شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : ذو القعدة


ريمة مطهر
11-29-2012, 01:45 PM
ذو القَعْدَة


اسم الشهر الذي يلي شوالاً ويسبق ذا الحجة ، وهو الشهر الحادي عشر من شهور السنة وفق التقويم الهجري . وقد سمي بهذا الاسم نحو عام 412 م في عهد كلاب بن مُرَّة الجد الخامس للرسول r . وذو القَعْدَة بفتح القاف وهو المشهور ، وفي لغة قليلة تشيع لدى العامة بالكَسْر . وسمي بذلك لأن العرب كانت تلزم فيه منازلها ، وتقعد فيه عن القتال استعدادًا للحج في ذي الحجَّة . وقيل بل سمي بذلك لقعودهم في رحالهم عن الغزو وعن السفر لابتياع طعامهم وطلب الكلأ . وهذا الشهر أول الأشهر الحُرم الأربعة ؛ ثلاثة سَرْد ( متتابعة ) وهي ذو القَعدة وذو الحجَّة والمحرم ، وواحد فَرْد وهو رجب ، وهي الأشهر التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله ) إن عدةَ الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم (التوبة : 36 . وكانت كل القبائل تَتَقَيَّد بحرمة هذه الأشهر فلا يغيرون فيها على بعضهم بعضًا سوى حيَّيْن هما خَثْعم وطَيِّء . وكان ذو القَعْدَة شأنه كسائر الأشهر الحرم مناسبةً تُقام فيها الأسواق للتجارة ، والشِّعر ، وتبادل المنافع في كل من عُكاظ والمِرْبَد وذي المجاز والمِجَنَّة . أما ذو القعدة فقد كان ينعقد فيه سوق عكاظ بمكة ، وهناك روايتان تختلفان في وقت انعقاده ؛ تقول الأولى إنه كان يعقد فيه من أوّله إلى العشرين منه ، والرواية الأخرى تقول إنه كان يعقد من نصفه إلى آخره ، ثم إذا رأوْا هلال ذي الحِجَّة انصرفوا إلى سوق ذي المجاز . وفي هذه الأسواق كان الرجل يلْقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يهيجه تعظيمًا لحرمة الشهر . وكان يكثر الخلاف على أول ليلة فيه ؛ فقد كان يستحلها حتى أولئك الملتزمون بحرمة الشهر ، وكانوا يسمون الليلة التي لا يدرون أهي من شوّال أم من ذي القَعْدَة الفَلْتَة . وكان الموتورون يسارعون إلى الأخذ بثأرهم خوفًا من أن يتوانوا فيه فإذا كان الغد دخل الشهر الحرام ففاتهم ذلك . ويقال بل كان للعرب في الجاهلية ساعة يقال لها الفَلْتة ؛ وهي آخر ساعة من آخر يوم في شوال يغيرون فيها وإن كان هلال ذي القَعْدَة قد طلع ؛ لأن تلك الساعة تُعدّ من شوال ما لم تغب الشمس . ولربّما رأي قوم الهلال ، ولم يبصره آخرون ، فيُغير هؤلاء على أولئك - على حين غِرَّة - وسُمِّيت فَلْتة لأنها كالشيء المُنْفَلت بعد وثاق ، أنشد ابن الأعرابيّ :
وغارةٍ بين اليَوْمِ واللَّيْلِ فَلْتَةٍ *** تَدارَكْتُها ركْضًا بسيدٍ عَمَرَّدِ

ريمة مطهر
11-29-2012, 01:49 PM
أسماؤه


عرف العرب أربع سلاسل من الأسماء للشهور العربية كانت آخرها السلسلة المستخدمة حاليًا التي استقر الرأي عليها في مطلع القرن الخامس الميلادي على وجه التقريب . ولم تستخدم كل هذه الأسماء في زمن أو مكان واحد ؛ فقد كان للعرب المستعربة أسماء أطلقوها على شهورهم ، وكان للعرب العاربة شهورهم كذلك . والشهور المستخدمة في التقويم الهجري الحالي أسماء الشهور التي وضعتها العرب المستعربة وظلت على ما هي عليه دون تعديل أو تغيير منذ ما يقرب من 19 قرنًا . أما ثمود ، قوم صالح u، فقد كانت لديهم سلسلة أخرى مخالفة لهذه الشهور ، وكانوا يبدأون سنتهم بشهر رمضان ( دَيْمَر) وليس المحرم ( مُوجِب ) ، وأسْموا ذا القَعْدَة ( حَيْفَل ) . قال الشاعر :
ودابِرُ يمضي ثم يُقْبلُ حَيْفَلٌ *** ومُسْبِلُ حَتَّى تمَّ فِيهنَّ أشْهرُ
وعنى بدابر شوال وبمُسْبِل ذا الحجَّة .
ومن الأسماء الأخرى التي أطلقت على ذي القعدة قبل الإسلام بوقت طويل حَرْف ، وهُواع ، ورَنَّة ، والرَّنَّة الصيحة الحزينة أو الصوت الحزين عند الغناء ؛ ولربما كان ذلك لأنه يمثل الوقت الذي يتحركون فيه إلى الحج مغنّين مُلَبّين ، ثم إن حجهم نفسه كان مكاء وتصدية ( صفيرًا وتصفيقًا ) . وقد نظم أحد الشعراء إحدى السلاسل الأربعة من الشهور التي استعملت قبل القرن الخامس الميلادي فقال :
بمُؤْتَمِرٍ وناجِرَةٍ بدأنا *** وبالخَوّان يتبعه الصُّوانُ
وبالزّباء بائدة تليه *** يعود أصَمُّ صَمَّ به السنانُ
وواغِلَةٌ وناطِلَةٌ جميعًا *** وعادلةٌ فهم غُرَرٌ حِسانُ
ورَنَّةُ بعدها بُرَكٌ فتمَّت *** شهور الحَوْل يعقدها البنان

ريمة مطهر
11-29-2012, 01:53 PM
ومن أحداث هذا الشهر

خروج الرسول r فيه من سنة 6 هـ ؛ أي سنة الاستئناس للعمرة ، لكن الكفار منعوه ، ومن ثم تم عقد صلح الحديْبِية الذي كان بعيد النتائج ، وكان فتح مكة من نتائجه . وفي ذي القَعْدَة من العام التالي 7 هـ ؛ أي سنة الاستغلاب كانت عمرة القضاء حسب نص صلح الحدْيِبية . وفي يوم السبت 25 ذي القَعْدة من العام العاشر للهجرة ؛ أي سنة الوداع خرج الرسول r من المدينة إلى مكة لأداء الحج ، ( حجة الوداع ) ولم يحج الرسول r بعدها . ووقعت معركة جلولاء في غُرّة هذا الشهر من عام 16هـ ، وكانت بين المسلمين والفرس ، ويقال إن المتحاربين فيها استعملوا الرماح حتى تقصَّفت والسيوف حتى انْثَنَتْ ولكن المسلمين ثبتوا حتّى كتب لهم النصر .


المرجع
الموسوعة العربية العالمية – الجزء 10 – الطبعة الثانية 1419 هـــ ( 1999 م ) .