شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الاتجاه الفكري لمدرسة الباوهاوس علي الفن الحديث


د.نجاة مكي
07-16-2011, 08:14 PM
الاتجاه الفكري لمدرسة الباوهاوس علي الفن الحديث

إن التقدم العلمي هو أساس التقدم الحضاري المعاصر والسبب المباشر والرئيسي وراء وصول الإنسان إلي فرض سيطرته علي الكثير من الظواهر الطبيعية والمفيدة ، كما تبين ذلك وبكل وضوح في الإنجازات التكنولوجية الهامة التي تميز عالم اليوم ، وعند التتبع لحركة الفن الحديث والمعاصر يمكن أن نرصد ملامح تأثرهما بالعلم الكثير ،إن فنان العصر الحديث فى بداية القرن العشرين تمتع بنوع من الحرية أثرت علية مثل بعض التطورات التى ظهرت فى المجتمع الأوروبى من أنتشار الأشتراكية والحركات التحررية و الأهتمام بتقديس الفردية مما ادى الى تحرر الفنان من التقاليد الفنية وابتعادة عن الواقعية الموضوعية وعدم التقيد باشكال المرئيات والوانها ، وقد تميز ذلك العصر باندفاع غير عادى راء كل جديد وغريب كما نشأت فكرة العودة الى البساطة الموجودة فى الفنون البدائية ، فظهرت الرسوم أكثر تبسيطا بل قد وصلت عند بعض الفنانين الى أستخدام خط خارجى فقط يعبر عن الشكل كما أتجة آخرون الى إظهار التجسيم من خلال حركة الخط وسمكة واتجاهة وكثافة لونة حيث أتخذ اشكالا متعددة منها المائل والمنحنى والمستقيم والمتداخل مع خطوط آخرى أى أنصب الأهتمام بالمعنى على الخط وما بة من تعبيرات ، كذلك شهد مطلع القرن العشرين تحطيم الأشكال الطبيعية وتحريفها وبرزت هذة الفلسفة فى مذاهب بعض المدارس مثل الوحشية والتكعيبية والتعبيرية والمستقبلية ، ويعتبر الفنان (هنرى ماتيس 1869-1954 ) من أهم الشخصيات التى قادت الحركة الوحشية مع مجموعة من زملائة فظهرت فى أعمالهم التى عرضت فى صالون الخريف بباريس (1904) المعالجة اللونية والشكلية ،وأستخدام القيم الزخرفية من خلال التوافق الفنى للتكوين وكذلك عن طريق علاقات الألوان وما بها من شدة وكثافة لونية ، كما أهتموا بالبناء المسطح والضوء المتجانس والميل الى التبسيط فى رسم الأشكال والعناصر وقد جاء ت التسمية لأعتماد الفنان فى معالجة اللوحة على الألوان الصاخبة والتعبير بتلقائية مطلقة عن انفعالاتة وأحاسيسة .

أما أتباع المدرسة التكعيبية فقد حاولوا أستقراء الحقائق المطلقة للأشكال والعناصر عن طريق اللجوء الى الأشكال الهندسية كالمربعات والدوائر والمثلثات والأهتمام بالظلال و التركيز على الشكل بالمرتبة الأولى و أعتمدوا على الخط الهندسى فظهرت العناصر فى أعمالهم على هيئة اسطوانية أو كروية كما ظهرت الأشكال الهندسية الأخرى كالمربع والمستطيل وذلك من خلال التلاعب بالخطوط واتجاهاتها وحركاتها أى أن هذة المدرسة أتخذت من الأشكال الهندسية أساسا لبناء العمل الفنى ، أما اللون فانة جاء فى المرتبة الثانية ، ومن أهم أهداف التكعيبية التركيز على الأشكال والعناصر وتحديدها بخطوط هندسية واضحة وصريحة ، ويعتبر الفنان ( بابلو بيكاسو ) هو الأساس فى تبني أستمرار هذة الحركة وتطويرها لفترة طويلة .

