٍّ ، وباطِلٍ ، وبعْضٌ منها لا محْمَلَ لَهُ على غير المعاني الباطلة ، وهي كثيرة متولدة .
10- ألفاظ في : (( القذف )) و (( الردة )) – أعاذنا الله منهما – وهذه قد كفانا المحدثون ، والفقهاء ، عن ذكرها ؛ إذ معقود لِكُلٍّ منها باب ، ومُقِلٌّ أو مستكثر من سياق هذه الألفاظ ، الموجبة لحد القذف ، أو لحد الردة ، سواء كان بالتصريح ، أو الكتابة .
11- مصطلحات إفرانجية ، وعبارات وافدة أعجمية ، وأساليب مولدة لغة ، مرفوضة شرعاً ، وحمَّالة الحطب في هذا : صاحبة الجلالة : (( الصحافة )) فَلِجُلِّ الكاتبين من الصحفيين ولعٌ شديد بها، وعن طريقهم استشرت بين المسلمين.
12- مصطلحات قانونية : وهذه استشرى دخولها في (( لغة العلم )) في : مصطلح الحديث . والأصول . والاعتقاد ، وخاصة الأحكام العملية الفقهية .
وقد أفردت لهذا كتاباً باسم : (( المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة واللغة )) .
~ أقول : في هذه الأبواب الاثنى عشر ، سِرْتُ على حدِّ قول من نظم :


(( وعن البحر اجتزاءٌ بِالْوشل )) .

ثروت كتبي
12-03-2012, 07:35 PM
والآن أهمية هذا الكتاب من أهمية هذه الأداة (( اللسان )) لدى الإنسان ، إذ على النطق بالشهادتين ينبني الدخول في الإسلام ، وفي النطق بِناقِضٍ لهما يكون الخروج منه ، ولعظيم أمره جاء في حديث معاذ – رضي الله عنه - : (( وهل يكُبُّ الناس في النار على وجوههم – أو قال : على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم )) ؛ ولذا قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : ( والله الذي لا إله غيره ما على وجه الأرض شيء أحق بطول السجن من اللسان ) رواه وكيع ، وأحمد ، وابن مبارك ، في (( الزهد )) لكل منهم ، وابن أبي الدنيا في (( الصمت )) وغيرهم .
وانظر إلى الرِّقابةِ المتنوعة على اللسان في نصوص القرآن الكريم : قال الله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ قّ:17- 18] . بل الله سبحانه وتعالى مع كل نجوى بعلمه ، قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [ المجادلة:7] فسبحان من أحاط بكل شيء علماً . وانظر إلى كشف المخافتة في القول: {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} [ القلم:23- 24] .
واللفظ لأهميته دليل مادي قائم على حقيقة اللاَّفظ ، قال الله تعالى : {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } [ محمد: من الآية30] وقال تعالى : { قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } [ آل عمران: من الآية118] .
قال شيخ الإسلام في (( الفتاوى )) (4 /74 ،75 ) : ( والكلمة أصل العقيدة . فإن الاعتقاد هو الكلمة التي يعتقدها المرء ، وأطيب الكلام والعقائد : كلمة التوحيد واعتقاد أن لا إله إلا الله . وأخبث الكلام والعقائد : كلمة الشرك ، وهو اتخاذ إله مع الله . فإن ذلك باطل لا حقيقة له، ولهذا قال سبحانه: {مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ}.. إلى آخر كلامه - رحمه الله تعالى -) .

وأخيراً انظر إلى حال أقوام يخرجون من النار برحمة الله يقال لهم : (( الجَهَنَّمِيُّون )) استعفوا الله من هذا الاسم فأعفاهم ، فعن حذيفة – رضي الله عنه – عن النبي r قال : (( يخرج قوم من النار برحمة الله ، وشفاعة الشافعين ، يُقال لهم الجهنميون )) قال حماد : فذكر أنهم استعفوا الله من ذلك الاسم فأعفاهم . رواه أحمد في (( المسند )) ( 5/402 ) ، وهو في (( السير )) للذهبي (9/374) .
وامتداداً لهذا جعلت بين يدي هذا المعجم مجموعة أبحاث مهمة ، منها ثبتٌ لوسائل حفظ المنطق وتحسينه في الشرع المطهر ، له أهمية لا تخفى .
هذا وقد كنت أدرجت مجموعة من الفوائد في الألفاظ في الطبعة الأولى ، والثانية ، وميزت كل لفظ منها بنجمة قبله ، ثم خشيت من الالتباس على من لم يقرأ المقدمة فيخفى عليه الاصطلاح ، لهذا جرَّدْتُها من هذا المعجم في هذه الطبعة ، وألحقتها مرتبة على حروف المعجم في آخر هذا الكتاب : (( معجم المناهي اللفظية )) وصار عنوان هذا الملحق : (( فوائد في الألفاظ )) .

وهذه الطبعة تفوق الطبعتين السابقتين بأمور :
1- ما تقدم من فصل : الفوائد ، عن : (( معجم المناهي اللفظية )) وإلحاقه في آخر الكتاب .
2- استدراك ما وسع استدراكه من تصحيح الأخطاء المطبعية ونحوها .
3- إضافة مراجع جديدة .
4- إضافة نقول مهمة .
5- إضافة ألفاظ في : (( المعجم )) حتى بلغت ألفاظه نحو : (( 1250 )) .
إضافة ألفاظ في : (( الملحق )) حتى بلغت ألفاظه نحو : (( 250 )) .
6- فصار الجميع نحو : ((1500 )) لفظ ، وكان مجموعهما في الطبعتين السابقتين نحو (( 800 )) لفظ .
فالحمد لله على توفيقه ، وأسأله – سبحانه – أن ينفع به عباده ، إنه خير مسؤول ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .



