شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : من مواقف دهاة العرب


جمانة كتبي
09-16-2011, 04:14 PM
من مواقف دهاة العرب



وهب الله بعض الناس قدرة على التخلص في المواقف الصعبة ..!
فمن هؤلاء المغيرة بن شعبة رضي الله عنه .
استعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنهما على البحرين ، فكرهه أهلها فعزله عمر ، فخافوا أن يرده عليهم .!
فقال دهقانهم : إن فعلتم ما أمركم به لم يرده علينا .
قالوا : مُرنا بأمرك .
قال : تجمعون مائة ألف درهم ، حتى أذهب بها إلى عمر ، وأقول إن المغيرة اختان هذا ودفعه إليَّ .
فدعا عمر المغيرة ، فقال : ما يقول هذا ؟
قال : كذب ، أصلحك الله ، إنما كانت مائتي ألف .
فقال : ما حملك على ذلك ؟
قال : العيال والحاجة .
فقال عمر للدهقان : ما تقول ؟
فقال : لا والله ، أصدقنك ، والله ما دفع إليَّ قليلاً ولا كثيراً ، ولكن كرهناه ، وخشينا أن ترده علينا .
فقال عمر للمغيرة : ما حملك على هذا ؟
قال : إنَّ الخبيث كذب عليَّ فأردتُ أن أخزيه (1) .

وعمرو بن العاص رضي الله عنه كان من دهاة العرب .
ومن دهائه أنه لما حاصر غزة ، بعث إليه صاحبها أن أرسل إليَّ رجلاً من أصحابه أكلمه ، ففكر عمرو بن العاص ، وقال : ما لهذا غيري .
فخرج عليه حتى دخل عليه ، فكلمه كلاماً لم يسمع مثله قط ، فقال له : حدثني ، هل أحد من أصحابك مثلك ؟
فقال : لا تسل ، من هواني عندهم بعثوني إليك ، وعرَّضوني لما عرضوني ، ولا يدرون ما يصنع بي .
فأمر له بجارية وكسوة ، وبعث إلى البواب إذا مرّ بك فاضرب عنقه ، وخذ ما معه ، فمرّ برجل من نصارى غسان فعرفه ، فقال يا عمرو كما قد أحسنت الدخول فأحسن الخروج ، فرجع .
فقال له الملك : ما ردَّك إلينا ؟
قال : نظرتُ فيما أعطيتني فلم أجد ذلك يسع مَن معي من بني عمي ، فأردت الخروج ، فآتيك بعضرة منهم تعطيهم هذه العطية ، فيكون معروفك عند عشرة رجال خيراً من أن يكون عند واحد .
فخرج عمرو وهو يتلفت ، حتى أمن قال : لا عدت لمثلها ، فلما كان بعد رآه الملك ، فقال أنت هو ؟
قال : نعم ، على ما كان من غدرك (2) .


(1) السياسة الشرعية ، لابن القيم : ص 37 .
(2) المصادر السابق : ص 38 .



المصدر : كتاب [ جولة في رياض العلماء وأحداث الحياة / د. عمر الأشقر ] ط 6 .