فراس كتبي
02-06-2011, 03:03 PM
كنوز متحف بغداد لا تزال محجوبة عن الأنظار
يظهر إفريز بالمتحف الوطنى بالعراق الملك الآشورى سارجون الثانى الذى حكم امبراطورية، فيما يعد الآن شمال العراق وهو يقتحم متراسا فيما يكدس الجنود الرؤوس المقطوعة أمامه.
ووقعت المنحوتات الحجرية الرائعة ذاتها - وهى من قصر حاكم نهب مدنا- فريسة للسارقين والمخربين بعد نحو 2700 عام عندما ترك الغزو الذى قادته الولايات المتحدة ضد العراق المتحف مفتوحا للسرقة دون رقيب.
وتراجع العنف فى أنحاء العراق إلى أدنى مستوياته منذ أربعة أعوام فى الأشهر الأخيرة وبدأت القطع الأثرية تعود تدريجيا إذ أعيدت نحو ستة آلاف من 15 الف قطعة او نحو ذلك فقدت فى ايام قليلة عام 2003 . لكن السلطات العراقية لن تجازف بإعادة فتح المتحف حتى يستقر ويتوطد الأمن.
وقالت أميرة عيدان مديرة دائرة الثقافة والآثار ومديرة المتاحف "دائما أقول الظرف الأمنى يلعب الدور الأساسى فى فكرة إعادة افتتاح المتحف الوطنى العراقي.. لا يمكن المجازفة بإعادة افتتاح المتحف فى ظرف أمنى قلق. لا يمكن المجازفة مرة أخرى بعرض كنوز ما لدينا من قطع أثرية اذا لم تأتينا ضمانات بأن الوضع الأمنى مستقر فى بغداد وفى المنطقة التى حول منطقة المتحف العراقى 100 فى المئة".
وما أصبح العراق الآن كان موطنا لامبراطوريات شهدت فترات ازدهار وتدهور على مدى آلاف السنين فى "ميزوبوتاميا" وهى مهد لحضارة بين نهرى دجلة والفرات.
ولا تزال إحدى أكبر المجموعات العالمية من كنوز "ميزوبوتاميا" حبيسة الصناديق إلى حد كبير منذ الغزو عندما أظهرت لقطات تلفزيونية عراقيين ينقلون فى مركبات ما تقع عليه أيديهم.
وقالت عيدان "تعتبر جريمة ثقافية من أفظع الجرائم التى مر بها القرن الحديث".
وحتى قبل عمليات النهب عام 2003 تعرضت المواقع التاريخية فى أنحاء العراق إلى النهب مرارا، وجعلت عقوبات الامم المتحدة التى شلت البلاد والفقر المبالغ المالية التى يحصل عليها مهربو الآثار تتفوق على خطر القبض عليهم من جانب قوات الامن فى عهد الرئيس العراقى الراحل صدام حسين.
وكنوع من التعويض على تراجع الامن فى الماضى أصبح الدخول إلى المتحف صعبا حاليا.
وخارج المتحف تختلط المدافع المغطاة بالنقوش والنصوص العربية بأرض مكسوة بالعشب تتناثر فيها القمامة، وكان المدخل الأمامى المصمم على غرار احدى بوابات بابل القديمة مغلقا. ولأشهر بعد الغزو كانت واجهة المتحف تشتهر بوجود فتحة كبيرة ناجمة عن قذيفة دبابة أسفل نحت آشورى لرجال فى مركبة حربية.
وفى الداخل لم يكن معروضا سوى القليل من المقتنيات والتى كان كثير منها مغطى بأكياس بلاستيكية يعلوها التراب، وتعطى الملصقات على الجدران ملمحا عن الكنوز الحبيسة فى الأقبية.
ويظهر إحداها خوذة ملك مزينة بالذهب بشكل رائع صنعت قبل 4400 عام. ويظهر ملصق آخر تاجا مرصعا بالورود الذهبية.
ومن المجوهرات الذهبية الفاتنة المخفية عن الأنظار أيضا كنوز النمرود التى اكتشفت فى شمال العراق، وتعتبر تلك الكنوز إلى جانب مقبرة توت عنخ آمون فى مصر من أهم الاكتشافات الأثرية فى القرن العشرين.
وقالت عيدان إن معظم الدول كانت متعاونة فى اعادة الآثار المسروقة. وعددت جميع جيران العراق باستثناء ايران وتركيا. وأضافت "بعض الدول المجاورة الأخرى مع الأسف لم تبلغ إلى الآن عن حالات تهريب آثار او مسك مهربين على الرغم من المساحات الحدودية الشاسعة التى تربط بينهم".
ومن بين القطع الأثرية التى جرى استعادتها "الموناليزا" السومرية او "سيدة الوركاء" وهى عبارة عن رأس حجرى لسيدة ترجع إلى 5000 عام، وعثر عليها مدفونة فى فناء ببغداد.
