أحمد كتبي
04-08-2012, 01:59 PM
خالد بن سعيد بن العاص
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، القرشي الأموي . يكنى أبا سعيد ، أمه أم خالد بن حباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة من ثقيف .
أسلم قديماً ، يقال : إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فكان ثالثاً أو رابعاً ، وقيل : كان خامساً . وقال ضمرة بن ربيعة : كان إسلام خالد مع إسلام أبي بكر ، وقالت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص : كان أبي خامساً في الإسلام .
قلت : من تقدمه ؟ قالت : علي بن أبي طالب ، وأبو بكر ، وزيد بن حارثة ، وسعد بن أبي وقاص ، رضي الله عنهم .
وكان سبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار ، فذكر من سعتها ما الله أعلم به ، وكأن أباه يدفعه فيها ، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحقويه لا يقع فيها ، ففزع وقال : أحلف إنها لرؤيا حق ، ولقي أبا بكر رضي الله عنه فذكر ذلك له ، فقال له أبو بكر : أريد بك خير ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه ، فإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار ، وأبوك واقع فيها .
فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجياد فقال : يا محمد ، إلى من تدعو ؟ قال : " أدعو إلى الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ، ولا يضر ولا ينفع ، ولا يدري من عبده ممن لم يعبده " . قال خالد : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه ، وتغيب خالد ، وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ، ولم يكونوا أسلموا ، فوجدوه ، فأتوا به أباه أبا أحيحة سعيداً ، فسبه وبكته وضربه بعصا في يده حتى كسرها على رأسه ، وقال : اتبعت محمداً وأنت ترى خلافه قومه ، وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم ! قال : قد والله تبعه على ما جاء به . فغضب أبوه ونال منه ، وقال : اذهب يا لكع حيث شئت ، والله لأمنعك القوت ، فقال خالد : إن منعتني فإن الله يرزقني ما اعيش به . فأخرجه وقال لبنيه : لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت بخالد . فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يلزمه ، ويعيش معه .
وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج المسلمون إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ، فخرج معهم ، وكان أبوه شديداً على المسليمن ، وكان أعز من بمكة ، فمرض فقال : لئن الله رفعني من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة . فقال ابنه خالد عند ذلك : اللهم لا ترفعه . فتوفي في مرضه ذلك .
وهاجر خالد إلى الحبشة ومعه امرأته أميمة بنت خالد الخزاعية ، وولد له بها ابنه سعيد بن خالد ، وابنته أم خالد ، واسمها أمة ، وهاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد ، وقدما على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين ، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين ، فأسهموا لهم ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم القضية وفتح مكة ، وحنيناً ، والطائف ، وتبوك ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملاً على صدقات اليمن ، وقيل : على صدقات مذحج وعلى صنعاء ، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها .
ولم يزل خالد وأخواه عمرو وأبان على أعمالهم التي استعملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفي رجعوا عن أعمالهم ، فقال لهم أبو بكر : ما لكم رجعتم ؟ ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ارجعوا إلى أعمالكم ، فقالوا : نحن بنو أبي أحيحة لا نعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً . وكان خالد على اليمن كما ذكرناه ، وأبان على البحرين ، وعمرو على تيماء وخيبر ، وقرى عربية ، وتأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه . فقال لبني هاشم : إنكم لطوال الشجر طيبوا الثمر ، ونحن تبع لكم ، فلما بايع بنو هاشم أبا بكر بايعه خالد وأبان .
ثم استعمل أبو بكر خالداً على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام ، فقتل بمرج الصفر في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وقيل : كانت وقعة مرج الصفر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر . وقيل : بل كان قتله في وقعة أجنادين بالشام قبل وفاة أبي برك بأربع وعشرين ليلة ، وقد اختلف أصحاب السير في وقعة أجنادين ، ووقعة الصفر ، ووقعة اليرموك ، أيها قبل الأخرى ، والله أعلم .
أخرجه الثلاثة .
قال الغساني : قرى عربية ، كذا هو غير منون لهذه التي بالحجاز ، كذا قيده غير واحد من أهل العلم .
المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، القرشي الأموي . يكنى أبا سعيد ، أمه أم خالد بن حباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة من ثقيف .
أسلم قديماً ، يقال : إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فكان ثالثاً أو رابعاً ، وقيل : كان خامساً . وقال ضمرة بن ربيعة : كان إسلام خالد مع إسلام أبي بكر ، وقالت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص : كان أبي خامساً في الإسلام .
قلت : من تقدمه ؟ قالت : علي بن أبي طالب ، وأبو بكر ، وزيد بن حارثة ، وسعد بن أبي وقاص ، رضي الله عنهم .
وكان سبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار ، فذكر من سعتها ما الله أعلم به ، وكأن أباه يدفعه فيها ، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحقويه لا يقع فيها ، ففزع وقال : أحلف إنها لرؤيا حق ، ولقي أبا بكر رضي الله عنه فذكر ذلك له ، فقال له أبو بكر : أريد بك خير ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه ، فإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار ، وأبوك واقع فيها .
فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأجياد فقال : يا محمد ، إلى من تدعو ؟ قال : " أدعو إلى الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ، ولا يضر ولا ينفع ، ولا يدري من عبده ممن لم يعبده " . قال خالد : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه ، وتغيب خالد ، وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ، ولم يكونوا أسلموا ، فوجدوه ، فأتوا به أباه أبا أحيحة سعيداً ، فسبه وبكته وضربه بعصا في يده حتى كسرها على رأسه ، وقال : اتبعت محمداً وأنت ترى خلافه قومه ، وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم ! قال : قد والله تبعه على ما جاء به . فغضب أبوه ونال منه ، وقال : اذهب يا لكع حيث شئت ، والله لأمنعك القوت ، فقال خالد : إن منعتني فإن الله يرزقني ما اعيش به . فأخرجه وقال لبنيه : لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت بخالد . فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يلزمه ، ويعيش معه .
وتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى خرج المسلمون إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ، فخرج معهم ، وكان أبوه شديداً على المسليمن ، وكان أعز من بمكة ، فمرض فقال : لئن الله رفعني من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كبشة بمكة . فقال ابنه خالد عند ذلك : اللهم لا ترفعه . فتوفي في مرضه ذلك .
وهاجر خالد إلى الحبشة ومعه امرأته أميمة بنت خالد الخزاعية ، وولد له بها ابنه سعيد بن خالد ، وابنته أم خالد ، واسمها أمة ، وهاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد ، وقدما على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين ، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين ، فأسهموا لهم ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم القضية وفتح مكة ، وحنيناً ، والطائف ، وتبوك ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملاً على صدقات اليمن ، وقيل : على صدقات مذحج وعلى صنعاء ، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها .
ولم يزل خالد وأخواه عمرو وأبان على أعمالهم التي استعملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفي رجعوا عن أعمالهم ، فقال لهم أبو بكر : ما لكم رجعتم ؟ ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ارجعوا إلى أعمالكم ، فقالوا : نحن بنو أبي أحيحة لا نعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً . وكان خالد على اليمن كما ذكرناه ، وأبان على البحرين ، وعمرو على تيماء وخيبر ، وقرى عربية ، وتأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه . فقال لبني هاشم : إنكم لطوال الشجر طيبوا الثمر ، ونحن تبع لكم ، فلما بايع بنو هاشم أبا بكر بايعه خالد وأبان .
ثم استعمل أبو بكر خالداً على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام ، فقتل بمرج الصفر في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وقيل : كانت وقعة مرج الصفر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر . وقيل : بل كان قتله في وقعة أجنادين بالشام قبل وفاة أبي برك بأربع وعشرين ليلة ، وقد اختلف أصحاب السير في وقعة أجنادين ، ووقعة الصفر ، ووقعة اليرموك ، أيها قبل الأخرى ، والله أعلم .
أخرجه الثلاثة .
قال الغساني : قرى عربية ، كذا هو غير منون لهذه التي بالحجاز ، كذا قيده غير واحد من أهل العلم .
المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير