شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : القرية .. أسماء مكة المكرمة


ريمة مطهر
07-06-2011, 08:37 PM
القرية


أول قرية تنشأ على وجه الأرض ، فهي سكن أبونا آدم u ومن بعده خلق كثير ، حتى جاء الخبر لإبراهيم u لينتقل إليها وأهله ، ويقيم فيها من ذرية إسماعيل u حتى تقوم الساعة ، القرية التي ولد بها خير البشر وخاتم النبيين وهادي الضالين بأمر من رب العالمين سيدنا أجمعين محمد r .
وإن كان المقصود بالقرية هو وادي إبراهيم u الذي كان منشأ للقرية الجديدة بعد تهدم الكعبة بسبب الطوفان في عهد نوح u ، ونشوء السلالة الشريفة من ذرية إسماعيل u مع ما كان هناك من القبائل مشاركين في عمارة القرية كجرهم وبعد ذلك خزاعة ، ومن ثم نشأت بعد قصي بن كلاب قبيلة قريش ، كأعظم قبيلة عرفتها البشرية ، لسببين أولهما أنهم من سلالة أنبياء ، وثانيهما لأن منها خرج خير الخلق محمد r .
وفي القرآن ورد ذكر اسم القرية مرتين في سورتي النساء والزخرف ، دلالة على توافق الاسم والصفة على مكة في ذلك الوقت ، وإن كان المقصود الكعبة وما حوله في وادي إبراهيم u وما بين الأخشبين ، وبإجماع المفسرين للقرآن أن القرية في الآيتين المقصود منها مكة حماها الله .
قال تعالى : " وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً " [النساء : 75] .
وفي تفسير الآية كما جاء في كتاب زاد المسير في علم التفسير لجمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي : قوله تعالى : " وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ " ، قال الفراء : تقديره : وفي المستضعفين ، وكذلك روي عن ابن عباس .
وقال الزجاج : المستضعفون في موضع خفض ، والمعنى في سبيل الله ، وسبيل المستضعفين ، أي : ما لكم لا تسعون في خلاص هؤلاء ؟ قال ابن عباس : وهم ناس مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا ، و" القرية " : مكة في قول الجماعة .
وفي قول الله تعالى : " وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ " [ الزخرف : 31 ] وتفسير الآية كما جاء في كتاب تفسير اللباب في علوم الكتاب لأبي حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني : هذا نوع آخر من كفر آبائهم ، وهو أنهم قالوا : منصب الرسالة منصبٌ شريفٌ فلا يليق إلا برجل شريفٍ ، وصدقوا في ذلك ، إلا أنهم ضموا إليه مقدَّمة فاسدة ، وهو أن الرجل الشريف عندهم هو الذي يكون كثير المال والجاه ، ومحمد ليس كذلك ، فلا تليق رسالة الله به ، وإنما يليق هذا المنصب برجل عظيم الجاه ، كثير المال ، يعنون الوليد بن المغيرة بمكة ، وعروة بن مسعود الثقفي بالطائف ، قاله قتادة . وقال مجاهد : عتبة بن ربيعة من مكة وعبدُ ياليل الثقفي من الطائف .
وعن ابن عباس t هو الوليد بن المغيرة من مكة ، ومن الطائف حبيب ابن عمرو بن عمير الثقفي ، وقيل : من إحدى القريتين ، وقيل : المراد عروة بن مسعود الثقفي كان بالطائف وكان يتردد بين القريتين فنسب إلى كليهما .
وفي كتاب المعجم الوسيط ( القرية ) المصر الجامع وكل مكان اتصلت به أبنية واتخذ قرارًا وتقع على المدن وغيرها .
وفي كتاب لسان العرب لابن منظور : القرية من المساكن والأبنية والضِّياع وقد تطلق على المدن .
وفي معنى آخر للقرية جاء في كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري ، وتحقيق د . حاتم صالح الضامن ، جزء (2) ص (82) : قال أبو بكر القرية معناها في كلام العرب الموضع الذي يجتمع الناس .
وجاء في كتاب الكليات لأبي البقاء الكفومي ، وتحقيق عدنان درويش – محمد المصري ص (1170) : القرية الأبنية التي تجمع الناس من قولهم قريت الماء في الحوض إذا جمعته في القاموس المصر الجامع في العرف الكورة كالبلدة والقرية اسم للعمران .
وجاء في كتاب المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي لأحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي ، جزء (2) ص (501) : ( القِرْيَةُ ) هي الضيعة ، وقال في كفاية المتحفظ ( القَرْيَةُ ) كل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قرارًا وتقع على المدن وغيرها والجمع ( قُرَىً ) .
ومما يظهر من المعنى العام كما جاء في المعاجم العربية أن المقصود بتسمية مكة بالقرية ، أي المكان الذي يصله الناس من كل مكان ويلقون القِرى عند أهلها والكرم وهذه عادة أهل مكة من إكرامهم ضيوف بيت الله ، توارثوها كادرًا عن كادر ، ومما رأيناه سعادتهم بذلك وفرحهم بلقاء المسلمين والاهتمام بهم من عهد قريش حتى زمننا هذا .

المرجع
عبد الله بن محمد الأبح الزهراني ، معجم أسماء مكة .