شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة شرعية لقفزة فيليكس بومغارتنر


جمانة كتبي
10-31-2012, 08:50 PM
قرآءة شرعية لقفزة فيليكس بومغارتنر !

http://www.elsahefa.com/files/images/ELSAHEFA-16847-2.jpg" alt=""/>



هالة إعلامية واسعة يتردَّد صداها إلى اليوم ، للمغامرة الجوية التي قام بها النمساوي فيليكس بومغارتنر . فقد ذُهل الملايين من أبناء المسلمين بالمغامر النمساوي الذي اخترق جدار الصوت وقفز من حدود الغلاف الجوي وحطم الرقم القياسي لأعلى ارتفاع للقفز الحر بالمظلة . ويمكن قرآءة هذه المغامرة قرآءة شرعية من خلال الوقفات الآتية :

1- الغرب استطاع بجلده وصبره وكفاحه أن يتفوق على أبناء المسلمين في الميادين الحضارية والعلمية ، مع أن جزءاً من تلك الميادين سُرق خلسة من التراث الاسلامي عندما انشغلنا بالفتوحات وتوطيد الحكم الاسلامي .
فالنظريات الفيزيائية والعلمية التي يفخر بها الغرب اليوم في جامعاته، كانت في يوم من الأيام من تاريخنا الذي فرطنا في رعايته وحراسة علومه . فنحن نطالبهم بحقوقنا الفكرية والعلمية التي سلخوها من تراثنا واستثمروها في ديارهم . وبعضنا يردد المثل : الفشل خير من الحسره ! .

2- استثمار الطاقات والأوقات هو الذي قاد الغرب للابداع والاختراع ، فهم لا يتعاملون مع الزمن بعدد الشهور والسنين كحالنا ، بل بقيمة الدقائق والثواني وأجزاء الثواني . فاليوم عندهم ليس 24 ساعه ، بل 1440 دقيقه ، ولكل دقيقة عندهم وظيفه .

3- إنصاف الغرب في تفوقه وتقدمه لا يعني محبتهم والميل إليهم . قال المستورد القرشي وهو عند عمرو بن العاص رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تقوم الساعة والروم أكثر الناس" . فقال له عمرو : أبصر ما تقول! قال : أقول ما سمعتُ من رسول الله .
قال : لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالاً أربعاً : إنهم لأحلَم الناس عند فتنة،وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم . أخرجه مسلم .
وقد قال الله تعالى مثبتاً بعض خصال الخير لأهل الكتاب : "ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤدِّه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤدِّه إليك إلا ما دمت عليه قائماً " (آل عمران: 75 ) .
وكذا أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي بما فيه من خِلال الخير، وهو يومئذٍ على الكفر، فقال لأصحابه: " إن بالحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد , فلو خرجتم إليه، حتى يجعل الله لكم فرجاً" . حسنه الألباني في الصحيحه .
وفي درس بليغ آخر يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم من يهودي نصيحته،فقد روت قتيلة بنت صيفي الجهنية : أتى حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا محمد، نِعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون؟ قال: "سبحان الله! وما ذاك؟قال:" تقولون إذا حلفتم : والكعبة .
قالت: فأمهل رسول الله شيئاً ثم قال: "إنه قد قال [أي حقاً]، فمن حلف فليحلف بربِّ الكعبة" . حسنه الألباني في الصحيحه .
وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول : "اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافراً - أو قال فاجراً - واحذروا زيغة الحكيم، قالوا : كيف نعلم أن الكافر يقول كلمة الحق؟ قال :" إن على الحق نوراً" .

4- لا تجوز المحبة القلبية للكفار في الانجازات العلمية ، حتى وإن كانوا أكبر عقولا منا ،لأن ذلك يقتضي الركون اليهم . قال تعالى : " وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاتُنْصَرُونَ"( هود : 113) .
قال البغوي في تفسيرها : قال ابن عباس رضي اللّه عنهما : ولا تميلوا، والرُّكُون : هو المحبة والميل بالقلب .
ثم إن عندهم من الشذوذ والفساد ما تعجز الأقلام عن وصفه ." فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون " ( التوبه : 55 ) .

5- هذه الفتوحات العلمية والاختراعات العصرية حجة الله على خلقه، كافرهم قبل مؤمنهم . لكن الانسان جحود للحق منكر لعظمة الباري . قال الله تعالى : " ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سُكِّرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون " ( الحجر : 14- 15 ) .

6- تقصير المسلمين في بيان دلائل الايمان ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ، ظاهر في ديار الغرب . فلو علموا أن الله فتح وكشف لنبي الأمة بعض الخوارق الطبيعية كانشقاق القمر والاسراء الى بيت المقدس ثم العروج الى السماء السابعة وغيرها ، لكان لذلك أبلغ الأثر في نفوسهم، ولاستصغروا ما فُتح عليهم من زخرف الدنيا . وقد أسلم كثير من المستشرقين في هذا العصر بسبب دليل قرآني، أبان أسبقية الاسلام في اظهار العلوم الحديثة ، لكن الإنصاف عزيز .

7-يجب على أبناء المسلمين عدم التصفيق لكل حفاوة يحتفي بها الغرب ، فقد خُدع المسلمون كثيرا بمزاعم الصعود إلى القمر، ثم ثبت عكسه . والأهم من ذلك الافادة من مكتسباتهم ومناظرتهم في نظرياتهم وقوانينهم من أجل تلقيح عقول المسلمين .
وقد أنصف ابن القيم ( ت: 751هـ ) رحمه الله تعالى حين قال : "هذه العقول الضِّعاف إذا صادفها الباطل ، جَالَتْ فيه وصَالت ونَطَقت وقَالتْ ، كما أن الخفّاش إذا صادفه ظلام الليل طار وسار ! " . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .




أ/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصه