شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : العزاء .. المدينة المنورة


ريمة مطهر
02-05-2011, 11:47 PM
العزاء .. المدينة المنورة

العادة المتبعة في المدينة كما هو الحال في كثير من المدن الإسلامية أن يحضر الميت إلى المسجد النبوي للصلاة عليه ، في الغالب تؤدى الصلاة على الميت بعد صلاة مكتوبة ، وذلك لوجود عدد كثير من المصلين الذين أدوا الصلاة المفروضة فيدعون للميت بالمغفرة والرحمة ، وبعد ذلك ينقل إلى البقيع على الأعناق ويدفن فيه ، وبعض أهل المتوفى يقف عند القبر ويتلقى التعازي من الحاضرين ، والبعض الأخر يقف عند باب البقيع ، وهناك مظلة وضعت ليقف في ظلها أهل الميت لاستقبال الناس في منزل المتوفى أو منزل أحد أقربائه ، وذلك بأن يصف كراسي في الشارع المؤدي إلى مكان العزاء يجلس عليها أصحاب العزاء يتلقون التعازي من الناس ، حيث يقول المعزي : " عظم الله أجركم " ، ويضع يده على كتف المعزي فيرد بقوله : " جزاكم الله خيراً " ، ثم يدخل المعزى إلى المكان المعد للجلوس فيقدم له فنجان قهوة ، وفي بعض الأحيان يحضر أصحاب العزاء مقرئ يقرأ القرآن بصوت مسموع ، وأحياناً تحضر المصاحف المجزأة ومن دخل إلى المجلس يأخذ جزءاً من القرآن بصوت مسموع ، وأحياناً تحضر المصاحف المجزأة ومن دخل إلى المجلس يأخذ جزءاً من القرآن ويقرأ ما تيسر من القرآن في نهاية الوقت ، وهو في العادة – من بعض صلاة المغرب إلى عند آذان العشاء – تجمع الأجزاء وتقرأ الفاتحة .

يستمر ذلك ثلاثة أيام في العادة أو بعض الناس يزيد في ذلك يوماً واحداً والبعض الآخر يقتصر على يومين ، ثم يعمل الختم حيث يجتمع الناس على ختم القرآن والدعاء للميت وطعام يعرف بيوم الثالث أو يوم قطع العزاء وهو دلالة على أن العزاء قد انتهى ، فلا يحضر أحد إلى منازل أهل الميت للعزاء إلى إذا كان صديقاً وأتى من مكان بعيد .

وهناك عادات أخرى كانت موجودة ، وهي الأربعون ، حيث تعمل وليمة على رأس الأربعين من وفاة الميت فيجمع المعارف لقراءة القرآن والدعاء للميت والترحم عليه ، وبذلك تنتهي العادات التي تتعلق بالعزاء . ومن الملاحظات على هذه العادات أن الولائم التي تعمل خلال فترة العزاء مخالفة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " اعملوا لآل جعفر طعاماً فإنه جاءهم ما يشغلهم " . ومن الجدير بالذكر أن هذه السنة عادت إلى الحياة وأن كثيراً من الناس يقومون بعمل طعام لأضياف أهل العزاء الذين يتجمعون عندهم ، وقد يأتون من أماكن بعيدة والحمد لله .

ومن العادات الحسنة في المدينة : عدم النياحة على الميت . وأن ما يحدث هو بكاء عادي وحزن فطري . كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " العين تدمع القلب يخشع ، ولا نقول إلى ما يرضي ربنا " .

المرجع
أحمد سعيد بن سلم ، المدينة المنورة في القرن الرابع عشر ، ط 1 ، بتصرف .