وكتب


بكر بن عبد الله أبو زيد (http://www.toratheyat.com/vb/showthread.php?t=10993)


في مدينة النبي r


3/9/ 1416 هـ .

ثروت كتبي
12-03-2012, 07:37 PM
المبحث الأول :
في عِظمِ منزلة حفظ اللسان في الإسلام


أعظم الجوارح اختراقاً للحرمات هو (( اللسان )) في حالتيه :
متلفظاً، متكلماً بمحرم ، أو مكروه ، أو فضول ، وما جرى مجْرى هذه الآفات من: (( حصائد اللسان )) و (( قوارص الكلام)) بدوافع : التعالي، والخِفَّة، والطَّيْش، والغضب ....
وفي حالته ساكتاً عن حقٍّ ، واجب ، أو مستحب ، بدافع : محرم ، أو مكروه ، كالمداهنة ، والمجاملة ، والملاينة ، وربما تحت غِطاءِ : غضِّ النظر ؟ والتَّعقُّل ، وإكساب النفس ميزان الثقل ، والتأني ، ومعالجة الأمور . وهكذا من مقاصد توضع في غير مواضعها ، ونِيَّاتٍ تُبرقع بغير براقعها .
والله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه .
وانظر كيف نهى النبي r المسلمين عن نُسك الجاهلية : (( الصمت طوال اليوم )) وأُمروا بالذكر ، والحديث بالخير .
عن علي – رضي الله عنه – قال : حفظت عن رسول الله r : (( لا يُتم بعد احتلام ، ولا صُمات يوم إلى الليل )) رواه أبو داود بسند حسن .
وما هذا إلا لتوظيف المسلم لسانه في الخير ناطقاً ، وساكتاً . وليحذر من ارتكابه ما نهى الله عنه ، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي r قال : (( إن الله – تعالى – يغار ، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرَّم الله عليه )) [ متفق عليه ] .
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه : (( الجواب الكافي )) : ( 230- 234 ) :
( فصل : وأما اللفظات : فحفظها بأن لا يخرج لفظة ضائعة ، بأن لا يتكلم إلا فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينه ، فإذا أراد أن يتكلم بالكلمة نظر : هل فيها ربح وفائدة أم لا ؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنها ، وإن كان فيها ربح نظر : هل تفوت بها كلمة هي أربح منها ؟ فلا يضيعها بهذه ، وإذا أردت أن تستدل على ما في القلب ، فاستدل عليه بحركة اللسان ؛ فإنه يطلعك على ما في القلب ، شاء صاحبه أم أبي .
قال يحيى بن معاذ : (( القلوب كالقدور تغلي بما فيها ، وألسنتها مغارفها )) فانظر إلى الرجل حين يتكلم فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه ، حلو وحامض ، وعذب وأُجاج ، وغير ذلك ، وبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه ، أي كما تطعم بلسانك طعم ما في القدور من الطعام فتدرك العلم بحقيقته ، كذلك تطعم ما في قلب الرجل من لسانه ، فتذوق ما في قلبه من لسانه كما تذوق ما في القدور بلسانك .
وفي حديث أنس المرفوع: (( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه )) وسئل النبي r عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: (( الفم و الفرج )) قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وقد سأل معاذ النبي r عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره النبي r برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: (( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟)) قال : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسان نفسه ثم قال : (( كف عليك هذا )) فقال : وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : (( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس على وجوههم – أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم )) قال الترمذي : حديث حسن صحيح .
ومن العجب : أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ، حتى ترى الرجل يُشار إليه بالدين والزهد والعبادة ، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقى لها بالاً ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب ؛ وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ، ولا يبالي ما يقول .
وإذا أردت أن تعرف ذلك فانظر فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله r : (( قال رجل : والله لا يغفر الله لفلان ، فقال الله عز وجل : من ذا الذي يتألَّى عليَّ أني لا أغفر لفلان ؟ قد غفرت له وأحبطت عملك )) فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله .
وفي حديث أبي هريرة نحو ذلك ، ثم قال أبو هريرة : تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي r : (( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في نار جهنم )) وعند مسلم : (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب )) .
وعند الترمذي من حديث بلال بن الحارث المزني عن النبي r : (( إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه)) وكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث؟
وفي جامع الترمذي أيضاً من حديث أنس قال : توفي رجل من الصحابة ، فقال رجل : أبشر بالجنة ، فقال رسول الله r : (( وما يدريك ؟ فلعله تكلم فيما لا يعنيه ، أو بخل بما لا ينقصه )) قال : حديث حسن .
وفي لفظ : أن غلاماً استشهد يوم أحد ، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع ، فمسحت أمه التراب عن وجهه ، وقالت : هنيئاً لك يا بني ، لك الجنة ، فقال النبي r : (( وما يدريك ؟ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ، ويمنع ما لا يضره )) .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة يرفعه : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) .
وفي لفظ لمسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمراً فليتكلم بخير أو ليسكت )) .
وذكر الترمذي بإسناد صحيح عنه r أنه قال : (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) .
