شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : سور مدينة جدة


م.أديب الحبشي
01-22-2011, 08:24 AM
سور مدينة جدة
أول من تحدث عن سور مدينة جدة الرحالة " ناصر خسرو " في منتصف القرن الخامس الهجري . فذكر أن المدينة محاطة بسور كبير له بابان واحد بجهة مكة والأخر جهة البحر .

ويروي المؤرخين أنه حينما بنى الفرس مدينة جدة حفروا حولها خندق من وراء سورها إمعاناً في الحيطة ( ابن المجاور الدمشقي وتاريخ المستبصر ) ..

ويذكر أن الخندق الذي وصفه ابن المجاور كان مملوء بماء البحر.. وهناك خندق آخر يابساً ليس به ماء من وراء السور بقصد زيادة الدفاع عن البلدة في أوائل القرن الثالث عشر الهجري..

وذكر ابن فهد :
( وحفروا حول البلد خندقاً عظيماً في الوسع والعمق ، وكان يدور ماء البحر حول البلد وهي يومئذ شبه جزيرة في وسط لجة البحر،فلما حصن الفرس البد غاية التحصين وخافوا من ضيقة الماء وعمروا ثمانية وستين صهريجاً داخل البلد ومثلها خارجها . ثم أن الفرس خرجوا منها وبقيت خاوية على عروشها ).

وكان بن فهد قد ذكر في مؤلف آخر : أن بجده رسوم قديمة تدل على قدم اختطاطها ،وانها كانت مدينة كبيرة ، وانها كانت في زمن الفرس ، وأن سلمان الفارسي رضي الله عنه وأهله سكنوها لأنهم كانوا قوماً تجاراً وهو الذين بنوا سورها الأول ، وقيل أن الذي بناه " يزدجر " .. والمشهور أنه من بنيان الفرس إجمالاً ،وأنهم لما بنوه أتقنوا بنائه ، جعلوا عرض الحائط عشرة أشبار ، وجعلوا فيه أربعة أبواب : أحدها " باب الدومة " في جهة الشام ، و " باب المدبغة " في جهة اليمن ، و " باب مكة " من جهة القبلة ، و " باب الفرضة " مما يلي البحر .

ويقول " عمر رضوان كحالة " واصفاً سور جدة بأن : له خمس أضلع منها على البر بطول ( 576 ) متراً ، ومن جهة البحرية ( 675 ) متراً ، والشرقية ( 504 ) متراً والشرقية الجنوبية (810 ) متراً ..
وذكر بأن سعة شوارع جده تتراوح بين ثمانية إلى خمسة عشر متراً.



يتبع

م.أديب الحبشي
01-22-2011, 08:29 AM
آخر بناء للسور
أما آخر بناء للسور فهو الذي عشنا جزء من مجتمعه ، الذي هو محور كتابنا فهو الذي بناه ( قانصوه الغوري ) آخر سلاطين المماليك بمصر .. فقد بعث بالأمير ( حسين الكردي ) إلى جده حاكماً لها وقائداً للجيش ، وجهز معه بعض الجند لدفع ضرر الفرنج في بحر الهند ، ودفع الفتنه الواقعه آنذاك – بجدة .فوصلها عام 912هـ وكان قاسياً متجبراً ظلوم متعطشاً للدماء . يقتل لأتفه الأسباب .. وقد أسرف في إهانته للأهالي وضيق عليهم معيشتهم واستخدم في بناء السور عامة الناس مع كبار وأعيان المدينة إمعاناً في تصغيرهم حتى أنه يروى عنه : بأن أحد الأهالي البنائين حضر متأخراً قليلاً فأمر أن يبنى عليه حياً وقد تم ذلك .. كما هدم الكثير من بيوت الناس القريبة من الموضع ..
ثم توجه إلى الهند لقتال الفرنج ، وأهدر الدماء في اليمن حتى رجع إلى مكة..
وبشكل عام فقد بدأ السلطان الغوري بتحصين جدة عام 912هـ حيث أقامت الحامية المملوكية الأبراح على السور وانتهى من بنائه عام 917هـ بعد تجهيزه بمعدات حربية ومدافع لمواجهة الغزو البحري .وكما ذكرنا فقد بُني السور بخمسة أضلاع تحيط بجده تماما وإرتفاعه أربعة أمتار .
وحين سقط حكم المماليك بدخول مصر تحت الحكم العثماني . بعث الشريف بركات أمير مكة المكرمة بابنه ( أبانمي ) إلى السلطان سليم لدخول الحجاز تحت الراية العثمانية حماية له من الأخطار الخارجية التي تهدده .. عندها أمر السلطان سليم بقتل حسين الكردي لما اقترفه من جرائم وقسوة بحق العباد .. وولى السلطان سليم ( الخواجة قاسم الشرواني ) حاكماً لجدة.
‏وحينما عاد ( أبانمي ) أخذ حسين الكردى مقيداً ومكبلا بالأغلال من مكة المكرمة إلى جدة حيث ربط في قدميه أحجار ثقيلة وألقى به في البحر في موضع يقال له ( أم السمك ) لتأكله الأسماك .
‏وبالعودة إلى السور . . فقد ذكرت دائرة المعارف لبطرس البستاني ( مطبعة بيروت 1883م ) أن لجدة تسعة أبواب ستة منها لجهة البحر . . وأن ارتفاع ‏السور أربعة أمتار، بينما وضع بين كل ( 50 ) ياردة مدفع على البرج .
ومن الأبراج التي أشار إليها المؤرخ البستاني ما نعرفه ويعرفه أقراننا من أهالي جدة عن موقع تلك الأبراج أو بعضها . . وهي ستة أبراج منها : الشامي واليماني وبرجان قبليان واثنان بحريان أذكر منها :
1- برج القلعة.
2 ‏- برج قرب الطابية . . ( خفر السواحل القديمة بجانب البريد ).
3- برج جبخانة ( موقع عمارة باخشب بحارة المظلوم) .
4 ‏- برج يقع جهة مستثفي باب شريف .
ويذكر انه كانت في السابق تنصب المدافع على هذه الأبراج وكان الأهالي
‏يطلقون عليها أسماء متعارف عليها . . فالمدفع الذي في البرج بجهة مستشفي باب شريف مثلا كان يسمى "صرهيد". .
كما كانت توجد حامية خارج السور بشارع الميناء، وموقعها الحالي عمارة . الدهلوى . . وكان للحامية برج عليه مدفع يسمى "الغضبان" .
أما الأبواب التسعة فمنها ثلاث رئيسية وكان المحمل يخرج من باب مكة وباب المغاربة باعتبارها مرتفعة والأبواب هي :



