شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : غزوة أحد وما قبلها .. السيرة النبوية الشريفة


ريمة مطهر
08-17-2011, 12:03 AM
الباب الثاني عشر : غزوة أحد وما قبلها

الغزوات قبل أحد

بعد موقعة بدر الكبرى التي نصر الله فيها عبده ورسوله محمد r والمسلمين . كان هناك أربعة فئات تريد الانتقام من المسلمين وتتربص بهم وهم المشركون من قريش وغيرهم واليهود وفرقة المنافقين وفرقة رابعة هم البدو الضاربون حول المدينة الذين كان همهم السلب والنهب وقد حدثت العديد من الغزوات والمؤامرات بعد موقعة بدر ، ومنها غزوة بني سليم ومؤامرة لاغتيال النبي r من عمير الجمحي وصفوان بن أمية ، ومنها غزوة السويق والغزوة التي قتل فيها كعب بن الأشرف والذي كان من أشد اليهود حقداً على الإسلام ، وكان له حصن شرق المدينة فكان يهجو المسلمين وقد قتله محمد بن مسلمة t ثم غزوة بحران ، ثم سرية زيد بن حارثة وهي للاستيلاء على عير قريش .

ريمة مطهر
08-17-2011, 12:04 AM
غزوة أحد

بعد الهزيمة النكراء للمشركين في بدر .. كانوا يحترقون غيظاً وقد اتفقوا على تنظيم حرب شاملة على المسلمين وفتحوا باب التطوع من الأحابيش وكنانة وأهل تهامة حتى جهزوا ثلاثة آلاف مقاتل وأخذوا معهم النساء وهو خمس عشرة امرأة وثلاثة آلاف بعير وقائدهم أبو سفيان بن حرب .
وقد وصل استعداد المشركين وجيشهم للمسلمين في المدينة فكانوا مستعدين وكان لا يفارقهم سلاحهم حتى في الصلاة ، وعندما اقترب الجيش المكي من أسوار المدينة خرج الرسول r وأصحابه لملاقاتهم وقد كان يرغب في البدء التحصن في المدينة .. وقد قسم جيشه إلى ثلاثة كتائب ، الأولى كتيبة المهاجرين وأعطى لواءها لمصعب بن عمير ، والثانية كتيبة الأوس ويقودها أسيد بن حضير والثالثة كتيبة الخزرج ويقودها الخباب بن المنذر وكان عدد جيش المسلمين ألف مقاتل ، وخرج الرسول r حتى وصل جبل أحد فعسكر هناك .

ريمة مطهر
08-17-2011, 12:12 AM
تمرد عبد الله بن أبي وأصحابه

في هذه الأوقات الحرجة تمرد عبد الله بن أبي زعيم المنافقين وانسحب بثلث المعسكر " 300 مقاتل " .. وقال : ما ندري علام نقتل أنفسنا ، وكان يهدف لإحداث بلبلة في صفوف المسلمين ، وقد كاد ينجح في تحقيق غرضه فقد كادت فرقتان من الأوس والخزرج أن تفشلا ولكن الله تولاهما وحاول بعض الصحابة أمثال عبد الله بن حرام تذكير هؤلاء المنافقين بواجبهم في هذه الظروف الصعبة وحثهم على الرجوع وقال : تعالوا قاتلوا أو ادفعوا ولكن دون فائدة ، وبعد هذا التمرد واصل الرسول r بنحو 700 مقاتل سيره حتى وصل أحد وبدأ r يجهز الجيش فاختار خمسين مقاتلاً من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير الأوسي وأمرهم بالتمركز على جبل من الجهة الشمالية " جبل الرماة " ، جنوب شرق معسكر المسلمين وعلى بعد 150 متراً من مقر الجيش الإسلامي وقال لقائدهم : " انضح الخيل عنا بالنبل ، لا يأتوننا من خلفنا ، إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك لا تؤتين من قبلك " ، وقال للرماه : " احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا غنمنا فلا تشاركونا " وتم تعبئة بقية الجيش المسلم وقد نفث فيهم الرسول r روح البسالة وقال : " من يأخذ هذا السيف بحقه " ؟ فقال عدد من أصحابه : نحن حتى قال أبو دجانة : وما حقه يا رسول الله ؟ قال r : " أن تضرب به وجه العدو حتى ينحنى " ، قال : أنا آخذه بحقه يا رسول الله وقد كان رجلاً شجاعاً وله عصابة حمراء فلما أخذ السيف جعل يتبختر بين الصفين فقال r : " إنه لمشية يبغضها الله إلا في هذا المواطن " ، وقد حاولت قريش بث الفرقة بين جيش المسلمين وطلبوا من الأنصار أن يخلوا بينهم وبين والنبي r فرفضوا ، وكان لنساء قريش دور في تحميس الجيش المكي وضرب الدفوف وتحريك المشاعر وكان وقود المعركة مبارزة بين طلحة بن أبي طلحة حامل لواء المشركين والزبير بن العوام من جيش المسلمين حيث قتله الزبير فكبّر المسلمون وأثنى رسول الله r على الزبير وقال : " أن لكل نبي حوارياً ، وحواريي الزبير " .
واستمرت المبارزة حتى قتل ستة من المشركين من سيف طلحة بن أبي طلحة وجميعهم حملوا لواء المشركين وخرج أبو دجانة فكان لا يجد أحداً من المشركين إلا قتله ، وكان حمزة بن عبد المطلب يقاتل قتال الأبطال ... فترصده وحشي بن حرب ويقول : لم يكن لي في الحرب ولكن جبير بن مطعم قال لي : لو قتلت حمزة فأنت عتيق ، فكنت أتابع حمزة وكنت بارعاً في رمي الرمح فرميته بالحربة فوقعت في ثنيته وأحشائه وتركته حتى مات .. ولم أقتل أحداً غيره .
وقد تمكن المسلمون من السيطرة على هذه الخسارة القادمة .