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ، قال : (( قل آمنت بالله ثم استقم )) قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسان نفسه ، ثم قال : (( هذا )) والحديث صحيح .
وعن أُم حبيبة زوج النبي r عن النبي r قال : (( كل كلام ابن آدم عليه لا له ، إلا أمراً بمعروف ، أو نهياً عن منكر ، أو ذكر الله عز وجل )) قال الترمذي : حديث حسن .
وفي حديث آخر : (( إذا أصبح العبد فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، تقول : اتقِّ الله فينا فإنَّما نحن بك ، فإذا استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا )) .
وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسه في قوله : يوم حار ، ويوم بارد ، ولقد رؤي بعض الأكابر من أهل العلم في النوم فسُئِل عن حاله ، فقال: أنا موقوف على كلمة قلتها، قلت: ما أحوج الناس إلي غيث ، فقيل لي : وما يدريك ؟ أنا أعلم بمصلحة عبادي. وقال بعض الصحابة لجاريته يوماً : هاتي السفرة نعبث بها ، ثم قال : أستغفر الله ، ما أتكلم بكلمة إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا هذه الكلمة خرجت مني بغير خطام ولا زمام أو كما قال .
و أضرُّ حركات الجوارح : حركة اللسان ، وهي أضرها على العبد .
واختلف السلف ، والخلف : هل يكتب جميع ما يلفظ به أو الخير والشر فقط ؟ على قولين ، أظهرهما الأول .
وقال بعض السلف : كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا ما كان من الله وما والاه ، وكان الصدِّيق – رضي الله عنه – يمسك على لسانه ويقول : هذا أوردني الموارد ، والكلام أسيرك ؛ فإذا خرج من فيك صرت أنت أسيره . والله عند لسان كل قائل : {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ قّ:18] .
وفي اللسان آفتان عظيمتان ، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى : آفة الكلام ، وآفة السكوت ، وقد يكون كل منهما أعظم إثماً من الأُخرى في وقتها ؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس ، عاص لله ، مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه . والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ، عاص لله ، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته ؛ فهم بين هذين النوعين ، وأهل الوسط – وهم أهل الصراط المستقيم – كفوا ألسنتهم عن الباطل ، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة ؛ فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة ؛ فضلاً أن تضره في آخرته ، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها ، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به ) انتهى .
وقال أيضاً : ( ص / 145 – 146 ) في نفوذ الشيطان إلى العبد منْ ثغرة اللسان :
( فصل : ثم يقول – أي الشيطان - : قوموا على ثغر اللسان ؛ فإنه الثغر الأعظم ، وهو قبالة الملك ؛ فأجروا عليه من الكلام ما يضره ولا ينفعه ، وامنعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه : من ذكر الله تعالى ، واستغفاره ، وتلاوة كتابه ، ونصيحة عباده ، والتكلم بالعلم النافع ، ويكون لكم في هذا الثغر أمران عظيمان ، لا تبالون بأيهما ظفرتم :
أحدهما : التكلم بالباطل؛ فإن المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن أكبر جندكم وأعوانكم.
والثاني : السكوت عن الحق ؛ فإن الساكت عن الحق أخ لك أخرس ، كما أن الأول أخ ناطق ، وربما كان الأخ الثاني أنفع أخويكم لكم ، أما سمعتم قول الناصح (( المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، والساكت عن الحق شيطان أخرس )) ؟
فالرباط الرباط على هذا الثغر أن يتكلم بحق أو يمسك عن باطل ، وزينوا له التكلم بالباطل بكل طريق ، وخوفوه من التكلم بالحق بكل طريق .
واعلموا يا بني أن ثغر اللسان هو الذي أهلك منه بني آدم وأكبهم منه على مناخرهم في النار ، فكم لي من قتيل وأسير وجريح أخذته من هذا الثغر ؟
وأُوصيكم بوصية فاحفظوها : لينطق أحدكم على لسان أخيه من الإنس بالكلمة ، ويكون الآخر على لسان السامع ؛ فينطق باستحسانها وتعظيمها والتعجب منها ، ويطلب من أخيه إعادتها ، وكونوا أعواناً على الإنس بكل طريق ، وادخلوا عليهم من باب واقعدوا لهم كل مرْصد ، أما سمعتم قسمي الذي أقسمت به لربهم حيث قلت : {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ *ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [ الأعراف:17] ؟ أو ما تروني قد قعدت لابن آدم بطرُقه كلها ، فلا يفوتني من طريق إلا قعدت له بطريق غيره ، حتى أصيب منه حاجتي أو بعضها ؟ وقد حذرهم ذلك رسولهم - r - وقال لهم : (( إن الشيطان قد قعد لابن آدم بطرقه كلها ، وقعد له بطريق الإسلام : فقال : أتُسلم وتذر دينك ودين آبائك ؟ فخالفه وأسلم ؛ فقعد له بطريق الهجرة ؛ فقال : أتهاجر وتذر أرضك وسماءك ؟ فخالفه وهاجر ؛ فقعد له بطريق الجهاد ؛ فقال : أتجاهد فتقتل فيقسم المال وتنكح الزوجة ؟ )) فهكذا فاقعدوا لهم بكل طرق الخير ، فإذا أراد أحدهم أن يتصدق فاقعدوا له على طريق الصدقة ، وقولوا له في نفسه : أتخرج المال فتبقى مثل هذا السائل ، وتصير بمنزلته أنت وهو سواء ؟ أو ما سمعتم ما ألقيت على لسان رجل سأله آخر أن يتصدق عليه ؛ فقال : هي أموالنا إن أعطيناكموها صرنا مثلكم ؟ واقعدوا له بطريق الحج ؛ فقولوا : طريقه مخوفة مشقة ، يتعرض سالكها لتلف النفس والمال ، وهكذا فاقعدوا على سائر طرق الخير بالتنفير عنها وذكر صعوبتها وآفاتها ، ثم اقعدوا لهم على طرق المعاصي فحسنوها في أعين بني آدم ، وزينوها في قلوبهم ، واجعلوا أكبر أعوانكم على ذلك النساء ؛ فمن أبوابهن فادخلوا عليهم ، فنعم العون هن لكم ) انتهى .

