شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : هجر القرآن


جمانة كتبي
11-30-2012, 08:55 PM
http://up.h-alwakra.com/uploads/802d797649.jpg" alt=""/>

هـجـر الـقـرآن

هجر القرآن أنواع:
أحدها: هجر سماعه، والإيمان به، والإصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به، والوقوف عند حلاله وحرامه، وإنْ قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
والرابع: هجر تدبُّره وتفهُّمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها؛ فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التدواي به.

وكل هذا داخل في قوله: { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً } [الفرقان:30]، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.

وكذلك الحرج الذي في الصدور منه؛ فإنه تارة يكون حرجًا من إنزاله وكونه حقًا من عبد الله. وتارة يكون من جهة المتكلّم به أو كونه مخلوقًا من بعض مخلوقاته ألهم غيره أن تكلم به. وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها، وأنه لا يكفي العباد، بل هم محتاجون معه إلى المعقولات والأقيسة أو الآراء أو السياسات. وتارة يكون من جهة دلالته وما أريد به حقائقه المفهومة منه عند الخطاب، أو أريد به تأويلها وإخراجها عن حقائقها إلى تأويلات مستكرهة مشتركة. وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق، وإن كانت مرادة، فهي ثابتة في نفس الأمر، أو أوهم أنها مرادة لضرب من المصلحة.

فكل هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن، وهم يعلمون ذلك من نفوسهم ويجدونه في صدورهم. ولا تجد مبتدعًا في دينه قط إلا وفي قلبه حرج من الآيات التي تخالف بدعته. كما أنك لا تجد ظالمًأ فاجرًا إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته.

فتدبّرْ هذا المعنى ثم ارضَ لنفسك بما تشاء.




المصدر : كتاب [ الـفـوائـد | للإمام ابن قيِّم الجوزية ] المكتبة العصرية ببيروت – 1432هـ .