شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : زوجة أيوب عليه السلام


ريمة مطهر
02-03-2011, 10:26 PM
زوجة أيوب عليه السلام
( الزوجة الوفية )

زوجة نبي اللَّه أيوب عليه السلام الذي ضُرب به المثل في الصبر الجميل ، وقُوَّة الإرادة ، واللجوء إلى اللَّه ، والإرتكان إلى جنابه .

أهم ملامح شخصيتها
زوجة صابرة أخلصت لزوجها ، ووقفت إلى جواره في محنته حين نزل به البلاء ، واشتد به المرض الذي طال سنين عديدة ، ولم تظهِر تأفُّفاً أو ضجراً ، بل كانت متماسكة طائعة .

نعم الله تعالى على أيوب عليه السلام
كان أيوب عليه السلام مؤمناً قانتاً ساجداً عابداً لله ، بسط اللَّه له في رزقه ، ومدّ له في ماله ، فكانت له ألوف من الغنم والإبل ، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران ، وأرض عريضة ، وحقول خصيبة ، وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته ، ورعاية أملاكه ، ولم يبخل أيوب عليه السلام بماله ، بل كان ينفقه ، ويجود به على الفقراء والمساكين .

الإختبارات الربانية
أراد اللَّه أن يختبر أيوب عليه السلام في إيمانه ، فأنزل به البلاء ، فكان أول ما نزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه ؛ حيث احترق الزرع وماتت الأنعام ، ولم يبق لأيوب عليه السلام شيء يلوذ به ويحتمي فيه غير إعانة الله له ، فصبر واحتسب ، ولسان حاله يقول في إيمان ويقين : (عارية اللَّه قد استردها ، ووديعة كانت عندنا فأخذها ، نَعِمْنَا بها دهراً ، فالحمد لله على ما أنعم ، وَسَلَبنا إياها اليوم ، فله الحمد مُعطياً وسالباً ، راضياً وساخطاً ، نافعاً وضاراً ، هو مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ، ويُعز من يشاء ويُذل من يشاء ) . ثم يخرُّ أيوب عليه السلام ساجداً لله رب العالمين .

ونزل الإبتلاء الثاني ، فمات أولاده ، فحمد اللَّه أيضاً وخّر ساجداً لله ، ثم نزل الإبتلاء الثالث بأيوب عليه السلام فاعتلت صحته ، وذهبت عافيته ، وأنهكه المرض ، لكنه على الرغم من ذلك ما ازداد إلا إيماناً ، وكلما ازداد عليه المرض ؛ ازداد شكره لله .

وتمر الأعوام على أيوب عليه السلام وهو لا يزال مريضاً ، فقد هزل جسمه ، ووهن عظمه ، وأصبح ضامر الجسم ، شاحب اللون ، لا يقِرُّ على فراشه من الألم . وازداد ألمه حينما بَعُدَ عنه الصديق ، وفَرَّ منه الحبيب ، ولم يقف بجواره إلا زوجته العطوف تلك المرأة الرحيمة الصالحة التي لم تُفارق زوجها ، أو تطلب طلاقها ، بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها ، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها ، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً . لم تشتكِ من هموم آلامه ، ولا من مخاوف فراقه وموته . وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنةً ، تعمل بعزم وقوة ؛ لتطعمه وتقوم على أمره ، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .

موقفها مع زوجها
مع أن الشيطان كان يوسوس لها دائماً بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب عليه السلام ، ولم يرتكب ذنباً أو خطيئة ؟ فكانت تدفع عنها وساوس الشيطان وتطلب من الله أن يُعينها ، وظلت في خدمة زوجها أيام المرض سبع سنين ، حتى طلبت منه أن يدعو اللَّه بالشفاء ، فقال لها : كم مكثت في الرخاء ؟ فقالت : ثمانين . فسألها : كم لبثتُ في البلاء ؟ فأجابت : سبع سنين . قال : أستحي أن أطلب من اللَّه رفع بلائي ، وما قضيتُ منِه مدة رخائي . ثم أقسم أيوب عليه السلام حينما شعر بوسوسة الشيطان لها أن يضربها مائة سوط ، إذا شفاه اللَّه ، ثم دعا أيوب عليه السلام ربه أن يكفيه بأس الشيطان ، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب ، قال تعالى : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ) [ ص : 41 ] .

