شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : غزوة تبوك .. السيرة النبوية الشريفة


ريمة مطهر
08-24-2011, 05:19 PM
الباب الثالث والعشرون : غزوة تبوك

سبب الغزوة

كان الروم أقوى قوة على وجه الأرض آنذاك .. ولما كان المسلمون قد التقوا معهم في غزوة مؤتة وخرج منها المسلمون بنجاح .. بدأ قيصر في إعداد العدة لغزو المسلمين وكان النبي r قد اعتزل نسائه في تلك الفترة وقد ظن بعض المسلمين أنه طلقهن .
وقد جاءت أخبار القوافل أن هرقل يعد جيشاً عرمرماً قوامه أربعون ألف رجل وأنهم قد بدأوا المسير نحو المسلمين وكان الزمن وقت قيظ وحر شديد وبعد دراسة متأنية أعلن رسول الله r لأصحابه أن يتجهزوا للقتال وبعث لأهل مكة يستنفرهم ونزلت عليه جزء من سورة براءة تحثهم على القتال فقام الصحابة يتجهزون ولم يتخلف أحد إلا الثلاثة الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز كما تسابق المسلمون في الصدقة والعطاء حيث تصدق عثمان بن عفان t بقافلة كاملة كان قد جهزها للتجارة في الشام وعددها مئتا بعير كما نثر ألف دينار في حجر الرسول r فقال : " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم " ثم زاد في الصدقة حتى بلغ مقدار صدقته تسع مائة بعير ومائة فرس ، وتصدق عبد الرحمن بن عوف وجاء أبو بكر بماله كله وجاء عمر بنصف ماله وكذلك بقية الصحبة ولم يبخل بماله إلا المنافقين ..
قال تعالى : ]الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ .. [( التوبة ) وتجهيز عشرة آلاف من المسلمين للقتال .. ولم يكن الجيش مجهزاً تجهيزاً كاملاً فكان كل ثمانية عشر رجلاً معهم بعير واحد وربما أكلوا الشجرة وقد سمي هذا الجيش جيش العسرة .
وقد مر الرسول r في طريقه بالحجر .. ديار ثمود فقال : " لا تشربوا من مائها ولا تتوضأوا منه للصلاة وما كان من عجين فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئاً " وامرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها ناقة صلاح عليه السلام .. وكانوا يجمعون الظهر والعصر والمغرب والعشاء .
وصالح رسول الله r بعض القبائل في الطريق وأخذ منهم الجزية .. وأيقنت القبائل التي كانت تعتمد على الروم أن سادتها الأقدمين انتهوا فانقلبوا لصالح المسلمين .
وقد وصل الجيش إلى تبوك فعسكروا هناك وخطب فيهم رسول الله r خطبة بليغة ..
وبعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجندل في أربع مائة وعشرين فارساً وقال له : " إنك ستجده يصيد البقر " فلما وصل خالد إلى حصنه رآه يطارد بقرة كما أخبره رسول الله r فأخذه إلى رسول الله r فحقن دمه وصالحه .. وهكذا توسعت حدود الدولة الإسلامية حتى لاقت حدود الرومان .
حيث عاد بها الجيش الإسلامي المظفر لم ينالوا كيداً وكفى الله المؤمنين القتال .. وحدث في هذه الغزوة أن ظهر نفاق بعض المنافقين واضحاً .. حيث همّ بعضهم أثناء عودة الجيش أن يلحقوا برسول الله r ويفتكوا به فلحقوه .. فبعث حذيفة بن اليمان فضرب وجوه رواحلهم بمحجن معه فأرعبهم فعادوا للجيش .. وأخبره رسول الله r بأسمائهم فلذلك كان حذيفة يُسمى بصاحب سر رسول الله r وقد استغرقت الغزوة خمسين يوماً وهي آخر غزواته أنه r وقد تخلف بعضٌ وثمانون من المنافقين وثلاثة من المؤمنين وهم كعب بن مالك ، مرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية ، وبعد عودة الرسول r بدأ المنافقون في الاعتذار .. أما الثلاثة فقد صدقوا الله فأمر الرسول r بمقاطعتهم ومكثوا خمسين ليلة وأمرهم الرسول r أن يعتزلوا نساءهم قال تعالى : ]وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[(التوبة : 118 ) وفرح المسلمون فرحاً شديداً .
وبعد هذا الغزوة توفي النجاشي فصلى عليه الرسول r صلاة الغائب وصلى على رأس المنافقين عبد الله بن أبي بعد أن حاول عمر منعه وقد أنزل الله U بموافقة رأي عمر .

المرجع
السيرة النبوية الشريفة مختصر لكتاب : " الرحيق المختوم " لمؤلفه الشيخ / صفي الرحمن المباركفوري
إعداد : عبد الله بن سعيد الزهراني ، الطبعة الأولى ، 1427 هـ – 2006 م