ريمة مطهر
08-17-2011, 12:14 AM
غسيل الملائكة

ومن أبطال هذه المعركة حنظلة بن أبي عامر وقد كان حديث عهد العرس فلما سمع هاتف المعركة وهو على امرأته انخلع منها ومن أحضانها وقام للجهاد وقاتل المشركين حتى قُتل ... وقد دارت رحى المعركة وهنا حاول خالد بن الوليد قائد فرسان المشركين تحطيم جناح المسلمين الأيسر وهم الرماة دون قائده وهكذا ظل الجيش الإسلامي رغم قلة عدده يسيطر على المعركة حتى خارت قوى المشركين .

ريمة مطهر
08-17-2011, 12:17 AM
غلطة الرماة الفظيعة

عندما شاهد الرماة المسلمين يأخذون غنائم العدو غلبت عليهم أثارة من حب الدنيا فقال بعضهم لبعض : .. الغنيمة .. الغنيمة .. أما قائدهم عبد الله بن جبير فقد ذكّرهم بأوامر رسول الله r ولكن الأغلبية منهم لم تسمع له وغادرت الجبل ( 40 منهم غادروا ) وهكذا ظلت ظهور المسلمين خالية ولم يبق منهم إلا عبد الله بن جبير وتسعة من الرماة وهنا انتهز خالد بن الوليد هذه الفرصة فدار حول الجبل وأباد عبد الله بن جبير ومن معه ثم انقض على المسلمين من خلفهم وصاح في أصحابه المشركين فأسرعت امرأة من قريش هي عمرة بنت علقمة فرفعت لواء المشركين وكان على التراب فالتف حوله المشركون وأحبط المسلمون حيث وضعوا بين شفتي رحى وكان رسول الله r في مفرزة مع تسعة من أصحابه وقد فوجئ بهذا التطور حيث فرّ بعضهم وتركوا القتال .. ووقع القتل في المعسكرين وعمت الفوضى المسلمين وألقى بعضهم أسلحته فمر بهم أنس بن النضر وقال : ما تنتظرون ؟ فقالوا : قُتل رسول الله r . فقال : وما تصنعون بالحياة من بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله r ، ونادى ثابت بن الدحداح في قومه وقال : يا معشر الأنصار إن كان محمداً قد مات فإن الله حي لا يموت ، فنهض نفر منهم .. وبهذا عادت الروح المعنوية للمسلمين وكانت هناك طائفة لم يكن همهم إلا رسول الله حيث التفت هذه الطائفة حوله r وطوقته وفي مقدمتهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهم .. حيث جرى قتال عنيف مع المشركين وهؤلاء التسعة الذين كانوا يحمون رسول الله r وقد مات واستشهد منهم سبعة وقد كانت أحرج ساعة في حياة الرسول r حيث تحلق عليه المشركون ورماه عتبة بن أبي وقاص بالحجارة وأصيبت رباعيته اليمنى والسفلى ، وكُلِمَتْشفته السفلى وتقدم إليه عبد الله الزهري فشجه في جبهته وجاء عبد الله بن قمئة وضرب على عاتقه بالسيف .. ثم ضرب الرسول r على وجنته وهو يقول : خذها وأنا ابن قمئة .. فقال رسول الله r : " قمأك الله " ، وقد جاء أن ابن قمئة عندما عاد من المعركة نطحه تيس من أعلى جبل ، وقد اشتد غضب رسول الله r على قومه بعد أن أسالوا دمه ثم مكث ساعة فقال : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " .
وقد كان سعد بن أبي وقاص يرمي النبل ويحمي رسول الله r وقد استبسل طلحة بن عبيد الله في الدفاع عن رسول الله r وقد شلت يده ، وقال عنه الرسول r : " من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله " ، وفي هذه المعركة أنزل الله نصره على رسوله r والمسلمين حيث جاء في الصحيحين عن سعد أنه قال : رأيت الرسول r يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه ، عليهما ثياب بيض كأشد القتال وما رأيتهما من قبل وفي رواية يعني جبريل وميكائيل .
وتضاعف تواجد المسلمين حول رسول الله r حيث عالجوا أجراحه وأخرجوه وقد سقط في حفرة حفرها أبو عمر الفاسق ، فجحشت ركبتاه واحتضنه طلحة بن عبيد الله حتى استقوى قائماً وقد قام المسلمون ببطولات نادرة وخاصة طلحة .. ومن النساء قاتلت أم عمارة وقد ضربها ابن قمئة بالسيف وضربته عدة ضربات وقد أصابها بجروح ، وكان يحمل لواء المسلمين مصعب بن عمير قد قُطعت يده اليمنى فحمل اللواء باليسرى فقُطعت فضمه إلى صدره حتى قُتل فحمل اللواء علي بن أبي طالب . . وقد استطاع الرسول r أن يشق الصفوف حتى أقبل عليه أصحابه فعرفوه ثم أخذ r في الإنسحاب المنظم حيث لحقهم أبي بن خلف وهو يقول : أين محمد لا نجوت إن نجا .. فلما دنا من الرسول r تناول r الحربة من الحارث بن الصمه ثم رماه بها فطعنه طعنة فتدخرج من على فرسه ، فقال : قتلني محمد ، فمات عدو الله ، وكان يخور مثل الثور .. وهو الوحيد الذي قتله الرسول r .