أما المدرسة التعبيرية فقد أدت الى إطلاق حرية التعبير الفنى للفنان باختيارة الأشكال والعناصر الملائمة لأحساسة وشعورة وادراك الأشكال وتصويرها ... وأهم ما ركزت علية هوالآفصاح بلغة الأشكال والآلوان والأحجام عن قيم فنية يحس بها الفنان و يريد أن ينقل من خلالها مشاعرة الى الآخرين ، وكذلك الأهتمام بالضوء والظل فى العمل الفنى ، وارتبطت بانفعال الفنان وشعورة الداخلى ، ، ولهذا جأت الأعمال الفنية ذات قيم تعبيرية عن ردود انفعالات الفنان وأفكارة ناحية موضوع ما ، كما ظهرت فى الأعمال الفنية معاناة الفنان فى تكوين وتكثيف التعبير الذى ينشدة من خلال معالجتة للقيم التشكيلية من إيقاع واتزان وتناسب عن طريق الأشكال والفراغات والفاتح والغامق الى غير ذلك من العناصر الأخرى .

أما الحركة المستقبلية فهى محاولة الفنان مسايرة التطور العلمى فى المجتمع ومسايرة العصر والتركيز على إنسان معاصر حديث وكانت نتيجة الأبحاث التجريبية التى قام بها الفنانون فى العصر الحديث حول تطوير العمل الفنى ليواكب المجالات الأخرى أن قدم هؤلاء الفنانون كما هائلا ومتنوعا من الأعمال الفنية ذات القيمة التشكيلية العالية... وما زال العطاء مستمرا حتى اليوم حيث تطالعنا أعمالهم دائما بما هو جديد ومبتكر وقد أستفاد الفنان من نتاج التطور العلمى والتكنولوجى فى تشكيل أساليب فنية متنوعة وثرية مما أتاح لة فرصة التعبير الحر بشكل أوسع بعيدا عن قيود توظيف الخامات والأدوات التقليدية التى كانت سائدة من قبل وأصبح النتاج الفنى لتلك الأعمال الحديثة متنوعا تنوعا شديدا ، وتعتبر مدرسة ( الباوهاوس ) من المدارس الفنية

الحديثة التى أعتمد روادها ومؤسسيها علي أستخدام الخامات الجديدة والتكنولوجيا الحديثة لتى كان وما يزال لها تأثير قوي علي مدارس الفن المعاصر في جميع أنحاء العالم حيث أستخدمت تقنيات جديدة أثرت تأثيرا كبيرا فى مجالات الفن بصورة ملفتة مثل الفوتومونتاج والفوتوجرام والفوتوغرافيا ، وأستخدامها في أعمال الفن مثل تصميم الملصقات الدعائية وأغلفة الكتب وغيرها وقد أسسها المعماري" والتر جروبيوس" عام (1919) في مدينة (فايمار) الألمانية وكان الهدف من إنشائها العمل علي توحيد كل أشكال ومجالات النشاط الفني التشكيلي من نحت وتصوير وزخرفة وفنون تطبيقية، وإعادة تنظيمها ووضعها في منظومة واحدة تحت لواء فن العمارة ، وقد أنتجت لنا فكرا جديدا في الفن قائم علي الحرف اليدوية ،حيث تم أستبدال المراسم التقليدية بالورش التي تشمل مواد وخامات مثل : النسيج ، والخزف،والتصوير الحائطي والدهانات وديكور المسرح ،وطلاء الجدران، والزجاج المعشق وأعمال المعادن ، وتجليد الكتب ،والطباعة، والتصوير الشمسي، وكان يقوم بالتدريس بها حرفيون مهرة يعملون إلي جانب الطلاب ، وقد ضمت هذة المدرسة مجموعة من الفنانين والحرفيين والمصممين بهدف خلق تواصل بين الشكل والوظيفة أي بين الجميل والتطبيقي ، وإلي جانب الدراسة العملية في الورش كان هناك منهج أكاديمي آخر، بمعني أن العملية التعليمية لمدرسة الباوهاوس كانت تعتمد علي مدخلين ، أحدهما يهتم بالدراسة والتجريب في المواد والتقنيات المتصلة بها ، والآخر يُدرّس فيه الفورم والأشكال في المرسم، وكان هذا المدخل يعتمد في استراتيجيته وتنفيذه منذ البداية علي خبرات ابداعية منهم الفنان بول كلي – وكاندينسكي وغيرهم وأعتمد أسلوب الدراسة بها على العمل الجماعى ، وتعويذ التلاميذ على الأسترخاء والتأمل فى فترات معينة كانت ضمن برنامج دراسى ثابت مما أدى الى زيادة قوة التركيز والملاحظة وزيادة الأنتاج الفنى .

بقلم الدكتورة / نجاة مكي
تم عرض الموضوع فى مجلة بنت الخليج سابقا