ثروت كتبي
12-03-2012, 07:39 PM
المبحث الثاني (1) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22426#_ftn1):

في كَتْبِ الملكين كُلَّ ما يلفظ به اللسان من الكلام


إنَّ أي لفظ ينطق به المرء المكلف ، يدور في واحد من أحكام التكليف الخمسة :
الإباحة ، والوجوب ، والاستحباب ، والحرام ، والمكروه .
ولا خلاف يؤثر في أن جميع ما يتكلم به المرء من خير يؤجر عليه ، واجباً كان أو مستحباً، أو من شر تلحقه تبُعتُهُ محرماً كان أو مكروهاً: أن الملكْين المُوكَّليْن به يكتبانه.
وإنما الخلاف في : (( الكلام المباح )) هل يكتبه الملكان أم لا يكتبانه ؟ على قولين :
والصحيح الذي عليه عامة المحققين : أنهما يكتبانه ، لعموم قول الله - تعالى - : {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ قّ:18] .
فيكتب الملكان كل ما ينطق به الإنسان ، وأما النية الباعثة له ، فلا اطلاع لهما عليها ، فالله يتولاها . والله أعلم .


(1) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22426#_ftnref1) الجواب الكافي لابن القيم : ص/ 234 . السير للذهبي : 9/ 84 .

ثروت كتبي
12-03-2012, 07:40 PM
المبحث الثالث :
في كفارة من فاه بلفظ منهي عنه


القاعدة الشرعية أن من ارتكب منهياً عنه في الشرع المطهَّر فكفارته التوبة منه ، بشروطها المعروفة .
وهذا بجانب ما فرضته الشريعة من كفارات لمن تلبَّس ببعض ما حرم الله ، وذلك في : القتل الخطأ ، والظهار ، واليمين ، والمجامع في نهار رمضان ، والوطء في الحيض ، وكفارة تأخير قضاء رمضان بعد رمضان آخر . في تفاصيل كفارتها المعلومة- أيضاً - في كتب الفقهاء .
ولذا فإن على من فاه بلفظ منهي عنه ، أن يستغفر الله ويتوب إليه منه ؛ لعموم قول الله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [ النور: من الآية31] .
وعلى من وقع فيما نهى الله عنه من نزغات الشيطان ، أن يستعيذ بالله ، فقد أرشد اللهُ عباده إلى ذلك بقوله : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}[لأعراف: من الآية200] .
وقال – سبحانه - : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[ آل عمران:135] .
وقد جاء الإرشاد إلى بعض الكفارات لمن فاه ببعض الألفاظ المنهي عنها كما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي r قال : (( من حلف فقال في حلفه باللات والعزى ، فليقل : لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك ، فليتصدق ))[ متفق عليه ] .