فلما رأى اللَّه صبره البالغ ، رد عليه عافيته ؛ حيث أمره أن يضرب برجله ، فتفجّر له نبع ماء ، فشرب منه واغتسل ، فصح جسمه وصلح بدنه ، وذهب عنه المرض ، قال تعالى : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ . وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب ) [ ص : 41 – 43 ] .

رحمة الله تعالى بها
ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ عليه السلام أن يأخذ حزمة بها مائة عود من القش ، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه ، جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه قال تعالى : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) [ ص : 44 ] .

المصدر
موسوعة الأسرة المسلمة

ريمة مطهر
09-02-2011, 09:28 PM
في ذكر النساء الصالحات
رحمة
بنت أفرائيم بن يوسف عليه السلام بن يعقوب عليه السلام بن إبراهيم الخليل عليه السلام وهي زوجة أيوب عليه السلام بن موهب بن تاريخ بن روم بن العيص بن إسحاق عليه السلام بن إبراهيم الخليل عليه السلام وأم أيوب عليه السلام بنت لوط عليه السلام . وتزوج أيوب عليه السلام رحمة وله حشمة وأموال وبغل وبقر وغنم وخيل وبغال وحمير ، وله خمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة ولد . وبعثه الله رسولاً لما بلغ من العمر أربعين سنة إلى أهل البثنية من الجولان من بلاد دمشق والجابية .

وذكر في " الجامع " قوله تعالى : ( وأيُّوبَ إذْ نادى ربَّهُ أنِّي مسَّنيَ الضُّرُّ وأنتَ أرحمُ الرَّاحمينَ ) وكان نبياً مرسلاً صاحب أنعام وحرث وأولاد ، فابتلاه الله بذهاب كلها ، وهلاكها ، ثم ابتلاه بجسده فلم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما ربه ويقال : إنها احتاجت فصارت تخدم الناس من أجله ، وقوله تعالى : ( فاستجبنا لهُ فكشفنا ما بهِ منْ ضرٍّ وآتيناهُ أهلهُ ومثلهمْ معهمْ ) بإحياء من مات من أولاده ، أو أعطاه مثلهم من أولاده ، قيل : إنه قيل له : إن أهلك في الجنة إن شئت أتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك فيها ، وعوضناك مثلهم في الدنيا ، فاختار الثانية .

وذكر في كتاب " كشف الأسرار " : لما قصدت رحمة زوجة أيوب أن تقطع ذوائبها فعرف أيوب ذلك ، حلف غضباً لله تعالى لان امرأته كانت محرمة وطلبت قطع ذوائبها ، فأبى وحلف ، ولذلك لما عوفي [ قال ] له تعالى : ( وخذْ بيدكَ ضغثاً فاضربْ بهِ ولاَ تحنثْ ... ) ثم أمطر الله عليه جراراَ من ذهب ، وذلك عوضاً عن البلاء الذي أصاب جسمه ، ولم يسلم سوى لسانه وقلبه .

وذكر في " المدارك " في تفسير قوله تعالى : ( ... وآتيناه أهله ومثلهم معهم ... ) وروي ، أن أيوب عليه السلام وكان له من البنين سبعون ، ومن البنات سبعة ، وله ثلاث آلاف بعير ، وسبعة آلاف شاة ، وخمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ، فابتلاه الله بذهاب أولاده وماله ، وتمرض في بدنه ثماني عشرة سنة ، أو ثلاث عشرة سنة ، أو ثلاث سنين ، فقالت له امرأته رحمة يوماً : لو دعوت الله عز وجل فقال لها : كم كانت مدة الرخاء ? فقالت : ثمانين سنة ، فقال : أنا أستحي من الله أن أدعوه ، وما بلغت من بلائي مدة رخائي ، فلما كشف الله عنه أحيا أولاده ورزقه مثلهم معهم .