يتبع

م.أديب الحبشي
01-22-2011, 08:33 AM
‏1- باب المدينة ( الباب الشمالي ) وقد أضيف إليه شرق الباب باب جديد بعد دخول السيارات إلى جدة بما يسمح لها بالمرور متعارف الأهالي على تسميته باب جديد .
2- ‏باب شريف ( الباب اليماني ) . وبه البرج الجنوبي الشرقي في موقع مواقف باب شريف سابقاً وأمام مركز شرطة البلد حالياً وهو الجزء الوحيد ‏المتبقي من السور حتى ألان بحالة جيده .
3- ‏باب مكة ( الباب القبلي) أمام سوتى البدو .
4- باب المغاربة ( على البحر) .
5- ‏باب البنط ( الباب البحري) عند مدخل شارع قابل .
6- ‏باب صريف . . . ( موقع عمارة الأمير عبد الله الفيصل بشارع الملك ‏عبد العزيز) .
7- باب النافعة ( أمام البنك الأهلي ).
8 ‏- باب البابور ( البنقلة القديمة ).
9 ‏- باب الطابية وموقعه مقر خفر السواحل سابقاً جنوب المحمل.
‏تبلغ المساحة التقريبية لمدينة جده داخل ‏السور 1.5 كم هذا وقد حمى السور مدينة جده ة باعتبارها أهم ثغر إسلامي من الكثير من ‏الاعتداءات والغزوات فحينما حاول البرتغاليون غزو جدة عام 948هـ
هب أمير مكة آنذاك الشريف ( أبو نمي ) وترك الحج ونزل إلى جدة بجنوده والمتطوعين للمساعدة في الدفاع عن المد ينه . . وقد واجه البرتغاليون مقاومة شديدة فانقلبوا على أعقابهم خاسرين .
‏هذا وكانت الحكومة السعودية قد أمرت بهدم السور سنة 1367هـ حيث صدر في نفس العام مرسوم مملكي بتنظيم عمران جدة فانفتحت جدة على ضواحيها و بدأ يخرج الناس إلى الهنداوية التي أكد لي ابن عمي الشيخ / محمد حسن طرابلسي يرحمه الله الذي كان له ملكا بالهنداوية وكان مفتشا بوزارة المالية في ( السبعينات ) من القرن ( 14هـ ) بأن أول من سكنها هو ( خليل هنداوي ) وليس أخيه ( عبد الرزاق هنداوي) كبير المفتشين بوزارة المالية والذي يروى بأنه كان أول من وضع ميزانية للمملكة بما يجسد براعته في الشئون المالية ، وكذا البغدادية والشرفية والرويس وبني مالك والنزلة . . والواقع أن العمران كان قد حاصر السور من كل جانب مما أفقده مبرر وجوده كما يدعى البعض . .
غير أنني أتساءل شخصيا ما الذي كان يضيرنا لو تم التوسع خارج نطال السور مع الاحتفاظ ببنائه وصيانته وترميمه مثل ما فعلت الكثير من البلاد ؟! . . فهذه القاهرة ، وتلك الرباط تزينهما أسوارهما العتيدة . .
‏هذا ومما يجدر ذكره أنه تم استخدام جزء من ردم السور في إنشاء أول رصيف لميناء جده البحري الحالي ، وكذا ردم مواقع الخندق الذي كان يحيط بالسور، وبعض حفر تجميع الأمطار في الشرفية وبعض الصهاريج في شرق جده . .
‏ولعلك من المهم الإشارة إلى أن الحكومة السعودية كانت في عام 1362هـ قد كلفت شركة ( بيكر ) الاستشارية لتخطيط المدينة وتصميم المشروعات الأساسية منها مثل الميناء البحري والمطار. ثم كلفت شركة ( بكتل) تنفيذها تحت رعاية وزارة المالية .
من جهة أخرى فقد شيد في السنوات الأخيرة باب عند مدخل شارع قابل الغربي كتب عليه اسم باب الفرضة . . غير أن ما عرفته من بعض الأقدمين أنه كان يوجد بعد الموقع الحالي لهذا الباب شرقا ببضعة أمتار باب يسمى باب البلد ولم يكن جزءا من السور وإنما بداخله . وقيل أنه كان بابا ضخما متسعا على جانبيه بابين صغيرين يعلوهما شكل برجين . وكان يعرف عن الباب المذكور كرة النقوش والزخرفة التي كانت تزينه . .أما (الفرضة) فموقعها هو مركز المحمل حاليا ‏.




المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة – لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي – الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)