ريمة مطهر
08-17-2011, 12:20 AM
تشويه الشهداء

قام المشركون في نهاية المعركة وخاصة النساء بالتمثيل بقتلى المسلمين ، ويقطعون الآذان والأنوف ، والفروج ، ويبقرون البطون ، وقد بقرت هند بنت عتبة بطن حمزة وأخذت كبده ولاكتها .. فلم تستطع بلعها واتخذت من الآذن خلاخل وقد قام نساء المؤمنين مثل عائشة وأم سليم بأخذ الماء لجرحى المسلمين .. وفي نهاية المعركة صاح أبو سفيان وقال : لنا العزى ولا عزى لكم .. فرد المسلمين وقال الرسول r : " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " . فتوجه المشركون إلى مكة عائدين .
وقد قام الصحابة بتفقد القتلى والجرحى فوجدوا فيهم " قزمان " وقد قاتل المشركين قتال الأبطال وقتل منهم ثمانية فبشره المسلمون بالجنة فقال : والله ما قاتلت إلا عن أصحاب قومي ولولا ذلك ما قاتلت – فلما اشتد به الجرح قتل نفسه فقال عنه r : " إنه من أهل النار " ، وكان من بين الشهداء – مخيريق – وهو من اليهود وقد قال لقومه : يا معشر يهود إنكم تعلمون إن نصر محمد عليكم حق ، قالوا : اليوم السبت . فقال : لا سبت لكم ، فأخذ سيفه وعدته وقاتل المشركين وقال : إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما يشاء ، فقاتل حتى قُتل فقال رسول الله r : " مخيريق " خير يهود " وقد تم دفن الشهداء بملابسهم ودمائهم وكانوا يدفنون الرجلان في القبر ويقدمون صاحب القرآن .. وفقدوا نعش حنظلة فوجدوه في ناحية بعيدة فأخبر رسول الله r إن الملائكة تغسله فلما سألوا زوجته أخبرتهم الخبر وهنا سمي غسيل الملائكة وقد بكى الرسول r عندما رأى ما حلّ بعمه وأخيه من الرضاعة حمزة وكان منظر الشهداء محزناً ثم صفّ الرسول r أصحابه وقال : " استووا حتى اثني على ربي U " فأثنى على ربه وسأله النعيم المقيم ..
وقد اتفقت معظم الروايات إن قتلى المسلمين كانوا سبعين أغلبيتهم من الأنصار أما قتلى المشركين فقد كانوا سبعة وثلاثين .. وعند عودة المسلمين للمدينة باتوا يحرسونها بقيادة الرسول r .

ريمة مطهر
08-17-2011, 12:22 AM
غزوة حمراء الأسد
خرج رسول الله r في اليوم الثاني لمعركة أحد ليلحق بالمشركين حتى بلغوا حمراء الأسد على بعد ثمانية أميال من المدينة وقد كان ما توقعه r فبعد أن وصلوا للروحاء على بعد ست وثلاثين كيلاً من المدينة أراد المشركون العودة للمدينة وقتل ما فيها من المسلمين ولكن رأيهم تفرّق وقد أقام r ثلاثة أيام بحمراء الأسد ويروي بعض المؤرخين إن غزوة حمراء الأسد هي جزء من غزوة أحد ومن فوائد هذه المعركة أنها أظهرت المنافقين كما أن تأخير النصر كان هضماً للنفوس وكسراً لشماختها وحصول الشهادة لعدد من المسلمين .
المرجع
السيرة النبوية الشريفة مختصر لكتاب : " الرحيق المختوم " لمؤلفه الشيخ / صفي الرحمن المباركفوري
إعداد : عبد الله بن سعيد الزهراني ، الطبعة الأولى ، 1427 هـ – 2006 م