ومن بين أسباب استمرار غلق المتحف تجديده فصالات العرض ومجموعها 17 صالة تضررت من سنوات الاهمال وبحاجة لكثير من العمل لاعدادها للاستخدام. وترصد تلك الصالات تاريخ الانسان فى المنطقة التى يوجد بها العراق الان بدءا من ازمنة ما قبل التاريخ مرورا بالحقب السومرية والبابلية والاشورية والتى افرزت حكاما وممالك ذكرت فى القرآن والانجيل والتوراة.
وقالت عيدان إن إعادة اعمار المبنى أصبح جهدا دوليا مضيفة أن العديد من الدول وبينها الولايات المتحدة تبرعت او تعهدت بتقديم الاموال والخبرة. وكان فريق بحث ايطالى من اكبر الجهات التى قدمت اسهامات لاعادة المتحف إلى سابق عهده.
ويعد جناح يضم الفن الاسلامى وآخر مليء بجداريات ضخمة من قصر الملك الآشورى سارجون الثانى الصالتين الوحيدتين اللتين شارفتا على الاكتمال. لكن حتى فى الصالة الاشورية يوجد بالسقف آثار اضرار ناجمة عن هطول الأمطار. واغلق المتحف لسنوات منذ عام 1980 بسبب الحروب العراقية مع الغرب وايران.
وقالت مريم رمزى وهى مرشدة سابقة بالمتحف فيما كانت تمر بالردهات الفارغة "افتقد عملى كثيرا كمرشدة اثرية... كان يأتى زوار من المدارس واجانب ايضا." واسترجعت تلك الذكريات وهى غارقة فى دموعها عندما شاهدت آثار النهب. واشارت إلى مكان حيث كسر الناهبون احدى الجداريات التى تصور الملك سارجون الثانى ربما فى محاولة لانتزاعها من على الحائط.
وبالقرب من افريز الملك يوجد رأس مقطوع آخر وهو نحت حجرى ضخم فصله سارقون من تمثال فى بقايا قصر الملك سارجون الثانى عام 1996 . والرأس البشرى كان ملتصق فى وقت من الاوقات بجسم ثور مجنح وهى رموز توضع عادة بشكل مزدوج فى المداخل لصرف الشر وحماية الملوك الاشوريين وممتلكاتهم. ويوجد الرأس الآن على الأرض يشخص فى السقف الذى يسرب المياه.
المصدر : مجلة الآثار
الكاتب : عرب اون لان
يظهر إفريز بالمتحف الوطنى بالعراق الملك الآشورى سارجون الثانى الذى حكم امبراطورية، فيما يعد الآن شمال العراق وهو يقتحم متراسا فيما يكدس الجنود الرؤوس المقطوعة أمامه.
ووقعت المنحوتات الحجرية الرائعة ذاتها - وهى من قصر حاكم نهب مدنا- فريسة للسارقين والمخربين بعد نحو 2700 عام عندما ترك الغزو الذى قادته الولايات المتحدة ضد العراق المتحف مفتوحا للسرقة دون رقيب.
وتراجع العنف فى أنحاء العراق إلى أدنى مستوياته منذ أربعة أعوام فى الأشهر الأخيرة وبدأت القطع الأثرية تعود تدريجيا إذ أعيدت نحو ستة آلاف من 15 الف قطعة او نحو ذلك فقدت فى ايام قليلة عام 2003 . لكن السلطات العراقية لن تجازف بإعادة فتح المتحف حتى يستقر ويتوطد الأمن.
وقالت أميرة عيدان مديرة دائرة الثقافة والآثار ومديرة المتاحف "دائما أقول الظرف الأمنى يلعب الدور الأساسى فى فكرة إعادة افتتاح المتحف الوطنى العراقي.. لا يمكن المجازفة بإعادة افتتاح المتحف فى ظرف أمنى قلق. لا يمكن المجازفة مرة أخرى بعرض كنوز ما لدينا من قطع أثرية اذا لم تأتينا ضمانات بأن الوضع الأمنى مستقر فى بغداد وفى المنطقة التى حول منطقة المتحف العراقى 100 فى المئة".
وما أصبح العراق الآن كان موطنا لامبراطوريات شهدت فترات ازدهار وتدهور على مدى آلاف السنين فى "ميزوبوتاميا" وهى مهد لحضارة بين نهرى دجلة والفرات.
ولا تزال إحدى أكبر المجموعات العالمية من كنوز "ميزوبوتاميا" حبيسة الصناديق إلى حد كبير منذ الغزو عندما أظهرت لقطات تلفزيونية عراقيين ينقلون فى مركبات ما تقع عليه أيديهم.
وقالت عيدان "تعتبر جريمة ثقافية من أفظع الجرائم التى مر بها القرن الحديث".
