الكتاتيب في مكة المكرمة في بداية القرن الخامس عشر الهجري
هل توجد كتاتيب في مكة المكرمة في هذا القرن؟

حاولت عدة محاولات للإجابة على هذا السؤال ، منها :
أولاً : الرجوع إلى المصادر التي تحدثت عن التعليم في مكة المكرمة والكتاتيب بالذات – خلال فترة البحث فوجدت عدة أقوال في ذلك منها :
1. لقد دارت عجلة الزمن وحلت رياض الأطفال والمدارس الابتدائية الحديثة محل الكتاتيب .
2. بعد توحيد المملكة العربية السعودية أخذت هذه الكتاتيب في الاختفاء التدريجي وذلك لانضمام طلابها إلى المدارس الحكومية .
3. أن الكتاتيب قد أخذت في التلاشي والانقراض بعد أن أخذت المدارس تزحف عليها وتزيح الكتاب عن مكانه الذي ظل عليه أكثر من اربعة عشر قرناً .

ومن هذه الأقوال نصل إلى النتيجة التالية :
1. أن الكتاتيب أخذت في الانقراض تدريجياً بظهور المدارس في ظل الحكم السعودي .
لم يؤكد أي قول منها وجود كتاتيب في بداية القرن الخامس عشر الهجري مع أن كل هذه الكتب ألفت في هذا الزمن تقريباً .

ثانياً : بعد هذه النتيجة بدأت في البحث عن الكتاتيب في أحياء مكة المكرمة ، وبالذات الأحياء القديمة والتي من المحتمل وجودها فيها ، ووصلت على أنه لا تزال الكتاتيب موجودة في بعض أحياء مكة المكرمة الفقيرة ، والتي أغلب سكانها من الأخوة المهاجرين والمقيمين فيها ، وإن كانت تسمى حالياً مدارس تجاوزاً ، ولكنها في حقيقة الأمر لا تتعدى أن تكون كتاتيب ، ولقد زرت بتاريخ 1/8/1403هـ كتاباً يسمى "مدرسة سليمان خياط" في حارة البلدية أمام مخبز الكعكي في حي المسفلة ، ووجدته مكاناً عبارة عن غرفة متسعة جداً ، اجتمع فيها عدد غير قليل من الطلاب والطالبات أعمارهم لا تتعدى عشر سنوات تقريباً ، ويدرس الأولاد في جهة والبنات في جهة أخرى ، ويقوم بالتدريس فيه ثلاثة معلمين لكل معلم مجموعة من الطلاب مختلفي المستويات ، يدرس لهم القرآن الكريم والتجويد ومبادئ القراءة والكتابة ، وجميع طلاب الكتاب من أبناء المهاجرين من أهالي بورما .

والكتاب في نظامه لا يختلف كثيراً عن أنظمة الكتاتيب التي وجدت في مكة المكرمة خلال القرن الرابع عشر الهجري .

كما يوجد كثير من الكتاتيب والمسماة مدارس ، ولا ينطبق عليها مفهوم المدرسة حديثاً ، لأنها تفتقر إلى كثير من مكوناتها الأساسية ، والوسائل المساعدة للقيام بالعملية التعليمية من إداريين ومبان .

يقول الأستاذ عبد السلام عبد الخالق : توجد حالياً عشرون مدرسة تقريباً في حي قوز النكاسة وهي لأهل بورما ، وهي عبارة عن كتاتيب يدرس فيها القرآن الكريم والتجويد .

ويقول الأستاذ عبد الملك أمجد حسين : كل هذه المدارس عبارة عن كتاتيب يدرس فيها القرآن الكريم والتجويد وبعضها يدرس التوحيد والفقه والحساب والإملاء والخط ، وبعض هذه الكتب من مقررات وزارة المعارف ، وأغلبها يدرس فيها معلم واحد وتتكون من غرفة واحدة ، وهي في مستواها الدراسي لا تتعدى الصف الثاني الابتدائي تقريباً .

ويلحق كل كتاب من هذه الكتاتيب بمسجد يكون مسئولاً عنه ، وغالباً يكون معلم الكتاب هو إمام المسجد .

وجميع هذه الكتاتيب تعتمد في نفقتها على تبرعات المحسنين وبعض الرسوم البسيطة من الطلاب .

هذه الكتاتيب يتشابه نظامها مع نظام كتاتيب الأحياء التي وجدت في مكة المكرمة فيالقرن الرابع عشر الهجري .

المرجع
تاريخ الكتاتيب والمدارس الأهلية بمكة المكرمة
تأليف
فيصل بن عبد الله مقادمي