ثروت كتبي
12-03-2012, 07:43 PM
المبحث الرابع :
وسائل حفظ المنطق


يعيش المرء بين السكوت ، والتكلم ، وكل واحد منهما له ثلاث حالات بين الإباحة ، والترغيب بنوعيه : الواجب والمندوب ، والترهيب بنوعيه : المحرم ، والمكروه .
فالسكوت : قد جاءت النصوص في الترغيب في كف اللسان والسكوت ، والصمت عن كل ما لا يعني المرء ، وترك الخوض فيه ؛ لأنه خُذْلان للعبد ، ومقت له من الله – تعالى – وأن اللسان هو أحق الأعضاء بالتطهير ، وطُول السجن ، وخزْنِهِ عما لا ينفع ، وأن مكابدة الصمت سِتْرٌ للجاهل ، وزينة للعالم ، وقلة الكلام مكرمة في الإسلام ؛ إذ اللسان سبُعٌ ؛ من أرسله أكله ، وأن سكوت المرء دائر بين الإباحة ، وبين النهي ، وبين المشروعية ، فالسكوت عن الحق آفة تقابل التكلم بالباطل ؛ يهضم الحق ، ويجلب الإثم ، ويهدم صالح الأعمال .
وهجر الكلام الباطل ، والسكوت عن اللغا ، ورفث التكلم : مكرمة في الإسلام ، مترددة بين الوجوب ، والاستحباب .
وأما الكلام : فقد حفَّهُ الشرع بضوابط ، حتى يسير في طريق المباح ، أو الواجب ، أو المسنون ، وجماع ضوابطه في لزوم : (( الصدق )) و (( العدل )) :
أما (( الصدق في القول )) فقد مدح الله الصادقين وأثنى عليهم ، فقال سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [ التوبة:119] .
وهو قاعدة التعايش بين العباد ، والنصوص في لزومه أكثر من أن تذكر .
وهو سِمةٌ للإنسان مميزة له عن الحيوان ، وفارق بين النبي والمتنبي ، وبين المؤمن والمنافق ، وهو أصل البر ، وعلى الصادق تتنزل الملائكة ، وهو أساس السلوك إلى الله ، والدار الآخرة . وانظر مبحثاً نفسياً عن : منزلة (( الصدق )) في ( الفتاوى : 20 /74- 78 )) .
وأما لزوم العدل بالقول ، فقال تعالى : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: من الآية152] .
(( والأقوال التي ذمها الله في كتابه أكثر من أن تعد كالقول الخبيث ، والقول الباطل ، والقول عليه بما لا يعلم القائل ، والكذب ، والافتراء ، والغيبة ، والتنابز بالألقاب ، والتناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، وتبييت ما لا يرضى من القول ، وقول العبد بلسانه ما ليس في قلبه ، وقوله ما لا يفعله ، وقول اللغو ، وقول ما لم ينزل الله به سلطاناً ، والقول المتضمن للشفاعة السيئة ، والقول المتضمن للمعاونة على الإثم والعدوان ، وأمثال ذلك من الأقوال المسخوطة والمبغوضة للرب تعالى التي كلها قبيحة لا حسن فيها ولا أحسن )) انتهى من (( السماع )) لابن القيم .
وقد حثت الشريعة على طِيب الكلام ، فقال تعالى : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: من الآية88] .
وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم – رضي الله عنه – أن رسول الله r قال : (( اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة )) .
ولهذا كان النبي r يعجبه الفأل ، وتعجبه الكلمة الطيبة .
وللمحافظة على هذا المسلك القويم ، والصراط المستقيم ؛ جاء النهي يتلوه النهي ، والتحذير يتبعه الترهيب ، عن أقوال ، وألفاظ ، وعبارات ، تُكوِّنُ بمجموعها وسائل الشريعة لحفظ المنطق ، وصيانته عن كل لفظ ، محرم ، أو مكروه ، أو الوصول إلى ما يقارب المكروه من فضول الكلام ، ونحوه ، وقد حصل لي بالتتبع جملة صالحة منها ، يُمكن تصنيفها فيما يأتي :
1- في أدب المرء مع ربه – سبحانه - :
أصل الإسلام التلفظ بالشهادتين ، وأن يؤمن المرء بالله ، ويوحده ، ويطيع أمره ، ويجتنب نهيه ، وأن يفرده بالعبادة – سبحانه - .
وفي سبيل ذلك وحمايته :
* النهي عن كل لفظ فيه شرك بالله أو كفر به – سبحانه – أو يؤدِّي إلى أي منها .
* النهي عن دعاء غير الله – تعالى - .
* الهي عن الإلحاد في أسماء الله – تعالى - .
* النهي عن الاعتداء في الدعاء .
* النهي عن الاستسقاء بالأنواء .
* النهي عن القول على الله بلا علم .
* النهي عن الدعاء بالبلاء .
* النهي عن تعبيد الاسم لغير الله – تعالى - .
* النهي عن التسمي بأسماء الله – تعالى – التي اختص بها نفسه – سبحانه - .
* النهي عن الحلف بغير الله .
2- في أدب المسلم مع النبي r :
واجب – والله – توقيره ، وتعظيمه ، ومحبته ، واتباعه - r - .
وفي سبيل ذلك :
* النهي عن نداء النبي -r - باسمه مجرداً .
* النهي عن الغلو والإطراء .
والكلام فيه إجمالاً وتفصيلاً ، مشهور في كتب ومباحث : (( توحيد العبادة )) .
وللحافظ الذهبي- رحمه الله تعالى - كلمات نفيسة ذكرها في كتابه: ((ميزان الاعتدال)) ( 2/650) في ترجمة عبد المجيد بن عبدالعزيز بن روّاد هذا نصها :
( فالغلوُّ والإطراء منهيٌّ عنه ، والأدب والتوقير واجب ؛ فإذا اشتبه الإطراءُ بالتوقير توقف العالم وتورع ، وسأل منْ هو أعلى منه حتى يتبيَّن له الحق ، فيقول به ، وإلاَّ فالسكوتُ واسع له ، ويكفيه التوقير المنصوصُ عليه في أحاديث لا تُحْصى ، وكذا يكفيه مجانبةُ الغلوّ الذي ارتكبه النصارى في عيسى ؛ ما رضُوا له بالنبوَّةِ حتى رفعوه إلى الإلهية ، وإلى الوالدّية ، وانتهكوا رُتبه الرُّبُوبية الصمدِيَّة ، فضلُّوا وخسروا ؛ فإنّ إطراء رسول الله r يؤدّي إلى إساءة الأدب على الرب . نسأل الله تعالى أنْ يعصمنا بالتقوى ، وأن يحفظ علينا حبنا للنبي r كما يرضى ) اهـ .
3- الأدب مع القرآن الكريم :
* النهي عن اللحن في قراءة القرآن الكريم .
* النهي عن تضييع شيء من حروفه وحركاته .
* النهي عن القراءة هذرمة .
4- في أدب المسلم مع الصحابة – رضي الله عنهم - :
* النهي عن سب أحد من الصحب والآل – رضي الله عنهم جميعاً - .
* النهي عن وقوع اللسان فيما شجر بين الصحابة – رضي الله عنهم - .
* ورود النهي عن سب أفراد منهم بأعيانهم ، وأن سبهم كفر .
5- الأدب مع أسماء الشريعة ومصطلحاتها :
* النهي عن تغيير الألفاظ الشرعية (( فتح الباري : 11 / 112 )) .
* النهي عن التعبير بالألفاظ الإسلامية عن المعاني الباطلة (( الفتاوى : 17/333-353 )) .
* النهي عن تغيير الألفاظ الإسلامية بألفاظ أجنبية عنها ، أو فيها تشبه يجلب مصطلحات الكافرين وألفاظهم .
6- الأدب مع العرب :
* النهي عن سبِّ العرب ، وبغضهم .
* النهي عن سبِّ قُريش .
* النهي عن سبًِّ مضر .
* النهي عن سبًِّ ربيعة .
* النهي عن سبًِّ تُبَّع .
* النهي عن سبًِّ ورقة بن نوفل .