وذكر في " الإتقان " : قال ابن أبي حيثمة : كان أيوب عليه السلام بعد سليمان عليه السلام وابتلي وهو ابن سبعين سنة ومدة بلائه سبع سنين ، وروى الطبري ، أن مدة عمر أيوب ثلاث وتسعون سنة .

وذكر في " كشف الأسرار " : اختلف في مدة بلائه . [ و ] روى ابن شهاب عن انس رضي الله عنه يرفعه : " أنَّ أيُّوبَ لبثَ في بلائهِ ثماني عشرة سنة " وقال وهب : ثلاث سنين لم يزد يوماً ، وقال كعب : سبع سنين ، وقيل : سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام .

وذكر في كتاب " البستان " أن أيوب عليه السلام تزوج ليا بنت يعقوب عليه السلام وقيل : رحمة بنت ابن يوسف ، وهو الأصح . وقيل : إن رحمة بنت ميشا ابن يوسف عليه السلام وذكر في " تاريخ ابن الوردي " ناقلاً عن " الكامل لابن الأثير : أن أيوب عليه السلام بن موص بن رازج بن عيص بت إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام وكان صاحب أموال عظيمة ، وكانت له البثنية من أعمال دمشق ملكاً ، وكانت زوجته رحمة ، فابتلاه الله في جسده وكانت وتقوم بنفسها وبه ، ولأنها قطعت ضفائرها ، وحلف لئن عافاه الله ليضربنها مائة سوط ، ولما أراد الله كشف البلاء عنه عجزت رحمة . في ذلك اليوم عن القوت فباعت ضفيرتها من امرأة برغيفين من الخبز ، وأتت إلى أيوب وأخبرته فقال عند ذلك : ( ... أنِّي مسَّنيَ الضُّرُّ وأنتَ أرحمُ الراحمينَ ) قال تعالى : ( فاستجبنا لهث فكشفنا ما بهِ منْ ضرٍّ ... ) فأرجل جبرائيل فبشره وأخذه بيده وأقامه ، وأنبه الله له عيناً من تحت قدميه ، فشرب منها ، فشفي من جميع ما في بدنه من العلل ، ثم اغتسل فيها فخرج كأحسن ما كان ، ورد الله عليه ضعف ما فقد له من الأموال ، ورد إليه أهله وأولاده ، ورد إلى زوجته رحمة حسنها وجمالها ، وولدا لأيوب ستة وعشرين ولداً ذكراً . ومنهم : بشر وهود والكفل عليه السلام .

ولما عوفي أيوب أمره الله أن يأخذ عرجوناً من النخل فيه مائة شمراخ فيضرب به زوجته ضربة واحدة ليبر في يمينه ففعل كذلك وكان أيوب عليه السلام نبياً في عهد يعقوب عليه السلام في قول بعضهم .

وذكر في " التحفة " لابن حجر : أن الرسول من البشر ذكر حر ، أكمل معاصريه غير الأنبياء عقلاً وفطنةً ، وقوة رأي ، وخلق معصوماً ، ولو من الصغيرة سهواً ، ولو قبل النبوة على الأصح . سليم من دناءة أب ، وخنا أم وإن عليا ، ومن منفر كعمى وبرص وجذام .

وذكر في " المصابيح " قال صلى الله عليه وسلم : " بينا أيُّوُب يغتسلُ عرياناً فخرَّ عليهِ جرادٌ من ذهبٍ ، فجعلَ أيُّوبُ يحتثي في ثوبهِ ، فناداهُ ربُّهُ : يا أيوبُ ، ألمْ أكنْ أغنيتكَ عمّا ترى ? قال : بلى وعزتك ، ولكن لا غنى بي عن ركبتك " .

وماتت رحمة في حياة أيوب عليه السلام وقيل : عاشت بعده قليلاً ، وماتت ودفنت بأرض الشام . والله أعلم .

المرجع
الروضة الفيحاء في أعلام النساء – ابن الخطيب العمري