وحتى قبل عمليات النهب عام 2003 تعرضت المواقع التاريخية فى أنحاء العراق إلى النهب مرارا، وجعلت عقوبات الامم المتحدة التى شلت البلاد والفقر المبالغ المالية التى يحصل عليها مهربو الآثار تتفوق على خطر القبض عليهم من جانب قوات الامن فى عهد الرئيس العراقى الراحل صدام حسين.
وكنوع من التعويض على تراجع الامن فى الماضى أصبح الدخول إلى المتحف صعبا حاليا.
وخارج المتحف تختلط المدافع المغطاة بالنقوش والنصوص العربية بأرض مكسوة بالعشب تتناثر فيها القمامة، وكان المدخل الأمامى المصمم على غرار احدى بوابات بابل القديمة مغلقا. ولأشهر بعد الغزو كانت واجهة المتحف تشتهر بوجود فتحة كبيرة ناجمة عن قذيفة دبابة أسفل نحت آشورى لرجال فى مركبة حربية.
وفى الداخل لم يكن معروضا سوى القليل من المقتنيات والتى كان كثير منها مغطى بأكياس بلاستيكية يعلوها التراب، وتعطى الملصقات على الجدران ملمحا عن الكنوز الحبيسة فى الأقبية.
ويظهر إحداها خوذة ملك مزينة بالذهب بشكل رائع صنعت قبل 4400 عام. ويظهر ملصق آخر تاجا مرصعا بالورود الذهبية.
ومن المجوهرات الذهبية الفاتنة المخفية عن الأنظار أيضا كنوز النمرود التى اكتشفت فى شمال العراق، وتعتبر تلك الكنوز إلى جانب مقبرة توت عنخ آمون فى مصر من أهم الاكتشافات الأثرية فى القرن العشرين.
وقالت عيدان إن معظم الدول كانت متعاونة فى اعادة الآثار المسروقة. وعددت جميع جيران العراق باستثناء ايران وتركيا. وأضافت "بعض الدول المجاورة الأخرى مع الأسف لم تبلغ إلى الآن عن حالات تهريب آثار او مسك مهربين على الرغم من المساحات الحدودية الشاسعة التى تربط بينهم".
ومن بين القطع الأثرية التى جرى استعادتها "الموناليزا" السومرية او "سيدة الوركاء" وهى عبارة عن رأس حجرى لسيدة ترجع إلى 5000 عام، وعثر عليها مدفونة فى فناء ببغداد.
ومن بين أسباب استمرار غلق المتحف تجديده فصالات العرض ومجموعها 17 صالة تضررت من سنوات الاهمال وبحاجة لكثير من العمل لاعدادها للاستخدام. وترصد تلك الصالات تاريخ الانسان فى المنطقة التى يوجد بها العراق الان بدءا من ازمنة ما قبل التاريخ مرورا بالحقب السومرية والبابلية والاشورية والتى افرزت حكاما وممالك ذكرت فى القرآن والانجيل والتوراة.
وقالت عيدان إن إعادة اعمار المبنى أصبح جهدا دوليا مضيفة أن العديد من الدول وبينها الولايات المتحدة تبرعت او تعهدت بتقديم الاموال والخبرة. وكان فريق بحث ايطالى من اكبر الجهات التى قدمت اسهامات لاعادة المتحف إلى سابق عهده.
ويعد جناح يضم الفن الاسلامى وآخر مليء بجداريات ضخمة من قصر الملك الآشورى سارجون الثانى الصالتين الوحيدتين اللتين شارفتا على الاكتمال. لكن حتى فى الصالة الاشورية يوجد بالسقف آثار اضرار ناجمة عن هطول الأمطار. واغلق المتحف لسنوات منذ عام 1980 بسبب الحروب العراقية مع الغرب وايران.
وقالت مريم رمزى وهى مرشدة سابقة بالمتحف فيما كانت تمر بالردهات الفارغة "افتقد عملى كثيرا كمرشدة اثرية... كان يأتى زوار من المدارس واجانب ايضا." واسترجعت تلك الذكريات وهى غارقة فى دموعها عندما شاهدت آثار النهب. واشارت إلى مكان حيث كسر الناهبون احدى الجداريات التى تصور الملك سارجون الثانى ربما فى محاولة لانتزاعها من على الحائط.
وبالقرب من افريز الملك يوجد رأس مقطوع آخر وهو نحت حجرى ضخم فصله سارقون من تمثال فى بقايا قصر الملك سارجون الثانى عام 1996 . والرأس البشرى كان ملتصق فى وقت من الاوقات بجسم ثور مجنح وهى رموز توضع عادة بشكل مزدوج فى المداخل لصرف الشر وحماية الملوك الاشوريين وممتلكاتهم. ويوجد الرأس الآن على الأرض يشخص فى السقف الذى يسرب المياه.
المصدر : مجلة الآثار
الكاتب : عرب اون لان