7- الأدب مع لسان العرب :
* النهي عن تغيير لسان العرب وشعائرهم في لسانها .
* النهي عن اللحن .
* النهي عن التكلم بغير العربية .
* النهي عن شعائر الكفَّار اللفظية .
8- وفي الأدب مع الوُلاة :
* النهي عن الغلظة لهم في القول .
* النهي عن نقل الحديث إليهم ، إذا لم يَدْعُ إليه جلب مصلحة شرعية ، أو دفع مفسدة.
9- أدب المرء مع نفسه :
* النهي عن تزكية المرء نفسه .
10- وفي أدب الولد مع والديه :
* النهي عن عقوق الوالدين وسبهما .
* النهي المغلظ عن التأفف من الوالدين ، وانتهارهما .
* النهي عن تسمية الولد أباه ، ومثله : أمه ، وشيخه ، ومعلمه ، ومناداتهم بذلك .
* ولا يكني الرجل أباه .
* لا يستغفر الرجل لأبيه المشرك .
11- وفي أدب المرء مع أولاده :
* كان ابن عمر – رضي الله عنهما – يضرب ابنه على اللحن .
* النهي عن سب الولد وشتْمِه .
12- وفي الآداب بين الزوجين :
* النهي عن (( الشِّياع )) وهو : المفاخرة بالجماع ، والتحدث بما يكون بين الرجل وزوجه .
* النهي عن سؤال الرجل فيم ضرب امرأته .
* نهي المرأة أن تخبر زوجها بمحاسن امرأة أخرى .
13- وفي أدب النساء :
* نهي النسوة أن يخضعن بالقول، وترقيق الصوت ، وتمطيطه ، وتنغيمه ، وتحسينه.
* النهي عن هجر القول المعروف .
14- وفي الأذان :
* النهي عن الكلام حال الأذان .
15- وفي الجنائز :
* النهي عن النياحة .
16- وفي باب الأيمان :
* النهي عن الحلف بغير الله – تعالى - .
* النهي عن اليمين الغموس .
* النهي عن كثرة الحلف .
17- وفي الأدب مع الدواب :
* النهي عن سب الدابة ولعنها .
* النهي عن سب البرغوث .
* النهي عن سب الديك .
* النهي عن الضفدع .
18- وفي أدب المسلم مع العوارض والجمادات :
* النهي عن سب الدهر .
* النهي عن الليل والنهار .
* النهي عن سب الريح ، وأن على العبد سؤال الله من خيرها والاستعاذة من شرها .
* النهي عن سب الحُمَّى .
19- وفي الأدب مع الكفار :
* النهي عن التشبه بهم في ألفاظهم .
* النهي عن تكنية المشرك ، ونحوه من ألفاظ التقدير (2) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftn1) .
* النهي عن الانتساب للكفَّار .
20- وفي مجال التشبه :
* النهي عن التشبه بالمشركين في الألفاظ .
* النهي عن التشبه بالأعراب في الألفاظ ، كما في النهي عن تسمية المغرب باسم : العشاء ، وعن تسمية العشاء باسم : العتمة .
* و النهي عن الدعاء بدعوى الجاهلية .
21- وفي أدب المرء مع غيره عموماً :
* النهي عن ذي اللسانين .
* النهي عن التنابز بالألقاب .
* النهي عن التعيير .
* النهي عن إخلاف الوعد .
* النهي عن الكلام زمن الفتنة ، والأمر بالسكوت ولزوم البيوت .
* النهي عن تحلية السلعة بما ليس فيها .
* النهي عن النَّجْش .
* النهي عن حصائد الألسنة ، فيما تقتطعه من الكلام الذي لا خير فيه .
* النهي عن أربى الربا : شتم أعراض المسلمين ، وأن الراوي له : أحد الشاتمين .
* النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم .
* النهي عن شهادة الزور .
* النهي عن الرياء ، والتصنع في القول .
* النهي عن المنِّ والأذى .
* النهي عن انتهار السائل ، والفقير ، واليتيم .
* النهي عن سب المسلم حيّاً أو ميتاً .
* النهي عن استعمال اللفظ المصون في حق الوضيع ، وعكسه .
* النهي عن اللفظ المكروه ، والأمر بإبداله بأحسن منه .
* النهي عن تناجي الرجلين ، ومعهما ثالث وحده .
قال العلماء : حتى ولو كان أصمَّ .
* النهي عن التحدث بكل ما سمع .
* النهي عن التمادح .
* النهي عن التقادح .
* النهي عن الملاحاة ، ويقال : اللحاء ، ويُرْوى : أن كفارته صلاة ركعتين .
* النهي عن مدح الفاسق ، وتسويده .
* النهي عن المراء ، والجدل بالباطل .
* النهي عن مناداة الرجل وتلقيبه بما يكره .
* النهي عن الطعن بالأنساب ، واعتراض المرء في أنساب الناس ، ودعوى النسب الكاذب ، والتبرؤ من نسب وإن دقَّ .
22- في الآداب العامة :
* النهي عن أدوى الأدواء : (( الكذب )) . قال الله تعالى : { وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [ الأنبياء: من الآية18] . فهي لكل كاذب إلى يوم القيامة ، والكاذب أسوأ حالاً من البهيمة العجماء ، فهو مسلوب حقيقة الإنسان ، ولهذا قيل : لا مروءة لكذاب ، فإن المروءة مصدر المرء كما أن الإنسانية مصدر الإنسان .
* النهي عن البُهت – قبَّح الله فاعله - .
* النهي عن الغيبة .
* النهي للمسلم أن يكون : هُمزة ، لُمزة ، غُمزة .
* النهي عن النميمة . وعن (( العِضة )) وهي : النميمة، ونهي الرجل أن يكون (( قتَّاتاً)) ، (( أفَّاكاً )) وعن (( قول الزور )) و (( شهادة الزور )) .
* النهي عن فضول الكلام ، وأنه باب يتسلط منه الشيطان على العبد لينال غرضه منه (3) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftn2) .
* النهي عن كثرة الكلام ، وعن الثرثرة ، وأنها تقسي القلب ، ومنْ كثُر كلامُه كثُر سقطُهُ ، وأن كثرة الكلام : منقصة ، وقلته : محمدة ومكرمة .
* النهي عن قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وفضول الكلام ، وأن البلاء موكل بالنطق .
* النهي عن قول ما لا يفعل ، ومنهم خطباء في الدنيا ، يأمرون الناس ، وينسون أنفسهم .
* النهي عن التأكُّل باللسان .
* النهي عن إملاء الشَّرِّ .
* النهي عن التقعر بالكلام ، والتشدق به ، والتفيهق به ، وعن تخلل المرء بلسانه .
* النهي عن غريب الكلام وحُوشِيِّةِ .
* النهي عن التكلف في القول ، ومنه : منازعة من فوقه .
* النهي عن الأخبار بالأحلام ، وعن قص الرؤيا إلا على ذي وُدٍّ مُعبِّرٍ لها .
* النهي عن (( الشَّجب )) وهو : قول الخنا (4) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftn3) .
* النهي عن الصَّلفِ واللَّسانة .
* النهي عن فحش القول ، والكلام العوراء ، يقولها العبد لا يلقي لها بالاً .
* النهي عن ذرب اللسان ، وبذاءته ، وأن (( الذَّرب )) لعُوْقُ الشيطان .
* النهي عن تمني الموت ، وعن دعاء المرء على نفسه ، وعن الدعاء بالبلاء ، وعن الاعتداء في الدعاء .
* ونهي r عن هُجْر الكلام ، وأنه خرق للستر – نسأل الله السلامة - .
* نهي المسلم عن أن يكون طعَّاناً ، لعَّاناً ، سبَّاباً ، صخَّاباً في الأسواق .
* النهي عن الرفث ، والصخب ، لاسيما للصائم ، والحاج .
* النهي عن التلاعن بلعنة الله .
* النهي عن التمني .
* النهي عن السخرية ، وهي بالقول وغيره .
* النهي عن الاستهزاء .
* النهي عن زخرف القول ، وعن زخرفته .
* النهي عن الافتخار ، ومنه : الفخر بالآباء ، وهو : عُبِّيَّةُ الجاهلية .
* النهي عن تزكية المرء نفسه .
* النهي عن تحدث المرء بما اقترف من الإثم .
* النهي عن إفشاء السِّر .
* النهي عن التحدث بكل ما سمع .
* النهي عن الشعر المقزع ، كهجاء ، أو فحش ، أو كذب ...
* النهي عن الغناء ، وأنه لهو الحديث ، ومزمار الشيطان ، وداعية الزنا ، ورائدة الفجور .
* النهي عن تسمية الخمر بغير اسمها .
* النهي عن التعبير عن الأمور المستحسنة بالعبارات والألفاظ المستقبحة .
النهي عن التعبير عن الأُمور المستقبحة بالعبارة الصريحة ولكن يكني (5) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftn4) .


(2) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftnref1) أحكام أهل الذمة لابن القيم : 2/ 766- 772 .

(3) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftnref2) بدائع الفوائد : 2/ 273 . الداء والدواء .

(4) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftnref3) الجامع ، للبيهقي : 9 / 308 .

(5) (http://toratheyat.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=22428#_ftnref4) الصواعق المرسلة : 2/505 . الفتاوى الحديثية للهيثمي ص / 134 .

ثروت كتبي
12-03-2012, 07:48 PM
المبحث الخامس :

المؤلفات المفردة في المناهي اللفظية



مضى في المقدمة ، أن تأصيل النهي عن الألفاظ المحرمة ، أو المكروهة ، في آيات من القرآن الكريم ، وفي الحديث الشريف ، وأن لسلف هذه الأُمة ، وخيارها ، فضل التنبيه والبيان عن جملة من الألفاظ المنهي عنها ، وبيان مباحثها لدى أهل العلوم الشرعية كافة من المفسرين ، ومحدِّثين ، وفقهاء ، وغيرهم .
والمقصود في هذا المبحث تسمية ما تم الوقوف على ذكره من المؤلفات المفردة في هذا الباب :
وهي على ثلاثة أقسام :
o القسم الأول : مؤلفات في الصمت وآداب اللسان وأحكامه . منها :
1- 3- : كتاب الصمت وآداب اللسان: لابن أبي الدنيا، وابن أبي عاصم، والسيوطي.
4- كتاب : (( حفظ اللسان )) للمحدث يحيى بن سعيد العطار الأنصاري الحمصي ، المتوفى بعد الثلاثمائة . كما في : (( السير للذهبي : 9 / 472 )) .
5- كتاب : (( الهداية والإعلام بما يترتب على قبيح القول من الأحكام )) للأخنائي ، المتوفى سنة (777هـ) . كما في : (( الأعلام للزركلي : 1/63 )) .
6- كتاب : (( فقه الكلمة ومسؤوليتها في القرآن والسنة )) تأليف محمد بن عبدالرحمن بن عوض . طبع بمطبعة التقدم بالقاهرة عام 1399 هـ .
o القسم الثاني : مؤلفات مفردة في واحدة من آداب اللسان ترغيباً ، أو ترهيباً .
مثل التأليف في : الشكر ، والحمد ، والذكر ، والصلاة على النبي r . وفي آفات اللسان ، مثل التأليف في : الغيبة . والنميمة . والكذب . وهكذا .
والمؤلفات في هذا القسم كثيرة لا حاجة بنا هنا إلى تعدادها وتسميتها .
o القسم الثالث : مؤلفات مفردة في ألفاظ منهي عنها .
ومنها :
1- كتاب (( النهي عن اللقب )) لإبراهيم الحربي ، المتوفى سنة ( 285 هـ) . كما في : (( الفهرست لابن النديم : ص/ 231 )) .
وهو أقدم من علمته ألف في هذا القسم .
2- (( النجاة من ألفاظ الكفر )) لعرب شاه سليمان بن عيس البكري الحنفي ، المتوفى سنة (695هـ ) . كما في : (( كشف الظنون : 2/1928 )) .
3- ((لحن العوام فيما يتعلق بعلم الكلام)) لأبي علي السكوني الإشبيلي ، المتوفى سنة (717هـ). طبع في (( 218)) صفحة لكنه على جادة الأشاعرة ، فتعرف فيه وتُنكر .
4- (( رسالة في ألفاظ الكفر )) لابن قطلوبغا .
5- (( الإيضاح التام لبيان ما يقع على ألسنة العوام )) للطيبي، المتوفى سنة (981هـ) . كما في : (( الأعلام للزركلي : 1/91 )) .
6- (( رسالة في ألفاظ الكفر )) لأبي علي محمد بن قطب الدين ، جعلها على ستة عشر نوعاً . كما في : (( كشف الظنون : 1/848 )) .
7- (( رسالة في ألفاظ الكفر )) له . بالفارسية . كما في : (( كشف الظنون : 1/848 )) .
8- (( رسالة في شرح : سبحانك ما عرفناك حق معرفتك )) لمحمد بن قطب الدين ، المتوفى سنة (885هـ ) . كما في : (( كشف الظنون : 1/871 )) . لعله المتقدم فلينظر ؟
9- (( تشييد الأركان في : ليس في الإمكان أبدع مما كان )) للسيوطي . ت. سنة (909هـ ) . كما في : (( كشف الظنون : 1/408 )) .
10- (( تهديم الأركان )) ويُقال : (( دلالة البرهان في : ليس في الإمكان أبدع مما كان )) للبقاعي . كما في : (( كشف الظنون : 1/513 )) .
11- (( تنبيه اليقظان في قول سبحان )) للحجازي .
12- (( رسالة البدر الرشيد في الألفاظ المكفرة )) . لها مخطوطة في دار الكتب المصرية كما في ملحق فهارسها (17/54) ومصورتها في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة . وقد طبعت مختصرة .
13- (( شرحها )) للشيخ ملا علي قاري . وهي في دار الكتب المصرية أيضاً .
14- (( ما شاع بين الناس واشتهر : أن من قال عند التعجب : الله الله : كفر )) لمحمد ابن حمزة .
15- وفي معناها رسالة أيضاً لنوح بن مصطفى الرومي كما في : ((فهارس دار الكتب المصرية : 1/431 )) .
16- (( تنوير الأفهام لبعض مفاهيم الإسلام )) لمحمد بن إبراهيم شقرة ، من علماء الأردن المعاصرين . مطبوعة .
17- (( المناهي اللفظية )) للعلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ، جمعها بعض طلابه من دروسه عام 1415 هـ .
وله – أثابه الله – في الباب تقريرات مهمة ، أُفردت مجموعة منها في رسائل من عمل بعض طلابه ، وكثير منها في : (( المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين )) .
وأكثرها عن حُكْمِ ألفاظ يتداولها العوام .
* وقد عدلت عن ذكر تسمية من استل من كتابي هذا : (( معجم المناهي اللفظية )) فأفرد ما يتعلق بوحدة موضوعية في رسالة ، مع لطافة في الاستلال ، من عزو الفضل لنفسه ، وجلب النار لقرصه . فإلى الله المشتكى والمفزع . والله المستعان .
18- (( تغريب الألقاب العلمية )) لراقمه .
19- (( المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللُّغى )) لراقمه .
أما كتاب : (( أمراض الكلام )) لمؤلفه مصطفى فهمي . المطبوع بمصر عام 1975م ، فهو في الأسباب الجثمانية والنفسية، في عيوب النطق بالكلام ، وبيان الوسائل لعلاجها .
فهو إذاً غير منطوي في سُرادق بحثنا .


والله الموفق .